توقف !
توقف هناك بين هاتين الهضبتين .. هذه الأرض أصبحت مهجورة رغم أنها بين ضفتين .. انظر .. الهياكل العضمية لأشجار الصنوبر ماتت وتعفنت ..
نعم ، توقف هناك لأروي لك بعضا من عطش الذكريات .. أتذكر أن هذه الجذوع كانت قد خرجت منذ الشتاء الفارط .. والآن ، ها سواد فروعها ينعكس على طين داكن .. هنا إذن كان الاحتجاج والقلق على الغلاء الذي أصاب هؤلاء الموتى مع مرور الزمن ..
توقف يا سيدي.. وابق معي لسماع همسات أجساد لا تزال ترتعش .. هناك ، قد خسر البعض المعركة ضد قوم همج هجروهم هاربين إلى الأعلى .. ولا تزال كلماتهم تتدفق على النهر المتجمد إلى الآن : إنها صيحات كائنات بشرية .. وفي الأفق ، سماء زرقاء لا تزال ترتجف في مهرجان الأغاني برقصات الجعة ..
وعلى القمم المفرومة بالإبر الحجرية هناك ،
ورود خضراء تخدش كل الجداول .. لوحات لا مثيل لها .. لوحات لا أتصورها خارجة عني .. سأحتفظ بها لأنها ذاكرة كل العيون .. هي عاطفتي الوحيدة في الوجود .. وبوجودها ، أشعر أن الشمس تملح وحدتي وتنفد بدون صوت إلى معجم كلماتي ..
ستتوتر عضلاتي على نتوءاتها الصخرية.
ويتصلب بطني في لهاث طفيف .. لكن لا طريق مسدود أمامي في وديانها الخفية .. فالبحر الذي يبتلع أصوات كل منحدراتها ، سيقودني حتما إلى جمال أمكنتها .. ويدلني على كلمات جنونها ..
انعنيعة أحمد
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة