دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

السعادة بقلم / فاطمة امزيل سفيرة المحبة



معنى السعادة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي: كلمة سَعادة: اسم مصدر لفعل سَعدَ.
و السَعَادَة هي الفرَح والابْتِهَاجٍ، أيْ كُلُّ مَا يُدْخِلُ البَهْجَةَ وَالفَرَحَ عَلَى النَّفْسِ.
يقال، يَا صَاحِبَ السَّعَادَةِ، وهي كَلِمَةُ تَعْظِيمٍ وَإجْلاَلٍ لِذَوِي الْمَنَاصِبِ الكُبْرَى، الْمُدِيرُونَ وَالرُّؤَسَاءُ وَالوُزرَاءُ وَرُؤَسَاءُ الحُكُومَاتِ أصْحَابُ السَّعَادَةِ. 
ويرى أفلاطون السعادة، على أنّها عبارة عن فضائل الأخلاق والنفس، تماما كالحكمة والشجاعة والعدالة والعفة، كما يؤمن أن سعادة الفرد لا تكتمل إلا بمآل روحه إلى العالم الآخر، في حين، عرف أرسطو السعادة على أنّها هبة من الله، وقسمها إلى خمسة أبعاد وهي: الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس. 
هذه المفاهيم هي الثوابت التي لم تتغير عبر العصور، وقد تبناها الفكر البشري وآمن بها، وتداولها في حياته اليومية. 
رغم توالي الرسل والأنبياء، واختلاف الديانات، إلا أنها اتفقت على عامل الخير والعبادة، وأن السعادة الروحية هي الأصل، والسعادة المادية لا قيمة لها، فالسعادة هي بلوغ السلام الروحي بالعمل لتحصيل نتيجة مرضية، والشقاء هو التخبط في ظلمات ابليس، والعيش في سعادة مزيفة، والعمل على أمر لا طائل تحته، العمل فيما وبما يضر الروح والجسد، ونهايته معيشة ضنكا. 
قال سبحانه: " وهديناه النجدين، إما شاكرا وإما كفورا ". فالله سبحانه خيرنا بين ان نكون سعداء، فنشكر نعمه وفضله علينا، فنتبع طريق الخير، وإما ان نكون أشقيا، فنجحد بما فضل علينا، ونتبع طريق الشر والزيف والضلال. 
فالسعادة الحقة، تتجلى إذن في طاعة الله، وحسن عبادته، أي في الإسلام، واتباع ما جاء في الرسالة المحمدية. قال تعالى: " ما أنزلنا عليك الكتاب لتشقى " سورة طه الآية 2. 
من هنا، فإن السعداء هم أولئك الذين وصفهم الله تعالى بأنهم : " الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ". سورة يونس الآية 62. 
وهم الذين يصبرون على الشدائد والابتلاء، وعلى لغو الجاهلين ولغطهم، وأولئك الذين يسبحون ويستغفرون ويذكرون الله كثيرا، فتهون عليهم مصائبهم وتطمئن قلوبهم، فيتوشحون بالرضا، لقوله تعالى: “ فاصبر على ما يَقولون وسبح بحمدِ رَبك قَبل طلوعِ الشمسِ وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأَطراف النهارِ لعلك ترضى”،  
وقوله عز وجل: " ولسوف يعطيك ربك فترضى "، والرضا هو اطمئنان النفس ، والإيمان أن ما يصيبنا هو خير، وأن السعادة الحقيقية هي حسن الختام. 
لا شيء حلو وجميل نحصل عليه دون عناء، وكما يقال، " ما يبنى في شهور، يهدم في لحظة ". فالبناء يحتاج وقتا وعناء وبذل ما بين يديك، والهدم لا يحتاج إلا إلى معول أو كما هو الآن في عصرنا، لا يحتاج الهدم إلا ضغطة على زر، وكذلك الشقاء، لا يحتاج إلا إلى ذلك المعول أو ذلك الزر الذي يفسد كل شيء، إنه التغاضي أوالجهل أوالكراهية. 
قال تعالى في سورة هود الآية 105 : “ يوم يأت لا تكلم نفس إِلا بِإذنه ۚفمنهم شقِي وسعِيد”. ذلك أنهم يدركون أن وعد الله حق، فيسعد من شكر ويشقى من كفر.
وقال سبحانه في سورة هود آية 108 : “ وَأَما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فِيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ”. فيبين لنا أن هناك الشقي والسعيد، ويحدد لنا مقام السعداء الذي هو الجنة. فنحن هنا نصارع الدنيا ونجاهد النفس لنبلغ السعادة وهي الحصول على الجزاء الحسن والمقام الحسن والحياة المثلى. 
السعادة ليست هي المال أو الجاه أو المنصب العالي أو كل زينة الحياة الدنيا، بل هي اليقين بالله والجهاد لتحقيق الحق والعدل والحب والصفاء الروحي والجسدي. فالمنصب أو الشهرة أوالمال، قد يكون سبباً من أسباب السعادة إذا راعى صاحبُه الله فيما آتاه، وقد يكون سبباً من أسباب الشقاء، إن اتخذه صاحبه غاية، فيبذل في تحقيق هذه الغاية ماله ووقته وكل طاقاته، وربما دينه ومبادئه، لذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم قال في صحيح مسلم: " يا أبا ذر إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزىُ وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ". 
فالسعادة الحقيقية تتمثل في طاعة الله عز وجل، وإتباع هدى نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: " فمن اتبع هداي فلا يَضلّ ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإِن له معيشة ضنكا " سورة  طه الآية 124. 
وقال تعالى:  " ومن يطع الله والرسول فأُولئك مَعَ الذين أنعم الله عليهِم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " سورة النساء الآية 69.  
تلك هي السعادة التي كلّفنا  أن نبحث عنها ونعمل عليها. إنها تأتي بتطبيق العبادات بكل مضامينها، اسع واجتهد وحاول فقط، ستجد نبراسها يضيء حولك. 
فقد وجد ابنُ تيمية السعادة، وهو يكبل بالحديد، ويغلق عليه السجان الباب داخل غرفة ضيقة مظلمة. يقول ابنُ تيمية:  " فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ". سورة الحديد الآية 13. ثم ينشد نشيداً ويدون رسالته التاريخية:  " ماذا يفعل أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، إن سرت فهي معي، أنا قتلي شهادة وسجني خلوة وإخراجي من بلدي سياحة ". 
إنه لا يرى سوى النور والخير في كل ما يلاقيه من ظلم وسجن وعذاب. تلك لذة لا يتذقها إلا من اشترى السعادة الحقيقية، وليس السعادة المزيفة الزائلة بزوال أسبابها المادية.  
مما سلف، فالسعادة تكمن في الاستقامة على منهج الله جل جلاله، وفي الإيمان بالقضاء والقدر، وفي قضاء حوائج الناس وتنفيس كرباتهم، وفي اتباع أوامر الله واجتماب نواهيه، وفي الصلاة والدعاء والاستغفار، وفي محبة الناس في الله، وأن تحب لغيرك ما تحب لنفسك، وأن تتفقد جارك، وصاحبك، وذوي القربى، وأن تحسن إلى أبويك وتصبر على ما يصدر منهم، وأن لا تبخس الناس أعمالهم ولا حقوقهم ولا مجهوداتهم، وأن تعفو وتصفح وتسامح وتعامل من أخطأ في حقك بالحسنى لعله يتعظ ويرجع فيكون لك الفضل والجزاء الحسن.  
كم هي متشعبة هذه السعادة التي نبحث عنها وهي أقرب إلينا من مأكلنا ومشربنا ومتعنا الدنيوية الزائفة. كل الأنوار تخبو وتنطفئ إلا نور الله، فالسعادة هي ذلك النور الذي لا يأفل أبدا، والذي نراه ونحسه في دواخلنا. 
كونوا سعداء بما آتاك الله من إيمان وتقوى وقوة وخير وعلم. كونوا ذلك الإنسان الذي أراده الله، تكونوا سعداء. 
غفر الله لي ولكم وهدانا إلى طريق السعداء. 

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع