منذ فترة، لم يعد لي قوة أمل.. فلم تغمض جفوني..
إسودت الدنيا في عيوني..
كرهت ذاتي، أما مجتمعي فقد زادت تجاهه ظنوني.
أصبحت الدنيا أصغر من مقاسي..
حياتي كلها مآسي..
فكان الإختيار هو الإنتحار..
في طريقي للإنتحار من فوق جسر على النهر، قلت لنفسي:_
انا لا يستحق إسمي أن يبقى مقيدًا على قيد الحياة، وبدفاتر الأيام.
أشعر بسعادة غامرة، أأقول سعادة!
نعم.. سيفسح لي المجال، أن أنجو من الحياة بإعجوبة.
الحياة كانت معي مثل ألعوبة، بل أكبر أكذوبة.
أخبروا أمي أنني سأعود، قد آتي على ظهر غيمة ورعود،أو
مكفنًا بالورود.
لكن رجاء لا تخبروها أنني كرهت الحياة، كيف اكرهها وهي فيها!
قبل خروجي من البيت، قالت لي أمي:_
أعتقد أن أحدهم إستخدم حياتك بطريقة سيئة فيما سلف.
ثم أتيت إلى الدنيا يا مسكين ، ملطخـًا بالحزن نكاية، وليس صدف.
جئت لتتلقى كل ردات الأفعال عليها، فكنت أنت الطرف.
انصحك يا ولدي، لا تقف بالحياة على منعطف.
ولا تكن للحياة مختطف. ولا تقف بالمنتصف.
يا ولدي واجه الحياة بصلف.
قلت بنفسي:_من لم يعجبه البازي أخذ ريشه ونتف.
بعد دقائق وصلت للجسر الذي سأنتحر من فوقه .
أعاهدكم، أذا وجدتُ أي شخص يبتسم لي بطريقي، قسمًا
بالله سأعود عن الإنتحار.
وقفت على الجسر، نظرت للماء، رأيته هو الوحيد، من يبتسم لي مرحبًا ليحضنني بأحضانه.
قلت أيها النهر، ستقذفني الحياة بك، لأنني كنت فيها حمولة زائدة..
وقبل هذا..
قذفت كل أصوات التصفيق، التي أخرجتها من كفوفي تجاه
متاجرين بالوطن.
قذفت عبارة.. بالروح بالدم نفديك يا..
قذفت أسماء من يتصدروا الصفحات والأخبار.
قذفت إسم جامعة الدول العربية.
نظرت للسماء، لكي يسامحني ربي، وإذ بطائر نورس، وبسرعة
الصاروخ، يخترق الأفق، ويغوص سبر مياه النهر، فالتقط سمكة، وعاد يطير مجددًا،والسمكة المسكينة، كانت تحاول عبثًا التخلص من النورس.
من حيث لا ادري، صرختُ بالسمكة:_
قاومي، لا تستسلمي، كوني قوية، إنتفضي، الظاهر ان كلماتي أعطتها طاقة قوية، فراحت تنتفض، حتى فقد النورس توازنه
فقفزت السمكة ثانية بالنهر، رحت أصفق لها.
يا إلهي ومن موقع مكان غوص السمكة، خرجت بقعة ضوء باتجاهي.
كاد الضوء يخطف بصري.
قلت للضوء:_لماذا تقف امامي، ومن أنت؟
قال:_أنا (الأمل).
رأيتك في إكتئاب..
محطم الأعصاب..
وتبكي بانتحاب..
وفي قهر..
قلت:_أنا كاتب، ولكن القلم إحتج وارتج علي، وكف رجف الحبر..
إن قلبي حائرًا ضجر..
قد كان صلبًا قاسيًا، لكنه الآن منكسر.
إنني في حزن وكآبة، يكاد قلبي ينفجر..
فأين اروح بالحزن..
وكيف أبوح بالشجن!
العواطف علي تزن..
والحروف يستجرن ويبحن..
والمشاعر تجن..
والحنين يحن..
والكلمات تئن.
والألم بالقلب مختمر..
فما عادت تفيدني عمليات الحساب، أو الجبر..
سارمي بلا شك نفسي، من فوق الجسر..
قال الأمل:_
إن كنت من ذوي الألباب..
فاغلق على حزنك الباب..
واجه الصعاب..
هذه هي الحياة.. لفتة ثم غياب..
اسمك نظير، فسأشتقُّ منه كلمة.. إنتظر..
إنطلق لأفق الرحاب..
أُغز الضباب..
ولا تهاب..
من وهج الشهاب.
وارفع الأكواب..
سيستقبلك السحاب..
فاعتصر منه الشراب..
ولا تضيع الوقت هدر..
أُمحُ الكآبة والخيابة.. بالرحابة..
واستبدل الرتابة بالدعابة..
وابدأ الإجابة والكتابة والخطابة..
ومن أول سطر..
إحمد الله، واصطبر..
فما بال حرفك متلعثمًا عثر..
أمحُ الصعاب.. من الأعتاب.
وابدا(بسم الله) وبلا إنتحاب..
والعن اليباب.. والصعاب..
واكتب ما طاب..
من شعر.. نثر..
أدعُ بليلك.. ربك.. المتكبر المقتدر..
فلن تهلك، فالله لن يأس البائسين..
ولا تنسى ياصديقي فلسطين..
فإن ليلك أحلك..
فما لك، ومن أجلك..
إلا ان تدعُ لربك، وتُشر..
وسيدخِلُ لك ربك وللصابرين الكُثر..
نورا من كوة الصبر..
وسيزول عنك يومك.. التعيس.. البئيس.. العسر..
يا نظير..
هل تعلم يا فهيم، متى ستحتضر!
سيزول الليل البهيم، ويندثر..
وسيأتي الصباح، ومع صياح الديك بخيوط الفجر.
يا صديقي.. دع التشاؤم واصطبر.
كم في الطريق من الضيق، ومن الحفر.
فسيريك ربك، طريقك للسفر..
وسيعينك مليكك، وسترى ما يُسر..
وها هي فيروز تقول:_
سنرجع خبرني العندليب، غداة إلتقينا على منحنى..
قولها صائب..
فلا تقل عند المصائب.
لماذا أنا!
وبقلبي المتاعب تنتظر..
إطبع على وجه الكآبة قبلة، لكي تنحسر.
وانثر جناحك للحياة وانتشر..
وادع الامل في صلاتك، وإليه أشر..
فالقصة يا صديقي.. كلمة (صبر).
____
نظير راجي الحاج
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة