لمّا علمت عبلةُ بأنّ أباها طلب مهرها من عنترة كيلو ( كنافة بالجبنة) من صنع لبنان
إمتطت عبلةُ ظهرَ الجوادِ... لتقطع الفيافي والرّمال مناديةً بأعلى صوتها… أين أجدكَ واسترجعك يابن شدّاد؟؟؟ كي نعُودَ إلى مضارِبنا في الصحراء سعداء… .
وظلّت عبلةُ تتصرّف على هذا المنوالِ حتى وصلتْ إلي بلادِ الشامِ…ومنها إلى ربوعِ لبنان…
عندها ترجّلتْ عبلةُ عن ظهرِ الجوادِ… ووقفتْ تُنادي وسطَ الساحاتِ والأحياءِ… لتسألَ عن سيّدِ التلال والوهادِ…
وأنّه من جميل الصدف… رآها احدُ الرجالِ أثناء عودته إلى البيداء… فأخبرَها بأنّ أبا الفوارسِ قد وطأتْ قدماهُ ساحلَ طرابلسَ لبنان ….
هنا عادتْ عبلةُ من جديدِ لِتمتطي صَهوةَ جوادِها الأصيل… وقالتْ يا ربِّ أعنّي على إيجاد الحبيب سيّد البيد ….
لكنها… لما دخلتْ لبنانَ… لفتَ نظرَها خُضرةَ الجبالِ…وينابيعَها العذبة التي تروي العطشانَ… وتذكّرتْ في مضاربهم السّرابَ والكُثبانَ…
فَسلبَ لبَّها جمالَ هذا البلدِ الفتّانِ …
وظلّتْ عبلةُ تُفتِّشُ طِوالَ وَقْتها عن مكان حبيبها…عن عنترتها… حتى أشار إليها أحدُ الأخوانِ عن مقرِّ أبي الفرسان …
طرقتْ عبلةُ بابَ الدارِ…
ففتحهُ لها احدُ الشّبانِ الأخيارِ..سُرّتْ عبلةُ بجمالِ طلعتهِ…
وطارَ عقلُها ببهاءِ وسامَتهِ…
فصفا لُبُّها… ونسيتْ ثورتَها… وسلّمتْ على أصحابِ الدارِ ومَن عندهم من الزّوار… بكلِّ لباقةٍ ووقار… ومن بينهم عنترةَ العبسيّ سيد القفار…
لكنّ عبلة راقتْ لها في طرابلسَ العيشَهْ الهنيّهْ…
وسحرتْ عينيها زُرقةُ البحرِ الفِضّيهْ…
وفوحُ رائحةِ بساتينِ الليمونِ الزّكيّهْ...
فراقَ لها المكان…كما راقَ لِحبيبها سيّدِ الفرسان...
ونَسيتْ عبلةُ الصحراءَ ومضاربَ الخِيام…
وأكَلتْ… وتلذّذتْ بأطايبٍ من صُنعِ مطبخِ لُبنانَ… فأسَرّتْ في نفسِها قائِلة :
بَعْدَ الْيَوْمَ لَا إبلَ . ولا مَاعِزَ . وَلَا أغنامَ… وسَأبقى مُرتاحةً وسعيدةً هنا مع عنترتي العبسيّ بن شداد…
إذ أنّه كُلّ شيئ هنا تمام التّمام…
وكلّ هُمومي… سأدعُها بعدَ اليوم في ذِمَّةِ النّسيانِ… فِي هذَا الْمَكَان من أرض طرابلس لبنان…
ودُمتِ لنا يا طرابلسَ زُخراً وملاذاً على مرِّ الايّام والأزمانِ…
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة