يامَن يَحِنُّ إلى الشَّهباءِ ومَن فيها
حُقَّ الحنينُ لنبضِ شرايينَ يُغذِّيها
يامَن يَحِنُّ لِمَهدِ الطُّفولةِ والشَّباب
هذي شهبايَ تَحكي السِّحرَ ويحكيها
في كلِّ زاويةٍ ذِكرى لأحاديثِ مُغرمٍ
خَفَقَ قلبُه بِحُبِّ حِجَارَتِِها و أهليها
فبعضُ الحِجَارةِ وإنْ بَكُمّتْ لها لغةٌ
يَفهمُها العاشقُ فيَرتوي بها ويَروِيها
قِفْ على هذي الروابي تأمَّلْ ما حَوَت
وأيمُ اللهِ لن ترى عيناكَ مِثلَ رَوَابيها
سَل مَن رَوى فيها روافِدَ قلبٍ نَبَض
نبضاتُ القلوبِ تَدورُ حَول دَارٍ تُدَارِيهَا
جُورِيُّها الباسمُ مِن ثغرِهِ بلاغةٌ سَنَتْ
كم أعجزتِ الفُصَّاحَ و أتعبتْ قوافيها
كم حارَ الوُصَّافُ بوَصفِ ما حَكى خدُّهُ
فجمالُه ارتَوى بثرىً أشمَّ من أراضيها
لِفُلِّها شذىً يفوح على كلِّ مَن مَرَّ بهِ
وتكتحلُ الأعين بندىً سَحَّ من مآقيها
اكتسى ثراها وشاحَ سُندسٍ مِن آقاحِها
فتمايَلَتِ الشقائقُ طَرَبا في نَواحِيها
نَوى حيِّها هوى بِحيِّها حتى خارَ صبرُهُ
فقد خَوَت حارتُه فما مِن حَيٍّ يُحَييها
النهرُ في دَوحِها لا تُسائِل عن جَمالِه
سَواقِيه لأرواحِ العاشقِينَ سَواقِيها
حصباؤُها في قَعرِه جَواهرُ تَلَألَأَتْ
فتَرى النهرَ يُشعْشِعُ حُسْنَاً مِن لَآلِيها
لِبُلبُلِها نشيدٌ قَد فاقَ الأنغامَ بسِحرِهِ
يَتراقصُ الياسمينُ بشَدوِه ودَواليها
بُدورُها تُخجِلُ بُدورَ الكونِ إنْ بَدَت
فمَا في المَجَرَّاتِ مِن بُدورٍ تُضاهِيها
إنْ أشرَقَ صُبحُها يُشرقْ قلبي بِنورِهِ
سَبحانَ ربي فالقُ الإصباحِ جَلَّ بارِيها
ما حَولَها يَنحَني في حَضرةِ جَمالها
كأنَّه بِفرطِ الهُيامِ يُقبِّل باطنَ أيادِيها
لها مِن الأنغامِ قُدودٌ تجمّلتْ بِاسمِها
تُحيِّرُ العقولَ بسِحْرِ نَغْمَاتِها وتُسْبيها
ياشاديَ الألحانِ هل سمِعتَ كألحَانِها
قُلْ للملحية بِخِمارِها مَن كان يُغَنِّيها
توسَّطتْ عِقدَ الجمالِ فيها قلعةٌ زَهَت
البدرُ يسامرُ وجهها والشمس تناغيها
تطيبُ الحياةُ بها ما صَفا عيشُ مُغرمٍ
أكرِمْ بِتاريخٍ رَقى وَزَادَ إشراقُهُ فيها
رَقَتْ ورَقَّتْ فَرَقْرَقَتِ القلوبُ بِحُبِّها
حتى أورقَتْ آدابُها بمَن فيها و مَنفِيِّها
شَبِّهْ ما شئتَ مِن الجَمالِ فذا بعضها
لَن تُدرِكَ حُسنَها ولَن تُدرِكَ لها تَشبيها
كلُّ ما في القَوافي مِن جَمالٍ و بَيانٍ
يَنهَلُ مِن مَنهَلِ شَهبايَ ومِن معانيها
مِن بديعِ اللَّحنِ أَصوغُ ما يُغازِل قدَّها
فيقولُ اللحنُ نغماتُكِ ياشهباءُ هاتيها
هي الشهباءُ حلبٌ فرَّجَ اللهُ ما أهمَّها
أُحِبُّ ما يُذكِّر بها وأحِبُّ كُلَّ أَسَامِيها
هي الشهباءُ تسمو المَعَالي مِن حُسنِها
وأنا الولهانُ مِن فَرطِ غرامِها أتيهُ تيها
محمد حميدي
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة