....................................................
حبُّ الأوطانِ ليس شعاراتٍ تُـرفعُ ، ولا عباراتٍ رنَّانة تُصاغ بنغمةٍ ظاهرها فيه الوطنية وباطنها تحملُ الغِـلَّ و الأحقاد ،
فحبُّ الوطـنِ غريـزةٌ فطـريةٌ ، وضرورةٌ بشريةٌ، و فريضةٌ شرعيةٌ أوجبتها كلُ الدياناتِ السماوية ، فيُولَـدُ الطفلُ وحب الوطن مزروعاً بجنباته، ينمو هو و حب الوطن يترعرع بداخله ، فالوطن ليس تلك القطعة الصمَّاء من الأرض ؛ بل هو تاريخٌ وحضارةٌ وروابطٌ اجتماعيةٌ مقدسةٌ ، تجعل الإنسانَ طواعيةً مشدوداً للمكان يرتمي في أحضانه، وينعم بجنته، فكلما زادت رفاهية المواطن ، وصينت كرامته، سعد بحياته ، وزاد انتماؤه.
فيامَنْ تَـدَّعون أنَّ حبَّ الأوطانِ بدعةٌ ،حب الأوطان ليس ببدعةٍ ، بل شرعاً، وها هو نبينا محمد " صلى الله عليه وسلم " يعلمنا كيف يكون حب الوطن وذلك أثناء هجرته إلى المدينة وبعد أن استقبل وجهته إليها التفت للوراء تجاه مكةَ، مسقط رأسه حيث أبوه وأمه ، وأنس أهله وأجداده، وملعب طفولته وصباه ، ومشهد شبابه ،ومهد رسالته ، ينظر حنيناً وشوقاً وحزناً على مغادرتها قائلاً:
" واللهِ يامكةَ إنك لأحبُّ بلاد الله إلى قلبي،ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت " ، قالها والدموع تزرف من عينيه حزناً على تركها ، فهل بعد هذا الحب للأوطان أي حب ؟!.
فكيف نغرس حب الوطن داخل النفوس ونُـنشِّئ الأجيال عليه؟
نعم كل مؤسسة ولها دورها الأساسي في هذا المجال بدايةً من الأسرة وهي المنوطة أولاً بزرع ذلك في أطفالها منذ الصغر بإشعارهم بذواتهم وأنَّ لهم قيمةً ومكانةً فينتمون لهذه الأسرة ، ثم تتسعُ الدائرة بعد ذلك وترتقي للحفاظ على ممتلكات الغير ، وعدم التعدي عليها ، وأيضا المال العام وترشيد استخدامه والحفاظ عليه.
ويأتي بعده دور المدرسة والتي تجعل التلميذ يشارك وبقوةٍ وجديةٍ في ممارسة الأنشطة والمشاركة في انتخابات الفصل والمدرسة ، وتعلمهم الحفاظ على ممتلكات الدولة والمال العام .
ثم يأتي دور المسجد واستدعاء كل الآيات القرآنية التي تدعو إلى حب الوطن ، وتحفز عليه ، وأيضاً الأحاديث النبوية الموجبة لذلك .
والكنيسة وما بها من أخلاق وقيم عليا وسامية تدعو إلى حب الآخر فتغرس حب الوطن في النفوس موضحة أن الدين لله والوطن للجميع .
والأزهر الشريف وعلماؤه الأجلاء والذين يبرزون قيمة حب الوطن وواجبات كل مواطن تجاه وطنه.
ووسائل الإعلام : المرئية منها والمسموعة أوالمقروءة ، أقصد هنا الإعلام المنهجي الذي يتخذ من الإصلاح نموذجاً لبرامجه وخاصة الحوارية فلا يقدم ما يبرز العنف والمجون وغيره ، وترتكز قنواته على بث روح المحبة والتعاون وغرس حب الوطن في النفوس.
عزيزي المواطن ، نعم لك حقوق ولكن في المقابل عليك واجبات وقد أرى أنه لا نربط هذه بتلك ، ولكن عليك واجبات تجاه هذا الوطن وأولها وأهمها هو الدفاع عن الوطن بكل غالٍ ونفيس .
وهنا أود أن أشير إلى نقطة غاية في الأهمية ربما تغيب عن البعض، فليس الدفاع عن الوطن فقط بحمل السلاح ، ودخول ميادين القتال بالمعدات والقطع الحربية ، ولكن في ظل عصر التكنولوجيا والنظم العالمية الحديثة أصبحت الحروب بحمل السلاح لا تجدي وبخاصةٍ مع الشعوب الأبيَّة مثل الشعوب العربية الرافضة لكل أنواع الاحتلال وبخاصةٍ الشعب المصري، وبالتالي أصبح الدفاع عن الوطن له آليات أخرى ، بعد أن أصبحت الحروب مختلفة والميادين متباينة ، فجاء الغزو الفكري وما أدراك ما الغزو الفكري الذي اتخذته بعض الدول التي لا تسعى إلا لمصلحتها هي فقط سواء غربية أو أوربية اتخذتـه مطِّيـةً تسـوق عليهـا أفكارهـا المسمومة وآراءها المدسوسة سواء عبر
أذرعتها الداخلية ، أو عبر أذرعٍ من بني جلدتنا والذين تم تجنيدهم و مسح عقولهم وملئها بحفنةٍ من الدولارات في سبيل تدمير أممهم وأوطانهم بدوافعٍ سياسيةٍ مغلوطةأو دينيةٍ منبوذة في كثيرٍ من الأحيان.
وهنا يتطلب الأمر وبجدية التصدي لكل أنواع الغزو الفكري ، والفكر يُـواجَهُ بفكرٍ فهيَّا رجالات الوطن وحماته لمواجهة الغزو الفكري الجامح الوارد إلينا من خارج البلاد والذي لا يمت لقيمنا وديننا وأعرافنا بأية صلة هيا بنا ندحره ، فكرةً بفكرةٍ وحُجَّةً بحجةٍ ونريهم كيف أن قيمنا وديننا وأعرافنا ترفض سمومهم ، وتكون رادعةً لأفكارهم فكرة تلو الفكرة، ولا يتأتَّى ذلك إلا بالتشبعِ بروح الانتماء لهذا البلد العظيم ، والذي نود ؛ بل يجب أن نعمل جاهدين على بنائه ويتأتى ذلك بالآتي :
١- ضرورة التعايش السلمي بين أفراد المجتمع على اختلاف ديانتهم أو أجناسهم .
٢- الحوارات الوطنية البناءة والإقناع بين الأطراف المتباينة والأحزاب المختلفة في الرأي أو القصد أو العقيدة أو الطريقة بعيداً عن الترغيب أو الترهيب ، وإصلاح ذات البين .
٣- معاقبة المفسدين والمخربين والأخذ على أيديهم، وهذا مبدأ أصيل في تأسيس أي وطن ، وتدعو إليه كل الديانات وهو موكول إلى ولي الأمر ومن كلفه بذلك ، أما عن عامة الشعب فلابد من نبذ هذه العناصر ورفض تلك الدعوات الهدامة ، والنعرات الكاذبة.
٤- النهوض بالدولة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية.
فهل يتحقق ذلك ؟!.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة