--------------------
لا تلمني يا حفيدي
كنتُ فلّاحًا بسيطًا
أكسبُ الرزقَ بكدّي
باذلًا جُهدي وعمري، أتّقي أنيابَ غدرِ
لم أرِدْ كتّابَ شيخٍ
لم أذقْ طعمًا لحرفٍ، أو حوارًا أبجديًّا
ما قرأتُ السفرَ يحكي، ساردًا أمجادَ فجرِ
عشتُ أميًّا عفيفًا
ما خدعتُ الغيرَ غشًّا واحتيالًا
قد حملتُ الصِّدقَ مكنونًا بصدري
أنكشُ الكرمَ بفأسي
أغرسُ الزيتونَ عشقًا
بذراعي أعهدُ الحقل وأسمو
واصلًا حرثًا ببذرِ
جلتُ فردًا دونَ رِدفٍ مُخلصًا في حُبِّ أُمّي
لم أكن جيشًا عليًّا
في بلادي عاثَ حكمٌ أجنبيٌّ
دقَّ خيري بعدَ تبضيعٍ وبترِ
باعني بخسًا بسوقٍ، ملهبًا سوطًا بظهري
من وراء البحرِ غربانٌ توالتْ
تستسيغُ الشرقَ تغزو
من بلاد الغربِ تغدو
تشتهي زرعًا بمرجي
تبتغي عذبًا بنهري
تحملُ المالَ بكيسٍ
تعرضُ الأسعارَ تَشْري
جاءت الغربانُ شؤمًا
هدَّدتْ قومًا ببيْنٍ، بخبيرٍ ومُلمٍّ
عابرٍ حربًا وموتًا في ميادين الوغى
مستثمرٍ فوزًا حليفًا مستبدٍّ بي بأهلي
مستغلٍّ ضعفَ حالي
في قتالي دونَ أزرِ
عاريًا من دفء ثوبٍ
طاويًا أحمي دياري
ظامئًا افدي حلالًا وغلالًا
بسلاحٍ لا يقيني
فيقيني باحتجاجي واعتصامي
وبرفضي لخضوعٍ وركوعٍ
مُوقِعًا كسرًا بنَسرِ
صامدًا في دفعِ قهرِ
لا تلمني يا حفيدي
ثرتُ ما استسلمتُ يومًا
جُرِّحتْ مِنّي الأيادي
أُعْدِمَتْ أحرارُ قُدسٍ، عُلِّقت نفسٌ بعكا
لم أُفرِّطْ رغمَ وهني
قبضتي شدَّت بعزمٍ لم تهب رمضاءَ جمرِ
حسين جبارة آذار 2019
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة