دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

محمد المحسن يكتب : قراءة فنية في قصيدة الشاعرة التونسية المتميزة زينب لحمر : "صوت الضمير"


"الشعراء شموع الأدب.والشمعة رمز التضحية فهي تحترق من أجل إنارة طريق الآخرين. والشبه بين الاثنين واضح لايحتاج تفسير"

تنطلق اللغة الشعرية في هذه القصيدة للتعبير عما يُفتعل في النفس من انفعالات،فنجد الذات الشاعرة تُملي على نفسها بعضا من مجازات دلالية متخطية اللغة المعجمية رغم مباشرة الحوار،وتظل لغة السهل الممتنع هي اللغة المهيمنة على النص الموسوم بـ”صوت الضمير"
حين قراءتنا لهذا النص نلاحظ تصاعد المحتوى الشعري بقدرة الإحالة إلى ما هو أرحب شعرية وأكثر دفقًا في السياق الرمزي.أول ما نقرأ “العنوان” بوصفه أول مفتاح إجرائي يمنح المتلقي اختراق مغالق النص،إذ يمثل علاقة دالة تكثّف البنية الكلية للنص،تظل دلالته أعلى سلطة نصية باذخة الحضور.
ولأن لغة الشعر تتجاوز العزلة لترتمي في أحضان المشاركة،فإن الذات الشاعرة تمنح المتلقي مشاركتها بوحا يختلج النفس بعمق يؤثت لمشاهدة تصويرية آنية حينا واسترجاعية حينا آخر، ويشيد حوارا روحيا يتجلى في عالم خاص تُشخّص فيه القصيدة لتكون هي المخاطَبة الحاضرة وحوارها هو المهيمن على النص.
ما أريد أن أقول؟
للشاعرة التونسية المتميزة زينب لحمر (بنت الجنوب) قدرة على استبطان اللغة وتشكيلها بحيث تعطي أقصى طاقتها في الدلالة على ماتريده وكأنما قد ألينت لها العربية..
واللغة ليست صماء بكماء إلا حال استخدامها من قبل أصم أبكم أعمى فساعتها تجدها جامدة ..
وتظهر اللغة أسرارها حال الاجتماع والبناء إذ اللفظ في ذاته مجرد أداة ولا يظهر مكنونه ومعناه بغير اجتماع لذا كان اللفظ في مبني بحيث يكون لبنة من لبنات هذا البناء غيره في معجم ...ولتكون القراءة شاملة وكاملة لابد من استعراض أعمدة ومقاطع القصيدة كما دونتها الشاعرة:
صوت الضمير
ماذا لو توقف الزمن قليلا
عند مفترق الطرقات
برهة يا رفيقات
سكوت غريب
صمت و سكون
لتخرس كل الأصوات
و لا داعي للقهقات و لا الهمس في الأذان
أحتاج لسماع صوت الضمير
ماذا يقول
و أي طريق سأسلكه
هل ينفعني اليقين
أم  يكفيني صوت الضمير
و ما الحيلة يا عقلي الفطين
ماتت ضمائر الناس آجمعين
أين الصادق الأمين
لا أسمع سواء أصوات الأنين
قلوب أهلكها الحنين
و دمرها العويل
و من المسؤول
من وضع الدم على قميص يوسف
أو الذئب المزعوم
فعلا قد كثر الفساد
و عم الكساد في كل البلاد
و تكاثرت الذئاب
و يا ليته مجرد سراب
يرحل مع إنجلاء السحاب
في يوم عجاب
يكثر فيه الخطاب
و لا شيء يستجاب
و يبدا الجميع بالإنسحاب
بلا موجب أسباب
مجرد مزاعم
من كل خائن كذاب
ينوي الغدر
فيستجيب القدر
و يغيب البدر
يسود الظلام
و مع الفجر
ينار الفكر
و نبحث في الأسباب
وداعا لكل حاسد خوان
يكفيني الضمير
و نور اليقين
وداعا يا فلان
لن أحيد عن الدرب المستقيم
وداعا يا لابسا ثوب المساكين
لقد أدركت اليقين
و لا صوت يعلو
فوق صوت الضمير
*زينب لحمر*
اعتمدت الشاعرة-زينب-أسلوب بسيط ومتميز.والشعر ليس في تعقيد اللغة.بل اجمل وأفضل الالوان الشعرية تلك المكتوبة بلغة يفهمها الجميع.ورغم ان الشعر لايستعمل اللغة المباشرة فتأمل الكلمات ولألفاظ الواردة في القصيدة تظهر الرمزية واضحة بين مقاطعها ومعبرة بشكل أفصح عن مواقف ظاهرة.
ماذا يعني هذا؟
هذا يعني أن الشاعر فنان يرسم لوحة تشكيلية بالكلمات لن يتذوق جمالها إلا عاشق الجمال. والناقد مرآة من زجاج مجهري يظهر ذلك الجمال لضعاف البصر في شاشة الشعر.والقصيدة كهف من الكنوز والنقد الادبي مفتاح ابوابه.وبواسطته يمكن للقارئ الولوج إلى مخازن القصيدة والاغتراف من معادنها النفيسة.
على سبيل الخاتمة :
القصيدة-في تقديري-هي عبارة عن حلم عميق لا شعوري،يجب قراءة هذا الحلم بما يتناسب مع كمية الجمال المنبعث من داخله،وتقديمه بصورة تكشف للمتلقي جميع مغاليقه،وتشير الى مواطن الجمال فيه،والإمساك بيد المتلقي وأخذه الى ضفاف هذا الحلم.
لذا على الناقد ان يقوم بتفكيك وإعادة تركيب وقراءة الأفكار فيه حتى يصل الى معرفة الغايات التي جعلت من الشاعر يصرّح بمكنونات ذاته،والغوص في اعماق هذه الذات.
وإذن؟
تناوبت إذا في هذه القصيدة السردية التعبيرية للشاعرة التونسية السامقة زينب لحمر لغة التجريد واللغة التعبيرية والسرد المشحون بالزخم الشعوري، وبلغة قاموسية بألفاظ تعكس ما في روح الشاعرة وما في روح القصيدة،فخلقت لنا بذلك صوراً حيّة برّاقة وببوح عميق.
وأخيرا أتمنى مزيدًا من العطاء والإبداع والتألق المتواصل للشاعرة التونسية - زينب لحمر .
ولها مني باقة من التحايا..مفعَمَة بعطر الإبداع..

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع