قل للذي في الليلِ حاصَرَهُ الدُّجَى
يوماً ترى وَجْهَ الصَّباحِ الأبلجا
يوماً ترى زحفَ الهلاكِ إلى الذي
بالزيفِ ظنَّ له الأمانَ المُرتَجَى
قد خابَ ظنُّ ، فالذي رفعَ السَّما
حِصنُ الأماجدِ دائماً والمُلتَجَا
أنا لمْ أمُتْ يهوى السعادةَ خافقي
وأنا إلى أفيائها رَحَّالُ
أنا لمْ أمُتْ وأنا الذي مِن عِشْقِها
قلبي على طول المَدَى مَيَّالُ
أنا لمْ أمُتْ والموتُ في إقبالهِ
عِزُّ الفتى وأنا الفتى المِفضالُ
ما لي إلى نَيْلِ المناصبِ مُبتَغىً
دَاسَتْ مَناصبَهمْ لديَّ نِعالُ
أنا غايتي الإيمانُ يُصبِحُ رايةً
عُلْيا ، وتُطوَى دونَها الأهوالُ
أنا غايتي عَفْوُ المليكِ يَضُمُّني
يُمْحَى به ذَنْبُ الفَتَى ويُزَالُ
أنا لمْ أمُتْ وأنا بظِلِّ متاعبي
قد عِشْتُ ، واليومَ استراحَ البالُ
أنا لمْ أكُنْ إلا أسِيرَ مواجعي
وأنا أرى ما قد جَنَى البطَّالُ
قالوا : مُحَالٌ أن تضيعَ قضيَّتي
قلتُ : مُحَالٌ أن تضيعَ مُحَالُ
أنا لمْ أمُتْ إلا رَجَاءَ بقائها
ولها النِّساءُ فِداؤُها ورِجَالُ
أنا لمْ أمُتْ ، إذ أنَّ خلفيَ أمَّةً
تحيا لها ، وتعيشُها الأجيالُ
أنا لمْ أمُتْ ، إذ أنَّ في إيمانِها
تبقى الحياةُ وتزدهي الآمالُ
عَبَثاً يقولُ المُغْرِضُونَ تَوَهُّماً
مُتُّمْ وإنَّ صروحَكمْ أطلالُ
أنا لم أمُتْ وأنا أشاهِدُ منزلي
في الخُلْدِ ، هلْ للخالدينَ زوالُ ؟!
أنا لمْ أمُتْ إذ أن لي في حُورِها
عُرْساً ، وفي جنَّاتها أختالُ
أنا لمْ أمُتْ حتى وإن ذُقْتُ البِلَى
في الأرضِ لي في العالياتِ ظِلالُ
لكمُ السلامُ يُزَفُّ مِن قلبي إذا
عَزَّ الرِّجالُ ، ودمدمَ الأبطالُ
زوالُ الحُرِّ للدُّنيا زوالُ
ويُصبحُ شائهاً فيها الجَمَالُ
وما للعَيْشِ مِن نُعمَى إذا ما
بدا في القلبِ للحُزنِ احتلالُ
يَمُرُّ الليلُ ، والآهاتُ تَتْرَى
لها في النفسِ آلامٌ طوالُ
جبينُ الحُزن مُسْوَدٌّ كئيبٌ
وما للحُزنِ يا صاحِ ارتحالُ
تنادي الفجرَ آمالٌ عِراضٌ
ويحبسُ نورَهُ الدَّاءُ العُضالُ
وليس ببازغٍ أبداً شعاعٌ
وذلُّ الناسِ أغلالٌ ثقالُ
مَرَاجِلُ عِزِّهِمْ باتتْ جليداً
فما تغلي وإنْ أرغَى الضَّلالُ
تموتُ قلوبُهُمْ شيئاً فشيئاً
وفوقَ صدورِهِمْ رَسَتِ الجبالُ
إذا ما الأُسْدُ في وَهَنٍ تراءتْ
سيصبحُ سَيِّدَ الأُسْدِ الغزالُ
تموتُ على مَرَاغِمِها نفوسٌ
وتُصبِحُ كالنِّسَا فيها الرِّجالُ
فإنْ هي للعُلا عادتْ كباراً
لها في الحَقِّ قد طابَ القِتَالُ
تطيبُ حَيَاتُهُا دوماً إذا ما
على عِزٍّ الدُّنا طابَ النِّزالُ
وتَسْمُقُ للعُلا راياتُ مَجْدٍ
ويرفعُ صَوْتَ عِزَّتِها النِّضالُ
بفَجرٍ إنْ نأى دَهْراً سيأتي
يُؤَذِّنُ فيهِ مُبتَهِجاً "بِلالُ"
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة