دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

قصة من الواقع. العم" الشاذلي" والصبايا...!بقلم : د. حسين بشيني


 حدث ذلك والصيف لا زال يخطو خطواته الاولى، لا زال الطقس بالمنطقة تلك محملا بفلول من انسام الربيع

المتمردة على الحيل ، رحمة تنعش الروح والجسد !

خرج المزارعون على مختلف قيمة ما يملكون وقد سبقهم العمال وانتشروا بالحقول والبساتين والمزارع مع إطلالة اولى أنوار الصباح كأنهم يتسابقون لجمع خيوط التبر المنسدلة من الشمس.في مثل هذه الايام يكثر نشاط العمل الفلاحي المتنوع ، فالارض تجود بحجم ما بذلت فيها من جهد وما حبوتها به من حب وعناية وربك يبارك لكل من انجز عملا فأتقنه...

راحوا يسارعون في الأشتغال باقتلاع الحشائش الطفيلية ويكدسونها علفا للحيوانات مساء وآخرون يجمعون الخضار الطازج وما حان قطافه من مربعات غاية في الجمال كأنها رسمت بأقلام لبدية،  وغيرهم يسقي الاشجار التي بدأت ثمارها تتشكل وتكلل الاغصان ، اما السنابل فهي تتمايل في شموخ كالعرائس تنتظر كساءها المطرز بالذهب ...

بلغت الساعة الضحى فتحلق النسوة والرجال لتناول فطور الصباح مما تزودوا ؛ اما عملة العم" الشادلي" فتجمعوا في ظل شاحنته الكبيرة فقد احضر لهم كعادته خبزا محشوا بالمربى وحليبا وحتى السجائر للمدخنين...كانت تصحبه ثلاث بنات غاية في الحسن ورفعة الاخلاق ، تتنقلن بين العاملين والعاملات توزعن شايا وتحفزنهم على الاسراع في ما اوكل لهم من اعمال...

بدأت حرارة الشمس ترتفع والقوم منهمكون في تعبأة الشاحنات لتوصيل ما احضروا من بصل وجزر وخضر ورقية وغيرها إلى السوق المركزية بقلب المدينة قبل ان تفقدها الحرارة نظارتها ...كانت البنيات تمسكن دفترا وتراقبن عملية الوزن بينما العو" شادلي " جالس القرفصاء الى ظل شجرة خوخ مكسوة بازهار موردة تسبي الانظار ومن حين لآخر ينادى بادب على احد عماله المسنين ليسعفه ببعض الراحة إلى جانبه ...

فجأة بدات الغيوم تتلبد بالسماء حتى اسودت الآفاق كأنما الليل سجى...! بدأ البرق يخترق وميضه من حين لآخر تلك السحب الكثيفة وهدير الرعد تدخل الخوف على الجميع ، فقد تسقط صواعق فترة لا قدر الله بشرا او حيوانا . علت اصوات العملة والفلاحين بالتكبير والاستلطاف والحوقلة .في الحين همى المطر سيلا يجر سيلا محملا بالبرد فالتجأ الجميع للاحتماء بالاشجار او الاكواخ المقامة للحراسة...ثم تهللت السماء عادت الشمس وقد قربت من كبد السماء...!

    هب الحضور لتفقد ممتلكاتهم والمحاصيل التي لا يزال أكثرها مكدسا في انتظار شحنه ...

ذلك البرد الذي لم يستمر اكثر من ربع ساعة أتى على الكثير واضر بالاشجار وهي في أوج العطاء فهلك الكثير من الثمار والازهار . كانت وجوه الكثيرين قد تجهمت لما اضحى عليه غرسهم وما كان بوسعهم سوى ضرب كف بكف...في الأثناء تفطن الناس إلى أمر ما كان يجول بخاطر أحد فاستبدت بهم الدهشة لما رأوا : كل المساحت التي على ملك العم " الشادلي" مر بها السحاب ولم تنزل منه على الغرس ولو قطرة ماء واحدة...! وبينما كان الآخرون يتعجبون مما صار كان هو يرفع اكفه حمدا لله ويسأل لإخوانه العوض...

عاد الجماعة ظهرا الى منازلهم وتفشى الخبر فتحدث الناس في مجالسهم عما جرى ...قال شبه متعلم : هذا شيء طبيعي ، ففي هذه الايام تعودنا على تزول البرد وهو يأخذ ذات المسار كل عام تقريبا . وقالت امرأة عجوز : الله فعال لما يريد وما يكسب الانسان الا ما كتب له الله... وتحدث طالب علم فقال : كانت المحاصيل في السنة المنصرمة بأرقام قياسية لم نعهدها ، بعض الفلاحين يوقدون اكداس القمح لطهي الشاي .ألم يكن ذلك كفرا بنعمة الله ؟ اليس الله بمنتقم...؟ أما صاحب المقهى العتيق فتكلم على الملإ : اليس العم " الشادلي" هو المتكفل بثلاث بنات يتيمات ؟ كفلهن فعلمهن حتى بلغن ، معززات مكرمات كما لو كن من صلبه.اليست زوجته من قامت على تربيتهن وجهزتهن مثل الاميرات واختارت لهن خير الخطاب؟ " آمنة" و " علياء" ستزفان هذا الصيف في يوم واحد أما" هدى" فلا تزال صغيرة وسوف تعتني مع الحاجة " مريم" بالبنتين اللتين سيستقدمهما عم " الشادلي" بعد ان تغادر كل من " آمنة" و " علياء" الى بعليهما . لذا لا تستغربوا إن حفظ الله رزقة ولم يبتليه بعلة وجازاه على صبره لما لم يرزق ببنين ...هكذا أجر من يجير المظلوم ويرأف على المسكين ويكرم الضيف ويتكفل باليتيم ولا يستقوي على الضعفاء لا بماله ولا بساعده المفتول...لا تنسوا ان كلنا تحت أنظار الرقيب واسألوه من خير ما يسأله المكرمون للجميع...اعلموا ان اخاكم العم " الشاذلي" قد امر بذبح عجل سمين فمن كان في حاجة فليمر على داره بلا حرج...

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع