تعرفون ــ يا دام مجد ابائكم الاوائل ــ هوليود( مدينة صناعة السينما الامريكية), انتجت هذه المدينة مجموعة من افلام المغامرات لاقت رواجا كبيرا , واظن ان كثيرا من شبابنا تابعها ؛ سلسلة افلام للكبار والصغار بعنوان (قراصنة الكاريبي ) سلسلة من اربعة افلام يظهر فيها زعيم القراصنة الكابتن (برباروسا ) قرصان بِحار شريرا سفاكا للدماء , واقعا تحت لعنة الذهب لمسحور ، قبطان سفينة “اللؤلؤة السوداء” التي ترفع الرايات السوداء , يقوم بنهب السفن في البحر , وقتل من فيها . وقد تعمدت هوليود تزوير الحقائق التاريخية , خدمة لأجندات امريكية صهيونية . فمن هو الكابتن برباروسا ؟ ومن اين اكتسب هذا اللقب ؟ وما التزوير الذي حصل في تاريخه , والافتراءات الغربية عليه ؟ تعالوا نبدأ القصة من اولها , بعد ان تصلوا على خير الانام :
تناهت الى مسامع السلطان العثماني سليم الاول ــ رحمه الله ــ انباء عن شابين مسلمين من اصل الباني , يجوبان المتوسط بسفينتهما الخفيفة , يطاردان فرسان القديس يوحنا الذين اتخذوا من صقلية مركزا , واخذوا يغيرون منه على الجزر الاسلامية في المتوسط وشمال افريقيا فيعملون باهلها قتلا ونهبا وترويعا , وقد اعجب الخليفة بشجاعتهما ومراوغتهما ومفاجأتهما العدو . اما الشابان : فالأكبر اسمه عروج والثاني اسمه خضر ابنا بحار اسمه يعقوب .
استدعى الخليفة الشابين واسر اليهما واوكل لهما اخطر مهمة في التاريخ , تكاد تكون مستحيلة , يريد انقاذ المسلمين الذين كانوا يعذبون في اقبية محاكم التفتيش في اسبانيا بعد سقوط الدولة الاسلامية فيها . بعد ان وصلته رسائل استغاثة منهم , واصفين اليه الوان التعذيب الذي يتعرضون له لفتنتهم عن دينهم .
ملخص المهمة أن يقوم الشابان بقيادة أسطول إسلامي , والإبحار فيه من أقصى شرق البحر المتوسط في تركيا إلى أقصى غرب المتوسط في الأندلس , و محاربة أساطيل الجيوش الصليبية التي يلقيانها في طريقهما ( من إسبانية وبرتغالية وإيطالية وسفن القديس يوحنا) . ثم الرسو الآمن على الشواطئ الأندلسية , ثم تدمير الحامية البحرية الإسبانية وشل قوة العدو , مع مباغتة الكنائس بصورة مفاجئة , للحيلولة دون هروب القساوسة الكاثوليك ,الذين يعرفون أماكن اقبية التعذيب , ثم تحرير المسلمين , مع مراعاة عدم نقلهم من الأقبية حتى غياب الشمس , لتجنب إصابة الأسرى بالعمى , نتيجة عدم رؤيتهم للشمس منذ سنين . وأخيرا الإبحار الى الجزائر لإسعافهم بأسرع وقت . واوكل اليهما امر اختيار السفن والرجال لتنفيذ المهمة وما يحتاجان من مال .
اختار الشابان السفن والرجال بعناية فائقة , وقاما بتدريب فرقة على التخفي بلباس الاسبان والتسلل الى المدن لتحرير الاسري استخدم الشابان لهذه المهمة36 سفينة برجالها وعتادها . قام الشابان بالمهمة على اكمل وجه , ونجحا في انقاد حوالي سبعين الف مسلم في سبع رحلات , استشهد عروج في احداها وبقي خضر فاكمل المهمة .
كافأ السلطان سليم الاول خضر فاطلق عليه لقب (خير الدين باشا) ــ عرف بعد ذلك في كتب التراث ب ( خير الدين برباروسا) ــ واوكل اليه امر بناء اسطول بحري اسلامي غرب المتوسط في الجزائر لحماية الشمال الافريقي من هجمات الفرنجة , فكون اسطولا اثار الرعب في قلوب الفرنجة على مدى ثلاثة قرون .
في عهد الخليفة سليمان القانوني عينه قائدا عاما للبحرية الاسلامية كلها , وفي 1538م استولى بأمر من السلطان سليمان القانوني على 20 جزيرة من الجزر الواقعة على بحر إيجة ، والتي كانت تابعة لليونان , فإلحاقها بالدولة العثمانية .
امتاز بالقوة والدهاء والإقدام والشجاعة ، صلابة في الجهاد ، مع تصميم وعزم لا يتطرق إليهما أي ضعف ، ونظرة صائبة خاطفة ، لا تكاد تخطئ التقدير ولا التدبير. جهز خير الدين الاسطول الاسلامي واخذ يجوب المتوسط , ويطارد الصليبيين ويمنع اعتداء اساطيلهم على الشمال الافريقي . ولمّا سمع البابا (بولس الثالث) في روما بانتصارات هذا القائد المسلم أعلن من “الفاتيكان” حالة النفير العام في أرجاء أوروبا الكاثوليكية ، فتكوّن تحالف صليبي ضخم من: (جمهورية البندقية – جمهورية جنوا – والسفن الحربية للدولة البابوية – وقراصنة القديس يوحنا) . فاجتمع أكبر أسطول عرفته الأرض في ذلك الوقت مكون من 600 سفينة تحمل نحو ستين ألف جندي ، ويقوده أعظم قائد بحري عرفته أوروبا في القرون الوسطى يدعى (أندريا دوريا) وذلك لإنهاء سيطرة المسلمين على البحر الأبيض المتوسط ، تجهز خير الدين ب 122 سفينة تحمل اثنين وعشرين ألف جندي فقط . والتقى الأسطولان في معركة “بروزة” بالقرب من ميناء بريفيزا غربي اليونان , في (28 من سبتمبر 1538م) ، وبالرغم من تفوق الصليبيين بالعدة والعتاد ، إلا أن خير الدين انتصر انتصارًا كبيرًا ، فدمر الأسطول الأوروبي المتحالف تدميرًا كليًا ، وهرب أسطورتهم "أندريا دوريا" من المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات . خسر الصليبيون في هذه المعركة نصف سفنهم ؛ بين غارقة معطوبة وتم الاستيلاء على 36 سفينة ، بالإضافة إلى 3000 أسير . هذا حسب المصادر الأوروبية التي قيَّدَت أهون الخسائر . إنه يوم من أيام الله ، أكبر معركة بحرية في تاريخ الإسلام بأسره . فأصبحت البحرية الإسلامية العثمانية سيدة البحر المتوسط بلا منازع لثلاثة قرون متَّصلة ، واصبح القائد خير الدين كابوساً يقض مضاجع الفرنجة .
حين ﺃﻋﻠﻨﺖ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻃﻠﺐ ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ القانوني ، فأﺭﺳﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ برباروسا ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺃﺳﻄﻮﻝ ﻛﺒﻴﺮ ﺗﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻣﺭﺳﻴﻠﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺯﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴوﻦ ﻟﻠﻌﺜﻤﺎﻧﻴﻴﻦ ﻟﻤﺪﺓ 5 ﺃﻋﻮﺍﻡ، وﻧﺠﺢ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺩﺣﺮ الإﺳﺒﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﺎﺑﻮﻟﻲ ﻭﺍﻟﺴﺎﺣﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ .
اثار خير الدين هلع وفزع وحقد الفرنجة على هذا القائد المسلم , فاطلقوا عليه لقب برباروسا وهي كلمة ايطالية تعني ( ذو اللحية الحمراء) فصوروه في كتبهم بالقرصان بشع المنظر ضخم الجثة بعين واحدة ولحية حمراء , ويد واحدة وقدم خشبية . فتلقفت هوليود هذه الشخصية واظهرتها في افلامها , وبنفس هذه الهيئة التي ظهرت في كتب الفرنجة , خدمة لاجندات معينة
وبعد ــ ايها السادة الافاضل ــ فاظن ان شبابنا يعوفون برباروسا القرصان الشرير , لص البحار ذو العين الواحدة واليد الواحدة والقدم الخشبية , اكثر من معرفتهم ببرباروسا القائد المسلم الذي ادب الفرنجة , وحطم غطرستهم وسصيطرتهم على البحر المتوسط ’ وحمى الشمال الافريقي من هجماتهم واطماعهم . واصبح بعبعا يهدد اساطيلهم , اين اليوم من البارحة , فاليوم تجوب كل اساطيل البشر البحر المتوسط الا اساطيل بني عرب , اليوم تنتهك شواطئهم وتحاصر موانئهم وهم يسبخون بحمد الغزاوة , فوابربروساه وابربروساه . طابت اوقاتكم
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة