دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

(لن تشرق الشمس أبدا ) قصة متسلسلة بقلم :تيسيرالمغاصبه ٢٠٢٤ الفصل الثالث ------------------------------------------------------- -٣٠-


دموع وبارود
تظهر على "دلال"ابنة الكحته الصغيرة ذات الاثني عشرة سنة اعراض الحمل.
وتخبر أمها بذلك فتقول أمها محدثة نفسها:
شكلكو غمقتو كثير باللعب إنتي وولد عمكي سامر ؟
وبالرغم من أن ولد عمها هو إبن الأربعة عشر ربيعا،لكن حرارة الأجواء قد فعلت فعلها بتعجيل البلوغ وبالتالي سرعة الاخصاب .
تجتمع أمها ببناتها سهى وتمارة ورجوى والآخريات،وفي إجتماعهم يضحكون ويلقون النكات البذيئة ومن ثم لايعطون الأمر أي أهمية، فيخرجون بنتيجة ؛أنهم أولاد جهال" صغار "كانوا يلعبون معا وحدث الحمل، وأنها مشكلة حلها بسيط جدا وأنهم سوف يكتفون بتعزيرهم ومن ثم يجهضون الحمل بطرقهم الخاصة..لكن كالعادة ولاشيء يخفى عن أهل القرية ..ينتشر الخبر.
* * * * * * * *
ماأن يخرج مأمون من عربة جواهر حتى يجري يحيى إليه معانقا ،ومن ثم تخرج غادة لاحقة به ،فقد علموا الأن أين ذهب يحيى وأين هم ذاهبون.
قال مأمون بسعادة:
-والله إني كنت عارف ياخوي يايحيى إنك مش رايح تتخلى عنا ؟
رد يحيى:
-أفى عليك ياخوي يامأمون إنتو خواني بالله؟
قالت جواهر:
-وهي مأمون وغاده صاروا عندك يايحيى؟
قال مأمون:
-الله يحفظكي ويطول بعمرك ياستي؟
قال يحيى:
-أنا مش عارف كيف الطريقة إلي بدي أعبر بيها عن شكري إلكي يا جواهر؟
-تشكرني ..عيب.. هاد الحكي مو بينا يايحيى.
* * * * * * * * *
في وقت الظهيرة ومع إشتداد القيظ،يزداد خروج الثعابين المتربصة بفرائسها لالتهامها أو نفث سمومها على جذوع الأشجار والصخور .
ومن فصيلتها زكي الذي يلزم وكره وراء أشجار الدوم منتظرا فريسته محتملا حرارة الشمس الحارقة.
أخيرا تمر طفلة مابين السابعة والثامنة من عمرها كانت متجهة إلى البقالة .
ما أن تصل بالقرب منه حتى يظهر أمامها بأبتسامة واسعة مظهرة أسنانه الصفراء ،ويقول لها بخبث:
-تعالي ياشاطره أعطيكي حلقوم في معي كثير منه ؟
تذهب الطفلة إليه ..يمسك بيدها ويدخل بها تحت أشجار الدوم وأوراقها الباهتة من شدة حرارة الشمس التي لاترحم أبدا.
فتمضي معه دقائق وماتلبث أن تخرج وهي ترفع سروالها وتلتهم قطع الحلوى متابعة طريقها نحو البقالة.
بعد ذلك يخرج زكي متلفتا ..منتشيا فيترك موقعه مغادرا.
* * * * * * * * *
وتحين اللحظة التي كانت جواهر تتوقعها ،فيخبرها يحيى بأنه سوف يسافر إلى القرية ليرى أمه ،
تشعر جواهر بالضيق والاحباط معا..لكنه طمأنها بأنه بكل تأكيد سيعود..وأنه لايحتمل البعاد عنها.
قالت جواهر :
-بس أنا خايفه عليك كثيرحبيبي.. العدو قاعد بهدد بأقتحام لحدود من قراكم للمدينة؟
رد يحيى بثقة وتصميم:
-حتى ولو ياجواهر يعني بتتوقعي مني إني أهرب وأتخبى بالمدينه وأترك الدفاع عن عرضي وأرضي وأن تنهان كرامتي..والله بدفن حالي بالتراب لو صاب وطني وقريتي مكروه وأنا متخبي هونا..لازم إني أروح أدافع عن وطني وأمنع تقدم العدو؟
وقالت جواهر بدهشة:
-بس إنتي مش جندي حتى إنك إتحارب يايحيى؟
أجاب يحيى بثقة وحماسة:
-ههههههه إنتي الظاهر مابتعرفي كل إشي عني ياجواهر ..أنا يحيى إبن الجبال والصخور والبراري ..أنا بقدر أستعمل كل الأسلحة وحتى القنابل؟
ودهشت جواهر مما تسمعه واعتقدت بأنه يمازحها ،حتى أخبرها بحكايته كاملة بعد هربه من فيلتها ولقائه بنوال غولة الوديان، وفرح فتاة البراري ،في الجبال.
أخيرا ودعت جواهر حبيبها يحيى وهي تكاد أن تبكي وتقول في نفسها:
"معقول في بقرية أم الملح وللا حتى بالدنيا كلها واحد مثل يحيى..والله إنو مافيه ؟
* * * * * * * * *
ترى أم صبحي ولدها الشاب الوحيد غاضبا،فتعلم سبب غضبه ؛بالطبع فهو لايوجد معه نقود لشراء الخمر في ذلك اليوم .
فتذهب إليه لتحدثه مداعبة:
-بنيي..وحيدي زعلان وأمه عايشه ..ياتخسى يا الزعل؟
فتخرج صرتها من جيب مدرقتها وتعطه بعض النقود وتقول له:
-خذ ..خذ يمه ياصبحي ..روح جيب إلك قنينه عرق ومزه وكيف .. دنيا ورايحه يله؟
نعم لقد كان صبحي إبنها الذكر الوحيد والذي عفي من الخدمة العسكرية لأنه وحيد أمه..وله أخت واحده فقط هي "نداء "والتي تقوم على خدمته أثناء سهراته الماجنة مع صحبته بتجهيز المزة لهم. في سهرات الشرب والفجور.
وكان يقول دائما بفخر :
"الناس بتشرب حتى تسكر وأنا بس إلي بشرب مشان أصحى"
وكانت تربطه بسميرو صداقة الكأس والفجور.
يفتخر صبحي المدلل دائما بممارسته لجميع الرذائل أمام أخته وأمه في منزل أمه التي ورثته عن أبيه .
أما سعدون إبن عم يحيى فأن له صداقة أيضا مع صبحي قد يكون لتلك الصداقة أهدافها الأخرى في نفس صبحي.
* * * * * * * * *
يصل يحيى وصحبته مأمون وغادة إلى القرية ،فتتركهم غادة ذاهبة لزيارة أسرتها ،وعندما تصل لا تعثر على أي أثر لمنزلهم الطيني الكائن قرب مجرى السيل ،فيخبرونها بأن أهلها جميعهم قد قضوا بعدما جرفهم السيل ورمى بهم في البحيرة.
أما يحيى فبمحرد أن وصل إلى باحة منزل أسرته حتى جرى إلى أمه معانقا ومقبلا يديها وراسها وهو يردد:
-يمه ..أنا أجيت ..أجيت يمه؟
وكانت المرة الأولى التي تحتضنه فريال بها منذ أن أنجبته لتشم رائحته بينما دموعها تنهمر مدرارا،فنظرت في وجهه متأملة تقاسيمه ،وقالت بدهشة :
-أنا..أنا شايفيتك يمه يايحيى..أنا صرت أشوف..أنا ..أنا شايفيتك.. لما شفتك رجع نور عيوني يانور عيوني؟
-الحمد لله يمه..الحمد لله.
-سامحني يمه يايحيى..سامحني؟
-على إيش بدي أسامحكي يمه ..إنتي ماسويتي إشي ؟
-لا..لا أنا مجرمه يايحيى ..مجرمه ؟
-أرجوكي يمه لاتحكي هيك..خلينا نبدى من جديد؟
فبكت ..وبكى يحيى فرحا .
كان يحيى يضع رأسه على صدرها كالطفل الصغير كما وأنه يريد أن يعود طفلا ليعوض سنوات الحرمان والضياع.
لكن...
لم يستمر ذلك الفرح سوى لدقائق..
فقد أسلمت فريال الروح إلى بارئها،
وبلحظة يعود يحيى طفلا ..فيحتضنها فيقول صارخا:
-يمه ..لاتتركيني يمه..لاتتركيني.
* * * * * * * * *
على الفور تطلب جواهر من سائقها أخذها إلى قرية أم الملح لاحقة بحبيبها يحيى لتطمئن عليه ،تلتقي في طريقها بغادة التي كانت جالسة على حافة الطريق تذرف الدموع ،تتوقف وتذهب إليها..فعندما تعلم بمصابها تأخذها بين أحضانها مواسية ..أنها من رائحة الحبيب. فتأخذها معها وتتابع إنطلاقها إلى يحيى.
أما يحيى فكان عائدا أيضا من مقبرة القرية ووجنتيه مبللة بالدموع بعد مواراة أمه الثرى إلى مثواها الأخير.
فبلحظة لقاء جواهر بيحيى الحزين أيضا، يخترق العدو الحدود في هجوم واسع النطاق وعلى عدة جبهات.
يصعد يحيى وصحبته في عربة جواهر التي تنطلق بهم باتجاه جسر الموت .
عند الوصول إلى الجسر يطلب يحيى من السائق التوقف..فينزل من المركبة ويطلب من جواهر المتابعة بأصدقائه ..لكن ينزل مأمون كذلك غادة ويرفضون الذهاب إلى المدينة ،
ويصرون على البقاء معه حتى الموت.
فتنطلق العربة بجواهر إلى المدينة بأمر من يحيى الذي تحول إلى قائد ولم يترك مجالا لجواهر للتحدث بسبب ضيق الوقت.
تظهر نوال غولة الجبال ومعها فرح فتقول نوال :
-بسرعه شوي ياجماعه الخير مامعنا وقت ..كل دقيقة محسوبه علينا ؟
فيجرون معا إلى الجبال الصخرية.
قامت جواهر بتجفيف دموعها المنهمرة بغزارة مبللة وجنتيها بينما عربتها منطلقة بها بسرعة قسوى إلى المدينة، فينطلق يحيى مع صحبته إلى المغر الكائنة في قمم الجبال الصخرية الشديدة الوعورة ،وممراتها حيث توجد الأسلحة والقنابل أستعدادا للقتال ومنع تقدم العدو أو تأخيره بأي طريقة ممكنه.
* * * * * * * * * *
يدب الذعر في القرية وهم يرون المجنزرات الضخمة تدخل إلى القرية وتسير في أزقتها مصاحبة لأصوات القصف والإنزال.
منهم من يحمل أصغر أولاده ويجري بهم ..لايعلم إلى أين..ومنهم من حفروا الخنادق وإختبئوا بها إتقاء للقصف،
امرأة أرادت حمل صغيرها الوحيد والهرب به ..وعندما تبتعد كثيرا تكتشف بأنها لم تكن تحمل بين أحضانها سوى وسادة بدلا من طفلها فتصاب بلوثة جنون.
أما بعض رجال القرية فأرتدوا مدارق نسائهم وأغطية الرؤوس كي يعتقد العدو بأنهم نساء .
تقول امرأة لزوجها:
-يازلمه لويش تلبس مدركتي هو إنتي كاين حرمه وخايف يغتصبوك ؟
فيرد زوجها مؤكدا:
-يامره هظول بقولو عنهم إنهم مابفرقو بين زلمه ومره يعني مابتفرق معاهم لو قضبوني؟
يتجول الجنود المدججون بالسلاح في الأزقة بأسلحتهم الرهيبة..المتطورة بحثا عن الجنود والمسلحين.
جندي يقترب من طفلة لم تتعدى السنة الأولى من عمرها كانت قد أفلتت يد أمها.. فيحملها وفيرفعها مداعبا..تنفجر الطفلة ضاحكة بينما تصرخ أمها هلعا.
يذهب الجندي إلى المدرعة وهو يحملها ..ويرفعها ويجلسها فوق المدفع ..فيزداد هلع الأم أكثر وأكثر:
-بنتي ..بنتي؟
ثم ينزلها ثانية وهو لايزال يداعبها..
يقترب الجندي من المرأة ويقول لها مستفسرا وهو يعيد إليها طفلتها :
-إنتي ليش ببكي هبيبي ؟
ترد المرأة:
-أنا ببكي على بنتي ؟
-خايف عليها من شو؟
-خايفه عليها منكو؟
-لا..لا هبيبي لاتخاف إحنا بحب بيبي لأنو في إلنا كمان بيبي ..إحنا بدور على جندي وكمان على إرهابي ؟
ثم يستدير ذاهبا ، ومن ثم يتابعون طريقهم نحو جسر الموت ؛منفذ جميع القرى والوحيد الذي يربطهم بالمدينة.
" نهاية الفصل الثالث "
(يتبع...)
تيسيرالمغاصبه
١٤-٦-٢٠٢٤
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع