عادة ما يجلس الرجل مع عروسه في الليلة الاولى من الزواج الميمون ليضعا النقاط على الحروف , أي خطة طريق لهما , ويضع كل منهما الخطوط الحمراء التي لا يحق للشريك أن يتجاوزها , يعني مثلا الاب والام خط احمر عند كلا الزوجين . رفع الصوت في وجوههم خط احمر, رفع يده في وجهها أو العكس , الاهانة بألفاظ بذيئة الخ......ولكن سرعان ما تبدا هذه الخطوط تمحى , الواحد تلو الاخر .
في بلاد بني عرب كانت هناك خطوطٌ حمراءُ كثيرة ايضا تم محوها وتجاوزها , كالوحدة العربية والمصالح المشتركة , والاعتداء على أية دولة شقيقة يوجب على الجميع الدفاع عنها , و( يلك ياللي تعادينا يا ويلك ويل ). فاعتدي على اكثر من دولة , وسقطت عواصم وقتل زعماء , ومسحت أيضا الخطوط الحمراء . عندنا الوحدة الوطنية خط احمر , وبقينا محافظين عليها ليس خوفا من المسؤولين بل حفاظا على اللحمة بين الشعبين الشقيقين , فذرة التراب في جنين تعانق اختها في العقبة , هذا هو الواقع شاء من شاء وابى من ابى . في دولة الاحتلال وضعوا خطا احمر على قصف تل ابيب , وقصفت , وشلت الحركة فيها خمسين يوما , ومحي الخط الاحمر ايضا . اذن الخط الاحمر هذا سهل المحو فلا خط احمر ولا بطيخ احمر .
كنا نقول القدس العربية خط احمر فبنت دولة الاحتلال المستوطنات على ارضها , ثم دخلت المسجد الاقصى , وما زالت تحاول وشعب فلسطين يقاوم بصدور عارية . وما هتزيد شنب زعيم من زعماء بني عرب ومحي ايضا هذا الخط .
لكن هناك خط يبدو أنه أكثر صلابة واشد متانة , بات يتردد كثيرا في وسائل الاعلام هذه الايام الا وهو الخط الاخضر . ففلسطينيو الخط الاخضر باتوا مصدر قلق وازعاج للدولة العبرية , حتى صاروا يتنادون بطردهم والحاقهم بالضفة الفلسطينية , في أي حل قادم , هذا ان قدم . فما قصة هذا الخط ؟ تعالوا نكشف المستور والى الله تُرجَع الامور.
كما تعلمون ايها السادة فان الدولة العلية (المملكة البريطانية ) احتلت فلسطين , ومهدت السبيل لهجرة اليهود اليها بناء على وعد بلفور المشؤوم, وامدتهم بالسلاح ودربتهم وجعلتهم على استعداد تام لاجتياح المدن الفلسطينية فور انهاء الانتداب . وفعلا فقد كان ؛ ففي اليوم الذي اعلنت فيه انهاء انتدابها , أُعلن قيام دولة إسرائيل قبل ان يحتلوا شبرا من الارض . وكانت بريطانيا قد تركت لهم الدبابات والطائرات والذخائر, فاخذوا يحتلون المدن بسرعة ـــ قبل ان يهب العرب فينجدوا اهل البلاد ـــ , فهجر من اهلها من هجر , وبقي من بقي داخل البيوت ؛ لأنه ليس لدى اليهود انذاك الوقت لتفتيش البيوت , فانطلقوا لتدمير القرى الفلسطينية ؛ فتدميرها اسهل يحتاج سويعات فقط . دمروا وقتلوا وشردوا , وكانت قربتنا شمال فلسطين (صبّارين) إحدى الضحايا حيث دمرت ومسحت عن الوجود , وقتل من اهلها من قتل وشرد الباقون .
استفاق العرب فارسلوا الجيوش , وللحقيقة اقول انهم ابلوا بلاءً حسنا , حيث انقذ شرفاء الجيش الاردني مدينة القدس واذاقوا اليهود مر الهزيمة في معارك اللطرون وباب الواد, وكذلك شرفاء الجيش العراقي الذين انقذوا جنين , والجيش المصري الذي انقذ غزة واوقف الزحف الصهيوني . خاف اليهود على مكتسباتهم فاستنجدوا بالدولة العلية (بريطانيا ) فأقنعت الحكام العرب آنذاك بضرورة الموفقة على هدنة مؤقتة لتلتقط القوات المتحاربة انفاسها . ثم دعتهم بعد ذلك لمفاوضات الهدنة الدائمة ريثما يتم حل سياسي للقضية . وكانت المفاوضات في جزيرة رودس في اليونان . وهنا حصلت الخدعة الكبيرة , فالمفاوض الاسرائيلي كان يفاوض من الميدان , والمفاوض العربي كان يفاوض من الفندق . طلبت بريطانيا بلسان اليهود تعديلا بسيطا على خط الهدنة , لفصل الجيوش المتحاربة عن بعضها . ورسم يومها خط الهدنة ب(اللون الاخضر) , واصبح يطلق منذ ذلك الوقت مصطلح (داخل الخط الاخضر, وخارج الخط الاخضر) , ثم ليصبح هذا الخط فيما بعد حدود الدولة العبرية . اكتشف الزعماء العرب بعد التوقيع على اتفاقية الهدنة الدائمة وبإشراف الامم المتحدة , ان عليهم ان يسلموا لليهود وبدون قتال منطقة عرفت بالمثلث تضم ستة مدن واحدى وعشرين قرية, في منطقة تمتد من شمال جنين وحتى وسط فلسطين قلقيلية . ويومها قالوا: هذه هدنة وستعود اليكم بعد حرب التحرير , ومضى الوقت وثبتت حدود الدولة العبرية وبقيت هذه المدن والقرى بسكانها تحت السيطرة اليهودية . و(رب رمية من غير رام) فلأن هذه المنطقة سلمت بغير قتال والخط اصلا خط هدنة بانتظار الحل , فقد بقي اهلها فيها , ليشكلوا ضافة الى من بقي في المدن ما بعرف بفلسطينيي الخط الاخضر , والذين يبلغ تعدادهم اليوم قرابة المليونين يؤرقون اليهود ويقضون مضاجعهم , وان شاء الله سيكونون هم نقطة التحرير في قادم الايام اذ يشكلون حوالي خمس السكان .
على فكرة هل تذكرون ؟؟ كان هناك خط ازرق , اقامه اليهود في جنوب لبنان على نهر الليطاني , ولكنه قد زال بفعل رجال المقاومة الابطال . فهل يزول الخط الاخضر يوما ؟ ادعوا معي الله . طبتم وطابت اوقاتكم
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة