من مقالاتي ( تأملات في كتاب الحياة)
ورثتُ عن أمي ( رحمها الله) وتعلَّمتُ منها أمرين هامَّين اثنين:
أما الأول فهو عُلُوُّ الهمَّة
فقد كانت أمي تملك همَّة عالية مبعثها إحساسٌ عالٍ بالمسؤولية فهي لا تستصعبُ القيام بأي عمل مهما كان شاقَّاً ومُجهداً وتملك إصراراً منقطع النظير لإتمام أي عملٍ بدأته مهما تحمَّلت في سبيل إنجازه على أتمٍّ وجه
وكانت تقوم بأكثر من عمل في وقت واحد فهي تغسل وتطبخ وتنظف البيت في آنٍ واحد وتنجز كلَّ أعمالها بإتقان بشكل مبرمج لا يصيبه خلل أو خطأ
ولم تكن تتقاعس في أداء الواجب لأي سبب وكان لا يعيقها ألم أو مرض أو لهو
كنت أدخل البيت أحياناً فأشم رائحة الطعام على النار بينما القرآن بين يديها تقرأ فيه ورجلها منشغلةٌ بهزِّ السرير لابني النائم فيه
وكانت تقول أمي بالعامية( الشغلة ضبع لا يقوم لها إلا سبع)
أي أن الأعمال المخيفة لا يتصدَّى لها إلا الشجعان وكانت تملك تلك الشجاعة
أما الأمر الثاني الذي ورثته عنها وتعلمته منها فهو ( السعي للكمال) مع العلم بعدم بلوغه
فكانت أمي تحاول ألا تخطئ أبداً ويزعجها كثيراً أن تقع في الخطأ الغير مقصود نتيجةَ سهوٍ أو قلة انتباه وهذا لم يكن يحدث إلا نادراً
كانت أمي تقول ( أحلى مني الله خلق ولكن أحسن مني ليش لخلِّي)
وتقصد بذلك أن الخَلْق بيد الله وهناك من هو الأجمل وليس لنا يد بذلك ولكن الخُلُق بيد الإنسان وباستطاعة الإنسان أن يكون الأفضل فلماذا يترك المجال لغيره ليكون أفضل منه
قبل وفاتها بعامين تقريباً وقد صارت عجوزاً لا تستطيع المشي إلا إذا تسنَّدت إلى الأثاث أو الجدران وكان نظرها في طريقه إلى الزوال أي أنها كانت لا ترى إلا خيالات بسيطة ومع ذلك دخلت إلى بيتي وكانت وحيدة في البيت فوجدتها تقف إلى المجلى لتجلي بعض الصحون فغضبت وأعدتها إلى فراشها فقالت لي؛ يابني أنا لا أحب الجلوس بدون عمل
رحمك الله يا أمي فقد كنت إمرأةً استثنائية وكنت عملةً نادرة
اللهم أسكن أمي الفردوس الأعلى من الجنة
المهندس : سامر الشيخ طه
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة