أشتاق إلى ما لا أعلم، أشتاق إلى ما لا أدري، هل هذا لكثرة الحرمان مما نفتقده، أم هذا لكثرة الشعور بثقل ما نعيشه، فنشتاق إلى ما نشعر أنه الخلاص، فالاشتياق في نفسه أمل، والأمل هو القوة التي تمنحنا البقاء، فإن كنا نشتاق لما لا ندري فهو محاولة منا للشعور بالأمل حتى نتحمل ما نعيش فيه بأمل الاشتياق، أحيانا نشتاق للعزلة إذا ما تكالبت علينا البشرية بمخالبها السامة التي تنهش في جدران آمالنا وأمانينا البسيطة، وأحيانا نشتاق إلى الصحبة إذا ما ضمنا السكون بين طياته حتى لا نكاد نسمع إلا صوت أنفاسنا المتسارعة من شدة الشعور بالوحدة فكأنما الأنفاس تجري لاهثة تبحث عن رفيق.
وأحيانا يكون الشوق للشوق فيكون الشوق شوقا في ذاته حتى نشعر أننا أحياء ولا زال لدينا شعور بالإنسانية، فيكون الشوق للشوق هو نبض للحياة وعلامة على أننا ما زلنا أحياء في دنيا الأموات التي نحيا فيها أجسادا بلا روح، أنفاسا بغير قلب، دماء بغير عروق، فلعل الشوق في ذاته جسر لما لا نعلم كنهه ولكن الدافع له هو البحث عن الحياة وإن كان الطريق لها هو الشوق وإن لم نصل لشيء، فسيظل الشوق هو الملاذ ويظل الشوق هو المدينة الفاضلة التي نسعى إليها، وإن كنا نسير في هذه الحياة على طريق ممهد بالأشواك إلى عالم الأشواق، فإن كان الاختلاف بين ق و ك لكن يظل الطريقان مرتبطين، فطريق الشوك وسيلة لطريق الشوق، فلنحيا على أمل الشوق وإن كنا نعاني آلام طريق الشوق، ولكن ليستمر المسير فوق الشوك ليصل إلى الشوق.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة