دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

عبد الله سكرية يكتب : نزهة في العاصفة .. وكنت أنا البطل . عام 1969.


_ راح كلُّ راكب يجمع حاجياته بسرعة , فالرياح نشطَتْ ,  واغبرَّ الأفقُ , وراحت الغيو مُ تتراكض ,  ويدفع بعضُها بعضًا ,  عابسةً متوعّدة .. واستسلمت الطبيعةُ  لعاصفٍ طارئٍ

من البرد , استجابت له الأجسادُ والوجوه  والأطراف ُ..

_ وينادي االحاج محمد الشيخ : "يا الله ياركّاب ,لننطلقْ قبل أن تدهمَنا العاصفةُ فمشوارُنا طويل ". وفي الطريق إلى عرسال , وعلى مدى السهل الذي تجتازه الحافلة , ربضتْ القرى هادئةً , والثلوجُ تتساقطُ عليها كأنْ لم تتساقطْ من قبلُ  !. لقد غيّبت  معالمَها  شيئا فشيئا , واختفى  من حولنا صورُ الجبال والهضاب , ولم يبقَ سوى الطريق  حيث راحت الناقلة تسير على حذَرٍ , وفيها الركابُ يتندّرون  ويتساءلون , والثلوجُ تتراكم بسرعة ,والريح يعلو صفيرُها , والفضاء من حول الجميع قد سُدّتْ أبوابُه  بمغاليقَ تبعث على الخوف 

... والمشوارُ طويلٌ ..

_ وباتجاه البلدة راحت السيارة تصعّدُ ملتفّةً  حول محاذير الطبيعة , غير آبهةٍ إلّا بعنادها   وتصميم سائقِها , وهي تدوس بجدارةٍ  ما تراكم في طريقها , وتصعّد على المنعطفات        وتصعّد إلى ... وليتدبرْ كلُّ راكبٍ أمرَه , فالسيارة عاندتْ ! وكوع وادي المطلب قاسٍ .. وكفى !!

_  كنت آنذاك  في التاسعةَ عشرةَ , عائدا ًمن زحلةَ حيث كنت أتعلّمُ , وكعادتي في كلِّ  يوم جمعة , كنت أزور  أهلي ليومين متتاليين , على أن أعودَ صباح يوم الاثنين التالي .

   وحصل أن تركتُ  ما كنتُ أحملُ , وترجّلتُ  من السيارة كما فعل الآخرون ..

_  واتجهنا .. كلٌّ  بدأ معركتَه  منفردًا , قائمًا  على همّته   واستعداده , والمسافة طويلةٌ طويلة ! والحواجز كثيرةٌ كثيرة ! . الريح زوابعُ , والأبصارُ غاشيةٌ , والطريق خافيةٌ , والصقيع يجمّد فيك العروقَ ويكادُ يُنسيك أنّك  على قيد الحياة ! ولولا أنك, على مدى السنوات 

 الماضية ,لم تأنسْ لهذي الطريق  وتتعرفْ على منعطفاتها  والمغاور المحيطة بها , لتاهتْ  بك الاقدامُ , أو لشعرْتَ  أنك في عالمٍ من الأشباح والعفاريت !!  ..

_ وتمشي وتمشي , وأمرُك بيد الغَيب ؛ وقد يبستْ  مفاصلُك وأطرافُك , وتجمّدَ  فوق عينيك  وتحت أنفك ما تهدَّل من نفانفَ ,ولا تعودُ أصابعُك  تقوى حتى على إزالتها !! 

  وتحمد الله أنك وصلتَ وحدَك  إلى ظهر  "رأس السّرج " وخلفَك رجلٌ واحدٌ  ساعدتْه 

صلابتُه على الوصول أيضا .. 

   ولكنْ ؛ ما أنت فاعلٌ ؟ والريح لا تني تقذفُ بك يمينًا ويسارًا ,وتكاد ترميك إلى جانب الطريق ؟ وهي وهدةٌ  عميقةٌ مخيفةُ أيام السّلم  ؛ فكيف بها في هذه الحرب  الطاحنة ؟

  وأتركُ البقيةَ لكم  في أن تخمِّنوا  كيف وصلتُ؟؟ مع اعتذاري لأنني  أكثرت عليكم ..


عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع