كُنْ حَزيناً يا صَديقي كُلَّما شاهدتَ طِفلاً
جائعاً أو حافِياً يَبكي على بابِ المُخَيَّمْ
كُنْ حَزيناً عِندَما تَسمَعُ زَغرودَةَ أُمٍ للشَّهيدِ الطِّفلِ،
لمْ تبكِ وَقَدْ زَفَّته للأرِضِ عَريساً في كَفَنْ
وَعَريساً للوَطَنْ
كُنْ حَزيناً أنَّ أخلامَكَ ضاعَتْ كُلّها مَعْ وَعْدِ بِلفورَ
ووَعدِ العَودَةِ الهشِ كَبَيتٍ عَنكَبوتيٍّ
أحاكوهُ لنا فخاً لكَيْ نَسقُطَ فيهِ فَسَقَطنا
في أتونِ الوَعدِ حتّى بَعْثَرَتنا الرّيحُ في كُلِّ المَنافي
وابتَعَدنا عنْ حُدودِ الرّوحِ فينا بَيْنَ ماءَينِ مِنَ البَحْرِ إلى النَّهرِ فصارَ وَعدُ الزّيفِ حُلْماً، آهِ كَمْ أخشى بأنْ يَغدو كَحُلْمِ الأندَلُسْ
كُنْ حَزيناً إنْ رأَيتَ الحَربَ في التلفازِ واسألْ
كَمْ مِنَ الأطفالِ تَحتَ الرَّدمِ، كَمْ مِنْ أبرِياءٍ
سَقَطَ المَبنى عَلَيْهمْ فقَضَوا في لَحظَةٍ واحِدَةٍ تَحتَ دَمارٍ شامِلٍ، لا قَبرَ يُؤويهِم وما من أَحَدٍ في العيدِ يأتي القَبرَ
حتّى يَضَعَ الوَرْدَ عَليهِ، كُلُّهمْ ماتوا معاً لا قَبْرَ
لا زوّار بَعدَ اليومِ تأتي للمَقابِرْ
كُنْ حَزيناً عندَما تُدرِكُ أنَّ امرأةً واحِدَةً
أو رُبّما أكثَر حولَ العالمِ الوَحشِيِّ في جُزءٍ مِنَ السّاعَةِ حَتماً تُغْتَصَبْ
كُنْ حَزيناً حينَ يَستَرسِلُ في خُطبَتِهِ الشَّيخُ
فيروي كُلَّ ما طابَ لهُ عَنْ غَزَواتٍ وبُطولاتٍ وأمجادٍ عفى الدَّهرُ عليها دونَ أنْ يَذكُرَ غَزَّةْ
كُنْ حَزيناً حينما تذبُلُ في مشْتَلِكَ البَيْتِيِّ وَردةْ
كن حزيناً عندما تُحصي ضحايا العنفِ والإجرامِ
يوماً بعدَ يومٍ وازدِيادِ القَتْلِ عَمْداً طَمَعاً في المالِ والخاوةِ، هلْ عُدنا الى الجِزيَةِ بالقُوَّةِ والقَتلِ وفَوضى الأسلِحةْ؟
كُن حَزيناً كلّما شاهَدتَ فوضى السَّير في الشّارِعِ
لا تَهدَأُ ليْلاً أو نهاراً وَيْحَنا كَيفَ انحَدَرنا نَحْوَ قاعِ الهاوِيةْ
كُنْ حزيناً إنْ فَقدتَ الأمنَ حتى داخل البيتِ
وفي الشارعِ والمَقهى فحاذرْ أينما كُنتَ
فما مِنْ أحَدٍ منا بآمِنْ
كُنْ حَزيناً حينَما تُفشِلُ أمريكا وبالفيتو قرارَ المجلسِ المَخصِيِّ إنْ لمْ يَخدِم الكاوبويَ حتّى يَحكُمَ العالَمَ مِنْ شَرقٍ وَمِنْ غَربٍ شمالاً وَجُنوبا
كُنْ حَزيناً حينما تُدرِكُ مَنْ يَحكُمُ هذا العالمَ المجنونَ، إمّا خَرِفٌ يَنسى اسْمَهُ أو أرعَنٌ يَحكُمهُ مِنْ سِجنِهِ
لا بأسَ صارَ السِّجنُ يا للسِّجنِ كمْ يَبدو مريحاً حينَما يَغدو مَقَرّاً لِرَئيسٍ فاسِدٍ أو بَيْتَهُ الأبيَضْ
كُنْ حَزيناً بيْنَما أنتَ تَرى هَروَلَةَ الحُكّامِ مَخصِيّينَ للتّطبيعِ، باعونا قَديماً خِفيَةً، والآنَ صاروا عَلناً إذْ عقدوا حِلفاً مَع الشَّيطان جُبْناً وخِيانَةْ
كُنْ حزيناً أنتَ تَحيا في جَحيمٍ دُنيَويٍّ ثُمَّ تَهذي بِفراديس الحَواري والجَواري في السَّماءْ
يا إلهي وَيحَنا كَيفَ جَعَلناهُنَّ مفعولاً بِهِ، إما حواري أو جواري، خادِماتٍ عاهِراتٍ أيّ تَحقيرٍ كَفى، لا تَجعَلوا المرأةَ مخلوقاً رَخيصاً ليسَ مِنْ دَورٍ لَها إلّا النّكاحْ
كُنْ حزيناً أبَداً ما دُمتَ تحيا ها هُنا
الفَ جَحيمٍ عِشتَهُ قَهراً وذُلاً وُعَذاباً فاضَ عَنْ حَدِّهِ حتّى أصبَحَ المَوتُ لنا أمنِيَةً نَحوَ الخَلاصْ
هَلْ تُرى أحياءُ نحنُ الآنَ أمْ مَوتى، لعَمري لستُ أدري
كلّ ما أعرِفُهُ الآنَ بأنَّ المَوتَ وَعْدٌ بالحَياةْ
كُنْ حَزيناً طالما أنَّكَ حَيٌّ فإذا فارَقتَها مُستَسلِماً
قُلنا وَداعاً
كُن سَعيــــــــداً
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة