دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(جميلة ) بقلم / ابتسام حمود

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية


ولدت جميلة بعد أشقائها الأربعة فكانت مسك الختام وكانت فراشة البيت وعصفورته المدللة وكانت حبيبة الأب ورفيقته، أرسلها للمدرسة لتنال الشهادة الإعدادية حيث كانت في ذلك الزمن حكراً على الشباب فقط فالبنات لن تستفدن من الشهادة وحياتهن محصورة بالعناية بالمنزل وإنجاب الأولاد وتربيتهم، وأكثر من ذلك فقد جند أحد إخوتها لمرافقتها للمدرسة ذهاباً وإياباً كونها بعيدة عنهم،

بالإضافة لذلك علّمها الصيد واستعمال السلاح وركوب الخيل وجعلها رفيقته في مجالس الرجال مع إخوتها فنشأت بشخصية قوية، شجاعة ومتحدثة لبقة وصاحبة رأي سديد

وبنفس الوقت كانت أنثى مكتملة الأنوثة، حنطية اللون مع شعر أسود طويل وجسد متناسق وعينين سوداوين بريقهما يشد الناظر إليهما ورموش كثيفة تظلل نظراتها بسحر وجمال،

ومع كل هذه الصفات كانت جميلة محط أنظار الجميع وكان بيتهم لا يخلو من الضيوف ومن كل القرى يأتوا لخطبتها فهي إمرأة استثنائية ومكسب كبير لمن يفوز بها، لكن والدها وكل مرة يرفض من يتقدم، فلم يجد أحد يليق بابنته، وهي كانت مطيعة بشكل غريب مع كل قوتها وشجاعتها ألا إنها لم تعص لوالدها أمراً ولم تكسر له كلمة.

وفي يوم من الأيام وبينما كانت تتجول مع حصانها على أطراف القرية التقت بشاب قادم من المدينة ليعمل بأحد مؤسسات الدولة القريبة من قريتها، كان الشاب وسيماً مرتباً و أنيقاً ببذلته السوداء التي تضفي عليه وقاراً محبباً

بعد أن أرشدته إلى المكان غادر ولكنه لم يغادر قلبها وفكرها،

يوم بعد آخر وبعد بضعة لقاءات بينهما، اعترف لها بحبه وإعجابه بها وطلب الإذن بزيارة الوالد،

قبيل الزيارة أخبرت والدها أنها معجبة بهذا الشاب ولكن  الأب رفض  طلبهما رفضاً قاطعاً  وأمر جميلة بألا تفتح موضوع الزواج هذا مرة أخرى،

انصاعت الفتاة للأمر ولم تجرؤ على النقاش فمجرد اخبارها بالأمر يُعد في ذلك الزمن امتيازاً،

أغلقت الباب على عواطفها، وأكملت حياتها حيث أسست مدرسة لمحو الأمية في القرية وأغرقت نفسها بالعمل ولم تنتبه لمرور السنين إلا يوم وفاة والدها

استفاقت يومها لتجد نفسها وقد تخطت الأربعين وباتت على حافة الشيخوخة، ولن تستطيع أن تغير من حياتها شئ.

يوم وفاتها تحسر عليها الجميع

وحزن لأجلها الجميع

وتحدثوا عنها كيف كان جمالها الأخاذ وشخصيتها الجذابة وقوتها  نقمة عليها

كانوا ورقة نعوتها كتبت بماء التسلط والكبر منذ أول ضفيرة و أول فستان وأول لمسة من أحمر شفاه موقعة بحبر الظلم والجبروت،

أعطت جميلة كل الحب لمن حولها واحتفظت بجزء صغير في قلبها، عاشت فيه  وماتت وحيدة معه.


عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع