دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

سلسلة المقاومة المعرفية رقم (114) الدكتور مروح نصار لجنة القدس في الاتحاد العالمي وهيئة علماء فلسطين



قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏كتاب‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏


استراتيجية فتح بيت المقدس
أولا: استراتيجية الرسول صلى الله غليه وسلم لفتح بيت المقدس
لم يقتصر الاهتمام النبوي ببيت المقدس على السنة القولية، بل تعداه إلى السنة الفعلية، فكانت الخطة المنهجية للنبي -صلى الله عليه وسلم- تقوم على ربط الأمة ببيت المقدس برباط عملي، من خلال تقديم التضحيات، لتحرير بقعة مهمة من أرض الإسلام.
فنراه يحرص على إرسال الجيوش الإسلامية إلى تخوم الشام باستمرار، بحيث تكون مقدمة للفتح الفعلي لبيت المقدس، بعد أن كان الفتح الروحي في رحلة الإسراء والمعراج.
ويقول عبد الله معروف، في كتابه بيت المقدس في استراتيجية النبي صلى الله عليه وسلم: إن التحرك العسكري للنبي -صلى الله عليه وسلم- باتجاه بيت المقدس أخذ شكلين اثنين: عمليات عسكرية صغرى، وعمليات عسكرية كبرى، وقد كان الهدف من الأولى استطلاع الطرق وتدريب قادة الجيوش الإسلامية. ويدخل في هذا الشكل جميع السرايا التي شارك فيها عدد محدود من الصحابة، أما العمليات الكبرى فقد هدفت للتخلص من العقبات الكبرى أمام الجيوش الإسلامية باتجاه بيت المقدس، والتحضير الفعلي للفتح.
ويضيف الكاتب أنه لم يكن في العام الخامس للهجرة أي سرية أو غزوة باتجاه الشمال الغربي، أي باتجاه بيت المقدس، أما العام السادس فشهد 13 سرية وغزوتين، واحدة منهما كانت أكبر غزوة في حياته، وهي أبعد ما وصل إليه صلى الله عليه وسلم، وهو يرى أن سرية حسمى هي أول سرية باتجاه الطريق الواصل إلى بيت المقدس، بينما أرى أن أول تحرك عسكري باتجاه بيت المقدس لم يكن من خلال سرية، بل كان أكبر من ذلك.
لقد بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- تنفيذ الخطة العملية عام 5 هجري، حيث توجه ومعه ألف مقاتل إلى دومة الجندل في شهر ربيع الأول، بعد أن بلغه أن جمعاً من الروم تجمعوا بها، كما جاء عند الطبري.
ويوضح تلك الغاية النص الذي ورد في البداية والنهاية: "أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدنو إلى أداني الشام...".
وعندما نتأمل هذا النص "أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدنو إلى أداني الشام"، ندرك مدى ذلك الاهتمام النبوي بأرض الشام، فقد كان بإمكان النبي أن يتحصن في المدينة المنورة، وينتظر قدوم ذلك الجيش، الذي سيصل -إن فعل- منهكاً، بعيداً عن مصادر الدعم اللوجيستي، أما الجيش الإسلامي، فيعرف طبيعة الأرض، وعنده كل الاحتياجات، لكنه لم يفعل، ولم يختَر مكاناً آخر، بل توجه إلى أقصى موقع يمكن أن يصله الجيش الإسلامي، ليؤكد للأمة أن للمسلمين بتلك البقاع أرضاً خاضعة للاحتلال لا بد أن تستعاد بأي ثمن.
إن طبيعة هذه الغزوة والاهتمام بها نابعان من الاهتمام بالغاية المرجوة منها، وهي التمهيد لفتح بيت المقدس، وهذا يتضح من خلال ما يلي:
1_ مشاركة النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه في هذه الغزوة، إذ لم يؤمر عليها أحداً من الصحابة، ولا حتى من أبرع وأمهر قادته.
2_ العدد الكبير نسبياً الذي شارك في هذه الغزوة، صحيح أنه ليس كبيراً جداً مقارنة بمعارك أخرى، لكنه يعد أكبر من غيره في ذلك العام.
3_ وصول الجيش إلى أقرب منطقة من بيت المقدس، ولذلك دلالة عظيمة فهمها البيزنطيون، وهي أن الجيش الفتي الذي وصل إلى هذه البقعة القريبة من أماكن السيطرة والنفوذ البيزنطي، لن يقبل في المستقبل بأقل من هذا الإنجاز، وهذا سيفتح شهيته للتقدم أكثر، والوصول إلى بيت المقدس، فالبيزنطيون يعلمون جيداً مكانة بيت المقدس عند المسلمين، فلن يخفى عليهم خبر رحلة الإسراء والمعراج.
إن بداية تنفيذ استراتيجية فتح بيت المقدس بهذا المستوى لا تدل فقط على مدى الاهتمام والإصرار النبوي على استرداد بيت المقدس، وإعادتها إلى حكم الإسلام، بل تدل على الحنكة النبوية، والتعظيم لشأن بيت المقدس.
نعلم أنه من البديهي أن تبدأ أي استراتيجية عظيمة بوتيرة متصاعدة شيئاً فشيئاً، لكن أن تبدأ بغزوة بهذا المستوى، من حيث طبيعة المشاركة، وقوام الجيش، وموقعها، فليس لذلك إلا تحليل واحد عندي، وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بدأ مرحلة فتح بيت المقدس بنفسه، وأنه كان يتوق لذلك الفتح، كما يتوق تماماً لفتح مكة.
أما وإن علم بعد ذلك أن الفتح لن يتم في حياته، فقد أعطى هذه القضية بُعداً دينياً وإدارياً وتربوياً عظيماً في نفوس الصحابة.
ثانيا: الاستراتيجية التي تم من خلالها فتح مدينة القدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب،
الاستراتيجية التي تم من خلالها فتح مدينة القدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، جاءت في إطار خطة متكاملة وضعها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستمرت بعهد الصدّيق أبو بكر واكتملت بعهد عمر.
في نفس الوقت الذي فتح لهم النبي الطريقºلم يُحدّد لهم كيفية فتح بيت المقدس، إن استراتيجية التفكير بفتح بيت المقدس وتحضير الأمة لهذا الفتح كانت فكرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. باعتباره نبيا، وليس العبقري، أو السياسي فقط ... لكن أسلوب الفتح تطور في عهدي ابي بكر وعمر".
وأشار إلى أن أبا بكر حينما أرسل عمرو بن العاص إلى المنطقة قال له: "عليك بفلسطين وإيلياء", ففصل بين كيانين. وقال: "إن ابو بكر كان ينوي التعميم ثم التخصيص، فحتى ذلك الوقت كانت المسالة غير واضحة، كما أنه كان من الصعب في ذلك الوقت معرفة من أين تبدأ فلسطين وما المقصود بفلسطين".
إن الخليفة ابو بكر كانت لديه فكرة واضحة عما يريد أن يفعله، والدليل أنه أرسل ثلاثة جيوش من طريق واحد، وجيشا من طريق آخر. وقال: "هناك آراء كثيرة تقول إن أبي بكر كان يريد فتح المنطقة بشكلٍ عام، لكن اعتقد أن أبي بكر كان يريد بشكلٍ خاص فتح المنطقة المقدسة".
فمحاصرة المسلمين لبيت المقدس، وبشكل غير مُشدّد دليل ذلك، وما أن انتهوا من فتح سائر المناطق توّجهت الفتوحات لفتح القدس. البعض تحدث عن صراع المسلمين لفتح مدن أكبر من القدس باعتبارها الأخيرة لا تمثل ثقلاً سياسيا. يجب ألاّ ينظر للأهمية السياسية دون النظرة الدينية والتي تثبت أنّ هدف أبو بكر الأساسي من تحركات الجيش هو ديني بحت.
وبخصوص من الذي كان مسؤولاً عن فتح القدس بشكل أساسي، وهناك مصادر كثيرة ذكرت الكثير من أسماء القادة الميدانيين، لكن عدم تطرق المؤرخين إليهم بكثير من التفصيل يعود للعديد من الأسباب منها: تعاقُب الكثير من القادة على حصار القدس أدت بالنهاية لاختلاف المؤرخين حول هوية منْ فتح بيت المقدس. كما أن هناك إشكالية تتمثل بأن كتبنا التاريخية تُغلّب الدور السياسي على التاريخي، وهناك إغفال لكثير من القادة".
آخر رواية حول بعض التفصيلات وردت حتى الآن هي الرواية السريانية وترجمها كانت رواية أشخاص حاربوا مع الروم ضد المسلمين ثم حاربوا مع المسلمين ورووا أسماء قادة أغفلها الكثير من المؤرخين.
وأوضح أنه لم يتحدث أحد أبداً عن خطة لدى ابو بكر وعمر لفتح بيت المقدس، والسبب، "لعله تفاهم بين أبي بكر والقادة العسكريين الميدانيين، ودليل ذلك معرفة كل قائد جيش أين يتحرك: شرحبيل شرق الأردن، يزيد إلى أقصى الشمال، ابو عبيدة باتجاه بصرة إلى دمشق، فكل واحد عرف أين يتحرك وهذا ليس اجتهاد بل كان مرتبا مع الخليفة، ولعل وفاة الخليفة كان السبب لعدم كشف القادة واستكمال الفتح".
إن الذي حدّد هذه الأمور هو أبو بكر، وقد يكون ابو بكر أخذها من رسول الله لأن فتح الطريق وتحضير الفتح حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم".
وهنا نطرح بعض الاستفسارات، منها: هل يكون النبي قد حدّد لأبي بكر من ينطلق وكيف¿, أنها تبقى مسالة مطروحة للبحث، ولماذا تحرك المسلون بهذا الشكل حول مدينة القدس ولم يفتحوها إلا بالنهاية¿, ولماذا كانت القدس الوحيدة التي ذهب عمر بنفسه لاستلامها¿
"إن الأصح، أن عمر انتقل إلى القدس لفتحها ثم إلى الجابية "الجولان" على اعتبار ترتيب المكان إداريا".
"أن استراتيجية الفتح لم تكن فكرة عمر بل كانت فكرة الفتح كخطة استراتيجية سار عليها المسلمون، هي خطة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، من خلال الوحي، وأبو بكر كان صاحب استراتيجية عسكرية، وقد يكون استمدها من النبي، وهي مجرد فرضية، ثم أن عمر سار على نهج ابي بكر وانفرد بتغيير قادة الجيش، وقد يكون من الممكن أن يقوم أبو بكر بنفس ما قام به عمر وهو تولية أمر الجيش وفتح القدس لأبي عبيدة باعتباره رجلا دبلوماسيا وليس حربيا بحتا".
وطالب الدكتور معروف في نهاية محاضرته بإعادة النظر إلى الأسماء التي فتحت القدس والقادة الميدانيين الذين تم إغفالهم.
المصدر: موقع مدينة القدس (بتصرف) د. عبد الله معروف عمّان، الأحد, 11 - 4 - 2010م, 26 - 4 - 1431 هـ -
يتبع المقاومة (115)
انشرها تؤجر باذن الله
د.نصار

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع