الراحلون عن الدنيا راسخون في الذاكرة بما عملوا، متربعون على عرش القلوب، ناحثون نقوشا في العقول لا تحثها عوامل الزمن ولا تراكمات مستجدات الحياة.
يأتي العاشر من رمضان، ليقول لنا: في مثل هذا اليوم من سنة 1380 هجرية، الموافق ل26 فبراير 1961، غادر إلى دار البقاء، السلطان المغربي المجاهد والمناضل والمقاوم محمد بن يوسف ( محمد الخامس )، معشوق الشعب ومدرسة الملوك، التي يستقون منها دروسا لا مثيل لها في الوطنية والسيادة الحقة. نعم، مدرسة سامية تعلم كل حاكم، كيف تكون ملكا أو سلطانا أو رئيس دولة، بكل المقومات والمزايا التي يجب أن تتحلى بها، في أصعب المواقف والظروف. كيف تحافظ على السلطة والسيادة، وعلى وحدة الوطن والمواطنين، وتخلق ذلك التناسق في كيان الدولة، وتظبط كل اختلال وتدفع كل كيد ومكيدة يدبرها أعداؤك وحسادك. وتحبط أطماع الطامعين وغدر الغادرين. كيف تضحي بنفسِك ونفَسك وتختار المنفى على الإذعان والتنازل عن سيادتك وواجباتك والأمانة التي حملتها عن أجدادك.
ذلك محمد بن يوسف الذي أفنى عمره يقود المغرب صامدا، في معترك الاستعمار، نحو بر الحرية والازدهار، منذ تولى عرش المغرب عام 1927م/1346ه إلى أن وافته المنية سنة 1961م/10 رمضان 1381ه.
لقد ساند محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن، نضالات الحركة الوطنية المغربية للمطالبة بالاستقلال، إلى جانبه ولي عهده آنذاك، الحسن بن محمد ( المغفور له الحسن الثاني )، مما أدى به إلى الاصطدام بسلطات الحماية. فتم نفيه إلى مدغشقر. فنظم الشعب المغربي العاشق لملكه، مظاهرات مكثفة يطالب بعودته إلى وطنه. وأمام احتداد واشتداد الأمر وجد المستعمر نفسه في مأزق خطير، أرغمه على قبول الرضوخ إلى صوت المغاربة، والقيام بإرجاع السلطان إلى عرشه يوم 16 نوفمبر 1955. وبعد بضعة شهور تم إعلان انسحاب السلطات الفرنسية، وحصول المغرب على حريته واستقلاله.
رحم الله ملوكنا البررة الكرام، وجزاهم بما صبروا وجاهدوا و أخلصوا لوطنهم وشعوبهم، وأدوا الأمانة بكل صدق ومحبة وتفان.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة