في عالم الأطباخ مسموحٌ بالفِكر التّٓعدُّدي، ومعلومٌ أنّٓ أصناف المأكولات وألوان الأطعمة تختلف بمسمياتها ومقاديرها ونكهاتها من بيئة إلى أخرى ( حسب العادات والتقاليد والمورثات وثقافات الشعوب والأمم ) .
كُنتُ أجلسُ مع عائلتي على مائدة الطعام وقد أعدّٓت زوجتي ( المقتول ) الذي لا أعرف طريقة إعداده ولا مكوناته ولا البلد الذي يُشتهر به، ومع أني مُغرٓمٌ بالمقلوبةِ لكني أتحالف مع أي صنف من الأطعمة حتى لو كان العدس مع البصل، وطبعا طعم المفتول والمقلوبة غير شكل - لكنها كلها أنعُمُ الله التي لا غنى لنا عنها..
أردتُ أن أستطلع رغبات أفراد عائلتي المفضله لهذه الأطباق الرئيسية، فوجدتُ أنّٓ مٓن يُحِب الأوزي فرد واحد، وفردٌ آخر لصالح المٓندي، هناك من يُحب القِدْرة، وابني يشاطرني الهوس بالمقلوبة، ولم نُسجِّل ولا حالة إعجاب بالرؤوس والكرشات، ومع ذلك كلُّنا نٓسفنا المفتولٓ نسفا، وقلبناه داخل بطوننا، مع اننا لسنا من أنصاره، لكن ( إذا حضرت البطون غابت الذهون ).
حكايةُ الأطعمة هي مُشكلة الستات الأولى، وهناك كثير من التباينات تقع من ورائها، حتى أن هناك عدد غير محدود من حالات الطلاق وقعت بسببها، وفي العزايم لا يخلو بيت من الانتقادات والتعليقات حول موائد الاطعمه ومذاقاتها .
ودّٓعْنا شهر رمضان الفضيل الذي كان موسم النكهات بلا منازع، صيامٌ لساعات وملايين الحجوزات ولم يشغل بالنا شاغل مثل الطعام، في السعودية أسمع بالمفلطح، في مصر الكُشري، في المغرب كسكوسيه، وحتما في الأردن لا حديث يعلو على المنسف .
الجميل في حكايات الاطعمة ان الاختلاف حولها مقبول، ومهما تعددت الأذواق فانها لا تقدح بمذاقات بعضها بعضا بل تحترم الرغبات ولا تُجادل كثيرا بمقاساتها - وهذا الإتفاق حصريٍّ طبعا بالأطعمة وبلا منازع -.
أعلم أن موضوع الاطعمة يتجاوز حكاية النكهات، فهناك أطعمة تجلب الأصوات، وهناك نكهات تسيحُ معها الضمائر حتى تنفصل عن خيالاتها، وهناك الأمثال الشعبية التي تحضر دونما استدعاء ( إطعم التُّم وأخزء العين )، وطبعا الكروش المتدلية لها امتداد إما ان يكون منسفيٌّ أو مقلوبيٌّ أو قِدْريٌّ أو كسكوسيٌّ أو مُفلطحٌ أو أوزيٌّ أو كُشري، وطبعا أن لكل طبق تفاصيله الذي لا يعلمُ خفاياه - إلا الله -.
وإن شئت فسأل أهل السياسة والمناصب والأعيان والنواب ورؤساء الجامعات والبلديات والمجالس المحلية والقروية والمحافظين والمتصرفين - فهؤلاء لديهم من الروايات ما لن تمل وأنت تسمعها .
ولا بُدّٓ من الإشارة هنا لعدالة النساء في إعداد المُشهِّيات والنكهات، وطبّٓاخي الأقدار الذين ساهمو - ولحدٍّ كبير - في تلبية المتطلبات وإرضاء الأذواق وخدمة المناسبات .
ولا أذيعُ سرّٓاً بأنّٓ الله حباني بزوجة تُجيدُ الإعداد وتُطيِّب النكهات - ولٓسْتُ ممن يرى في الأطعمة إلا نعمة أسأل الله أن لا يحرمنا منها .
- اللهم آمين - .
أنا مقلوبيّّ يا جماعة - لا تحاولو أبداً أبداً بتغيير قناعاتي - مقلوبة وبس .
( مٓنْسٓفِيٌّ أم مٓقلوبِيٌّ ) ؟.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة