.....
لقد كنت في أحد الليالي أطرق باب ذاكرتي لأسترجع ما خبأته الأيام التي خلت وأعيد ما حفطته تلك الذاكرة من أحداث كانت وما زالت تجول في نفسي وقررت ان أركز التفكير فيها كي أتمكن من الوصول لحقيقة هذه الذكريات وأخوض في أعماق ما دونت مخيلتي لأخلص إلى
ما كنت أتوق لمعرفته.....!
لقد كانت فتاة غاية في الجمال والرقة لكنها كانت لها حنكة وفطنة مع أنها كانت تحمل ذاك الجسم الهزيل وليس بالهزيل لكنه يعبر عن بعد عن معانات رهيبة ليست بالمعاناة التي تمر بها فتاة في عمر الزهور....!
لقد تخيلتها فتاة مثابرة رغم كل الصعاب وكان كفاحها لا لأن تصل لدرجة الشهرة والكبرياء....
لقد رأيت فيها الفتاة التي تفضل ان تكون مخلصة لما يجول في عقلها وتفكيرها المتكاملين وتكون بعيدة كل البعد عن أصحاب النفوس المريضة ومجتمع الغوغائيين الذين لا تهمهم سوي المتاجرة واللعب بالآخرين....!
تخيلتها في ذاكرتي التى لن تخطيء أبدا أنها كانت تجلس في إحدى الليالي الشديدة البرودة على ناصية من مقاعد الذكرى وتنظر للسماء وقد كان الليل مظلما ولم يكن هناك ضوء قمر وكانت الرياح شديدة لكنها إستحضرت ماضيها وأخذت باستجواب حاضرها وتمكنت من وجود النور يخرق الظلام مبشرا بيوم سندس أخضر بُنِيَ على أنقاذ مأساة قد مضت وجاء الأمل بعهد جديد ملؤه التفاؤل والحياة الكريمة وسرعان ما أدركها الصباح فذهبت بوجودها غارقة في إنتظار ذاك اليوم وأجهزت نفسها بالبكاء الذي إنتظرت بعده الفرح مع الضحكات .....
لقد كَتَبتُ سر هذه الهاربة ودونتها ولم أكن فيها من المبالغين....
والحق أنني أردت أن أصل إلى أعماق تلك الفتاة التي كانت العقول عاجزة عن معرفتها أم أنني ما كنت أهلا لتقييم فتاة تعدت حدود المنطق والتفكير وأصبحت من اللواتي لا يمكن الخوض في معترك حياتهن....!
لقد تجاوزت هذه الفتاة كل كدمات واجهتها وهي غير آبهة بما يدور حولها من المُحبطات...
أصبحت سدا منيعا في وجه كل المتسلقين...
هكذا تكون عينة من سيدات النساء اللواتي سطرت حياتهن في الواح خلدها التاريخ وكم نحن تواقين لمثل تلك الفتاة الت لن تعرف سوى الهرولة للأمام والصعود للأعلى رغم ما يعترضها من أشواك تدمي الأرجل وتجعل ذاك السبيل طويلا فهى بإرادتها إختصرته وأصبح النجاح قاب قوسين أو أدنى.....
أنا على يقين أنها تحب الحياة...
وليس لأنها تريد الخلود لكنها أحبت الحياة لعلمها أن للحياة ينبوع ماء زلال إن شربت منه فلن تجد بعدها إلا الوفاء والإخلاص وتعانق القلوب الظمئة....
أنا أقول لهذه الفتاة ليس كل من أحب تدوم له السعادة فسرعان ما يموت الحب ويصبح الإنسان يدور في كنفه المستدير ولا يدري من أين بدأ وإلي اين سينتهى....
لقد عاشت هذه الفتاة وتخيلت أنها في عصور الحب الذي لا ينتهي إلا بالإندماج مع روح من كانت له في قلبها خفقات لا تخفق إلا بذكره والإلتساق به ليكونان جسدا واحدا إلى أبد الآبدين....
هيهات ثم هيهات أن ينال المرء ما يشتهي.....
لقد توصلت إلا أن كل ما يقال له عشق فأنا أعتبره جنون لأنني لن أجد العشق الذي تنادين به يا صغيرتي مكتمل النمو في أيامنا هذه فما هو إلا طفرة تَغَنّى بها قلب العاشق وسرعان من تزول....!
يا ليتني أجد الحب الذي يتجلى في معظم الأحيان ويكون الرابط المتين ....
لقد تكررت كثيرا في هذه الأيام كلمة حب. لكنني وبخبرتي التي لا يشوبها شك أن مثل هذه الكلمة ما هي إلا درجة يعلوها المحب كي يصل إلى ما يريد...!
إن في كل كأس شراب خمرة مزيجا من الحب والكره ولو كان هذا الكأس صنع من ذهب..
فالحب مرارة قاسية لا بد وأن يخوض تجربتها كل من أحب...!
إنما في حال تلك الفتاة التي كنت على ذكرها هنا تختلف بعض الأمور قليلا لأنني تخيلت تلك الفتاة أتت من الماضي البعيد الذي كان يملؤهه صفاء النفوس وحسن السريرة وأتت لعالم النفاق والحب الذي تزينه أجمل عبارات الزجل والزخارف التي تبهج الأبصار.....!
كثير ما يبكون على ماض كانت لهم فيه ذكريات وقد مضت وأصبحت مجرد عابر يراود طيف من أحب وهو الآن يبحث عن حب جديد ...!
لا أقول هذا القول إلا لأنني شاهدت وأدركت....
لقد عاهدت نفسي أن لا أكون إلا من الناصحين ومع كل ما قلت وأكرر قولي ثانية أن تلك الفتاة التي تكلمتُ عنها ما هي إلا فتاة أتت لتحيي ما كانت الأيام قد دفنته وتريد إسترجاع كل من كانت له أذن صاغية ويبحث معها عن الوفاء كي يكتمل الحب الحقيقي الذي تغنى به الشعراء وما يزالون وأتمنى من كل قلبي ان تعود تلك الأيام ويأخذ كل محب ما أحب حتى تكتمل الحياة.......
سالم المشني....
فلسطين.......
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة