دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

د.عز الدين أبو صفية يكتب : الوَجَع .


نشأ منذ صباه مزارعاً في حقل والده ولا زال يمارس عمل الفلاح في حقله الخاص الذي ورث أرضه من اراضي والده يزرعها و يقوم ببيع منتجاتها من الخضار و الفواكه في سوق قريته و بعض أسواق القرى القريبة من قريته.

في عامه السابع و العشرين تزوج من إبنة خاله ازهار و كانت أصغر منه بحوالي سبع سنين، كان حنوناً لطيفاً يبادلها العواطف فكانت حياتهما مستقرة؛ أنجبت ثلاث من البنات ثلاث من الأولاد ارسلهم جميعا إلى مدرسة القرية حصلوا على تعليماً متوسطاً و جميعهم كانوا يساعدونه في أعمال الزراعة و قد تزوجت اثنتان من بناته و ابنه الأكبر قد توجه إلى المدينة لإكمال دراسته الجامعية و ابنه الثالث ظل يعمل معه في الحقل، و ابنه الأوسط و هو الابن الثاني في ترتيب الأبناء الذكور و كان يُدعى سلامه ، عمل مع والده في الحقل و لكنه لم يكن منضبطا في العمل و السلوك و كان يخرج عن طوع والده في كثير من الأحيان . 

لم يكن سلامه يهتم بتوجيهات والده و لم يراعِ سمعة والده الطيبة في القرية فيمارس السرقة من المحاصيل الزراعية الخاصة بأهل القرية و يقوم ببيعها للاستفادة من اثمانها رغم أن والده لم يبخل عليه بمنحه مصروفاً من المال و لكنه لم  يكن يكترث لذلك و تمادى في السرقة حتى أنه مارسها من خلال السطو على بعض منازل الناس و جيوبهم . 

كان الوالد يتعامل مع سلوك سلامه هذا بقسوة شديدة فيقوم بتقيده بجنزير من الحديد على جذع شجرة النخل الموجودة في باحة المنزل و ينهال عليه بالضرب المبرح و يتركه مربوطا إلى جذع النخلة أياماً متتالية يحرمه من الطعام . 

لم يتوقف سلامة عن السرقة رغم العقاب الشديد الذي يمارسه والده بحقه فكان كلما حرره والده من القيد يعود لممارسة السرقة فينال من عقاب والده ما ينال  . 

كثيرا ما كان سلامة يخبر والده بأنه لا يستطيع التوقف عن السرقة و كان ذلك يسري في دمه فهذا مرض لا يمكن التخلص منه فيقول لوالده عالجني يا والدي، لم يكن والده يكترث لكلامه بل يستهزئ به لاعتقاده بأن علاجه من السرقة هو العقاب الشديد . 

كان سلامة حزينا إلى درجة كبيرة لعدم تمكنه من تخليص نفسه من ممارسة السرقة وهنا قرر أن يتخلص من هذا السلوك بشكل نهائي، فقام من تحرير نفسه من بين رباطه و تمكن من الهروب من المنزل متجها نحو السكة الحديدية و كان صوت صافرة القطار يملأ المكان و هدير عجلاته ينبه الناس للابتعاد عن السكة تجنبا لصدمهم، إلا أن سلامة كان يجلس تحت شجرة بالقرب من السكة و ما أن بدأ القطار من المرور بجواره قام بوضع يده اليمنى تحت عجلاته . 

كان خبرا صادمت لام سلامة و والده أن قطعت يد ابنها سلامة الذي كان يهدف من وراء ما قام به ليس منع نفسه من ممارسة السرقة بقدر ما كان يهدف إلى توصيل رسالة لقسوة قلب والده عله يفيق من قسوته، و لكنه ازداد قسوة و ظل والده رغم تألمه لما أصاب ولده سلامة الا انه لم يكف عن قسوته نحوه و ظل يمارس سلوكه السابق بربطه بجنزير الحديد في جذع النخلة بحجة انه لازال يمارس السرقة، اخد سلامة قراره بأن يُدخل الألم والوجع لقلب والده؛ فقام بتكرار ما قام به قبل أشهر و لكن ليده اليسرى . 

قطعت اليد الثانية  لسلامة و أصبح بدون يدان  و تولت أمه الموجوعة بمهمة إطعامه و تلبية جميع احتياجاته

حزن الأب و لكنه لم يتعلم و لم يستوعب المصيبة التي حلت بابنه و رغم ذلك لم يَرِق قلبه فظلت جميع مشاعر الأبوة تغادر أحاسيسه و رفض أن يتخلى عن غضبه نحو سلامة رغم كل محاولات رجالات القرية الحديث معه أن يتق الله في أبنائه و تمكن شيخ  القرية من التأثير عليه و جمعه مع ابنه سلامة لمصالحتهما، فاحتضن أبنه سلامة وهو يعانقه طويلا و دموعه تنهمر من عيناه.

اعتذر سلامة لوالده عن ما تسبب به لوالده من وجع لقلبه  بسبب اقدامه على تقطيع يديه تحت عجلات القطار و هو يؤكد له بأنه لم يعد الان للسرقة  .


عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع