مشتاق إلى ذوات كثيرة وأشياء شتى..بي حنين عاصف إلى إبني،ذاك الشجرة الباسقة التي انتهت قبرا واجما،زاده البياض حيادا..
أين منّي وجه نجلي في مثل ليل كهذا..بسمته العذبة..بسمته الأصفى من الصفاء..عتابه-الطفولي- لي آخر الليل حين أعود ثملا وقد شردتني أزقة المدينة..
أين منّي حضنه الدافئ وهو يهدهدني وأنا الطفل والشاب والكهل..
لم أعرف اليتم يوم غاص أبي الرحيم إلى التراب..
واليوم تشهد كائناتي وأشيائي أنّي اليتيم..كهل تجاوز الستين بثلاث عجاف..
ولكنّي أحتاج إبني بكل ما في النّفس من شجن وحيرة وغضب عاصف..
أحتاجه لألعن في حضرة عينيه المفعمتين بالآسى غلمانا أكلوا من جرابي وشربوا من كأسي واستظلّوا بظلّي عند لفح الهجير..
لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي..واليوم تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض لينهشوا لحمي وحروف إسمي ..
آه -غسان*- كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟!
حنيني شائك ومتشعّب مثل حزني تماما،وكياني مكتظّ بالوجوه والذوات..
صوت بين بين المدى والمدى يناديني..
غسان في منامي يقول : القبر بارد يا أبتي أرسل لي قميصا من الصوف..
فأجيب :”قلبي يإبني غدا برحيلك كالحجر الإردوزاي..بل كالماء في الجب العميق..لذا سأسرج جوادي للرحيل..قليلا من الوزر أمتعتي..ولن يثقَل جوادي بالقليل..
سلاما لروحك الطاهرة يا مهجة الروح..
يامن تسكن خلف شغاف القلب..ذاك القلب الذي تحوّل إلى مزق ونفايات..
وتشظت معه الرّوح إربا في الأقاصي..
محمد المحسن
*غسان : نجل الكاتب الصحفي التونسي/الناقد محمد المحسن توفي غريقا بإحدى البحيرات الألمانية ذات صيف دامع من سنة 2017 وأصيب والده تبعا لهذا المصاب الجلل بجلطة على مستوى اليد اليمني إضافة إلى مضاعفات صحية أخرى مازال يعاني تداعياتها الدراماتيكية بصبر الأنبياء.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة