فى إحدى أركان تلك الخيمة البعيدة التى تخلوا من الإضائة سوى من هذا الشعاع الخافت من تلك الشمعة التى تحترق كل ليلة دون جدوى يجلس هذا الشاب يحتضن ركبتيه وهو يضع رأسه فوقهما ينكمش بداخله من الخوف تحت ضجيج المروحيات المتتالية مغمض العينين ينتظر كعادته كل ليلة ذلك المصير المجهول الذى يضرب الأرض فتطير العصافير بلا تغريد وتترك الحمائم بيضها ليصبح حصا فى يد الشهيد ولكنه لم يحطم زجاجا مشروخ, فما أطول هذه الليالى التى لم يعرف بعد بماذا يأتى الصباح القادم .
الخوف يعترى وجهه الذى لم يعرف الإبتسامة فتنثقب داخل مخيلته صور أشباح تسكن تلك السحابات القادمة عبر ذلك الفراغ الشاسع لتحجب عنه وهج الشمس وضوء القمر , وشظايا البارود تخترق جدران الصمت المصلوب داخل المكان فتمزق تلك المسافة بين الخوف واليأس .
فلم يستطع الإنتظار حتى تنتهى تلك الشمعة التى أوشكت على الإنتهاء ما بين ظلمة الليل وبزوغ النهار فتلك الصراخات التى تخرج من بين أنقاض تلك الأبنيه المهدمة داخل أرضه المحتلة تعبث بداخله تحطم هذا الصمت الساكن بداخله طيلة هذه الليلة تدفعه لأن يترك هذه الجدران الذى يختبئ بداخلها فى تلك الساعة المتأخرة من الليل فعقارب الساعة لا تريد أن تمضى وكأن رياح الخريف تحمل بين طياتها شظايا البارود المتناثر عبر الفضاء يحرق أشجار الزيتون يتسلل من خلاله ليحطم زجاج النوافذ فيتطاير ليشطر كل الحقائق إلى أنصاف متناثرة لتمحوا تلك المعالم الراسخة عبر الزمان فهذا الشراع المكسور لم يحرك القارب فى مياه البحر العميق وهذا الكهف البعيد يحبس أصوات الماضى بداخله كبلته أيادى الإحتلال التى تلملم جرأتها من كل مكان, تعيش أحلام الوهم المرسوم فوق حفنة من رماد الشهيد التى تلملمه الأمهات الثكالى, وصور الأطفال المرسومة بالطباشير فوق تلك الجدران أصبحت بلا ملامح شوهتها عوادم الدبابات, إنه لا يزال يتأمل هؤلاء المتسللين وسط تلك الظلمة ولكن صوت هذه الفتاة عبر الفضاء يعترض طريقه يتوقفه أمام هذا الكوخ إنها دمية ترتدى ثيابا حمراء بلون الدم معلقة من شعرها فى ذلك السقف الخشبى داخل الكوخ إن صوتها يدوى فى أذنه إنه يؤلمه, أيها الساكن فى فراغ الكون الواسع إن دمى ينزف فانزع تلك القيود التى كبلتك منذ أن إعتصرتنى أقدام الإحتلال, ألم تعرفنى؟ إننى القدس العربيه أنتظركم منذ زمن بعيد...
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة