كل النساء في كل الديانات السماوية. يعلمن أن الله كرم المرأة.
من أهم مظاهر تكريم المرأة أنه سبحانه وتعالى فرض عليها الحجاب والخمار وأمر بالستر.
ففي الديانة اليهودية كان اللباس الشرعي للمرأة هو ارتداء الحجاب حبث لا يظهر منها إلا الأنف والعينان، وكانت النساء اليهوديات يغطين رؤوسهن وجوههن، و يظهرن أبدًا في الأماكن العامة دون خمار. وقيل إن الحجاب العبري القديم كان يغطي الجسم كاملا، واعتبروا أن المرأة التي لا تغطي رأسها غير محتشمة وأنها أجرمت في حق نفسها، وإذا خرجت عارية الرأس كاشفة الشعر تغرّم لهذه الجريمة.
جاء في مدراش سفر العدد 5/18 سبب كشف الكاهن شعر المرأة :
" ﻷنّ من عادة بنات إسرائيل أن تكون شعورهن مغطّاة , وبالتالي فإنّه لمّا يَكشف شعر رأسها , يقول لها : لقد فارقتِ سبيل بنات إسرائيل الﻼتي من عادتهن أن تكون رؤوسهن مغطّاة , ومشيتِ في طرق النساء الوثنيّات الﻼتي يمشين ورؤوسهن مكشوفة . "
أما في الديانة المسيحية فكان اللباس الشرعي هو ذلك الذي ترتديه الراهبات اللواتي وهبن حياتهن وكرسنها لخدمة الكنيسة. والذي يتمثل في ملابس فضفاضة لا يظهر منها أي جزء من جسدها أو شعرها. ونرى المثال الأعلى للمرأة المسيحية، السيدة مريم العذراء، تبدو دائمًا في كل صورها وهي ترتدي حجابا أبيضا ناعما، وبها تقتدي الراهبات، فهن يرتدين الحجاب سواء داخل الكنائس او خارجها، وقد منع المسيحيون قديمًا المرأة من أن تخرج عارية الرأس، وإذا خالفت القانون وذهبت الى الكنيسة عارية الرأس تعاقب بقص شعرها؛ حسب ما جاء في رسالة القديس بولس إلى أهل كورنثوس، وهو يرى أن النقاب أو الخمار شرف للمرأة.
ويؤكد تاريخ الكنيسة المبكر على أن عادة ارتداء غطاء الرأس، في روما و أنطاكية وأفريقيا، كانت قاعدة اساسية بالنسبة للكنيسة وهذا ما يسم الفن المسيحي المبكر برسم النساء وهن يرتدين غطاء الرأس. وعلى مدى قرون كانت النساء اﻷوروبيات يلبسن غطاء الوجه خلال الجنازات وخلال فترة الحداد. كما استمرت العادة بتغطية الرأس في العديد من الكنائس اﻷرثوذكسية الشرقية التقليدية وفي بعض الكنائس البروتستانتية عند الصلاة في الكنيسة أو في المنزل.
وقد جاء في رسالة بولس لأهالي كرونثوس 11 حول النساء اللواتي خلعن غطاء الرأس وثار أزواجهن عليهن، يطلب منهن أن يعدن غطاء الرأس: " كل رجل يصلي أو يتنبأ وله على رأسه شيء، يشين رأسه وأما كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطى، فتشين رأسها، ﻷنها والمحلوقة شيء واحد بعينه إذ المرأة، إن كانت ﻻ تتغطى، فليقص شعرها وإن كان قبيحا بالمرأة أن تقص أو تحلق، فلتتغط فإن الرجل ﻻ ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده وأما المرأة فهي مجد الرجل ﻷن الرجل ليس من المرأة، بل المرأة من الرجل وﻷن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل لهذا ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها، من أجل المﻼئكة ."
ونفس الشيء بالنسبة للمرأة المسلمة التي وجدت نفسها بين خيارين:
*النقاب أو الخمار، الذي لا يبدو من خلفه سوى العينين والكفين، وأحيانا تغطى الكفان بقفاز، ويشيع فيه اللون الداكن لأن الألوان الداكنة تساهم في إخفاء محاسن الجسد. وسمي نقابا أو خمارا لأنه يغطي الوجه وسائر الجسد.
*الحجاب وهو لباس شرعي لا يختلف كثيرا عن النقاب والخمار لكن يظهر من خلفه الوجه والكفين. وسمي حجابا لأنه بحجب مفاتن المرأة.
وأول ظهور لكلمة حجاب في الإسلام كان في قوله تعالى: " ياأيها الذين آمنوا ﻻ تدخلوا بيوت النبى إﻻ أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا وﻻ مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله ﻻ يستحى من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله وﻻ أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما " .
وهناك آيات كثيرات في شرعية وإجبارية الحجاب منها:
الآية 31 من سورة النور: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وﻻ يبدين زينتهن إﻻ ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ".
والخمار هنا يؤكد على تغطية الجيوب من منطقة النحر " الصدر والرقبة ".
- وفي سورة اﻷحزاب الآية 59 : " يا أيها النبى قل ﻷزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جﻼبيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ". وسبب نزول هذه اﻵية أن النساء كن يكشفن وجوههن مثل اﻹماء " الجواري " عند الخروج إلى الخﻼء فكان بعض الرجال يتلصصون عليهن فجاءت الآية لتميزهن عن غيرهن. وهناك رواية تنسب لعمر تحيلنا على عادات الاشورية حول ضرب عمر لكل جارية أو عاهرة تدني جلبابها او تتخمر و تخفي وجهها اي تتشبه بالحرات ..
وقد كان الحجاب عادة منتشرة من عادات بلاد الرافدين، ولا ترتديه إلا نساء النخبة، كعلامة على الإحترام والمكانة العالية وإنتقل بكل شروطه إلى اﻹمبراطوريات اليونانية والفارسية، إذ تم العثور على ذكر الحجاب موثقا في قانون آشوري يرجع تاريخه إلى 1400 و 1100 قبل الميلاد، حيث كانت لدى الأشورين قوانين واضحة و صريحة توضح بالتفصيل شروط ارتداء النساء للحجاب والقوانين المرافقه له وتحديد من لهن صلاحية إرتدائه. فقد كان يمنع عن الجواري والعاهرات، وتفرض عقوبات صارمة إذا ظبطت إحداهن ترتديه، كعقوبة الجلد، و قطع الأذن .. وكان الأشوريون يفرضون لبس الحجاب على النساء الأحرار لتميزهن عن غيرهن من النساء، وبالتالي لم يكن الحجاب مجرد علامة على الطبقة اﻷرستقراطية بل كان أيضًا " يفرق بين النساء " المحترمات والبغايا في المجتمع.
وقد أدى التداخل والتثاقف بين شعوب الهلال الخصيب والفرس واليونان إلى تقارب الممارسات الحياتية كالعادات والتقاليد. فكان الحجاب منتشراً ايضاً في اليونان القديمة بين 550 و 323 قبل الميلاد. ونلاحظ الكثير من التماثيل اليونانية الكلاسيكية والهلنستية تصور نساءً يونانيات تضعن غطاءً للرأس، رمزا للسلطة والمكانة العالية والتواضع والعفة، واعتقدوا أن الحجاب يحميهن من العين. أما الفتيات فلا يرتدين الحجاب الإ بعد الزواج، فاعتبر ذلك وجها من أوجه سلطة الرجل على زوجته، وإذا أسقطت الزوجة غطاء الوجه دل ذلك على عصيانها لزوجها وخروجها من الزواج.
وأما الإمبراطورية الرومانية، ففي تدمر، نجد عدداً كبيراً من المنحوتات لشخصيات ترتدي اغطية الراس الملفوفة بطريقة نراها اليوم لدى بعض النسوة من كبار السن، يرتدينها بنفس اللفة، بغض النظر عن إنتمائهن الاجتماعي أو العقدي.
ونلاحظ في الثقافة الهندية الإهتمام الكبير بلباس المرأة وتغطية الشعر التي تعتبر من أسمى العادات العقدية والخلقية التي تنم عن الاحترام والانتساب إلى وسط سليم.
وانطلاقا من هذه العجالة، يتأكد لنا أن الحجاب أو الخمار أو النقاب هو في جوهره حفظ لكرامة المرأة وحفاظ عليها من أطماع الخبيثين من الرجال، من أعينهم وألسنتهم ونفوسهم المريضة .. وأتمنى أن تفطن كل النساء لهذا الأمر وتسترن أنفسهن، إلا أذا رضين لأنفسهن المذلة والإهانة.
هداني الله وإياكم لما فيه خير الدنيا والاخرة.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة