****
قرّر الرّجل السّبعينيّ صالح دفن التّابوت تحت أشجار الرّمان ،
العرق المعجون بالتّراب، واللحية الكثة جعله يبدو كأيّ مشرّد ، نزل للقبر كيّ يطمئن من وسعته، نظف القبر من أوراق شجرة الرمان،،
نور ضئيل ينبعث من الغرفة المواجهة للحديقة، وأصوات صراخ واعتراض تبدو وكأنّها من مكان أبعد،
-جنّ جنونك ياصالح، دفننا لا ينهي المشكلة
ينفض التّراب عن جسده ويرمي المسحاة على تل التّراب ، ويتّجه إلى الغرفة، المقفلة بسلسلة من الحديد
ساعة الحائط تشير للثّانيّة بعد منتصف اللّيل،إنارة ضعيفة تنير الغرفة صادرة من فانوس نفطي قديم، يبدو أنّه كان متروكاََ لسنوات وضع على تابوت يتوسّط الغرفة
يبدو أنّ امراََ وقع في الغرفة، كلّ شيء فيها يبدو مبعثراََ ، لوحات مرميّة دون عناية على الأرض
وآثار اقدام متربة آثارها واضحة على سجاد الغرفة، وعلى لباسه،
أقترب صوب النافذةونظر للخارج كادت أن تكون مدينة أشباح،
نظر ثانية لساعة الحائط ، الساعة تجاوزت الثانيةبعد منتصف الليل بدقائق
وسرح بعيدا، وإذ به يقف وجهاََ لوجه مقابل صديق طفولته حكمت
-صالح، الليلة، هناك أوامر تفتيش منزلك تفتيشاََ دقيقاََحدود الثالثة بعد منتصف الليل، كم مرة قلت لك، القلم سيؤدي بك إلى التهلكة
وجد الرّجل السّبعينيّ نفسه أمام قرار صعب وقاسي إتّخذ القرار رغم إرادته، وهو أصعب قرار واجهه، خلال سنوات عمره الّتي قضاها في عالم الأدب والفنّ ، رفع الفانوس من على التّابوت،
جلس على ركبتية يبكي بحزن بالغ، وهو يندب حظه التّعس،
حمل المطرقة بيد، ونظر للتّابوت كأنّه يودّعه ودموعه تجري دون إرادة
-عذرا يامن قضيت معه أجمل أيّام عمري ،
بدأ يحكم باب التّابوت مستفيداََ من المطرقة والبسامير،
من شدّة هول الموقف، ضرب بالمطرقة على يده مرات ومرات لم يشعر بالنّزيف من شدّة معاناته
وقع على التّابوت مودّعا وباكياََ
صوت نَحِيب يصدر من التّابوت
-مجنون أنت ياصالح؟
يصّرخ الرّجل ألماََ،
-الأمر ليس بيدي ، أنا مجبر
ألا ترى كيف حزنت من أجلك، يا أعزّ ما عندي
يسحب التّابوت بقوّة خارج الغرفة متّجها صوب الحديقة ، للحفرة الّتي أعدّها لدفن التّابوت
فيها، يضع الفانوس على التّابوت، يدخل الحفرة، يسحب التّابوت يتصبّب العرق من وجهه لثقل التّابوت،يتدحرج الفانوس من على التّابوت ، نفط الفانوس يسكب على التّابوت تشتعل النّيران فيه، نحيب يصدر من داخل التّابوت،
- جننت يا صالح؟
يترك الحفرة وقد جنّ جنونه، يرمي بنفسه على التّابوت، كيّ يخمد النّيران، لحظات وتسري النيران بملابس صالح ، تشتعل ملابسه،
يرمي بنفسه على التراب المستخرج من القبر صارخاََ
-أنقذوني
***---------------------------
يستيقظ فزعاََ من نومه، وأن مشهد اشتعال التابوت يلاحقه، يسرع للتّابوت، يرفع البسامير عن الغطاء، ، التّابوت مليء بالكتب، يخرج الكتب بعناية، يقبّلها كالمجنون وعيونه تدمع
-سامحوني، فعلتها من أجل إنقاذ نفسي
-أردت أن أقول ، أنا لا أقرأ، أنا لم أكتب، أنا لست المدعو صالح
أنا أميّ منذ ولادتي
صوت أقدام، يفتح الشّباك المطلّ على خارج المنزل،
ينظر للخارج، يلاحظ الرجال المدجدين بالسلاح
-لا تتعبوا أنفسكم، أنا من تطلبون أنا قادم
عبد الصاحب إ أميري
***----------------------
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة