دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

يقظة الضمير والفطنة إلي عواقب الأمور . ... بقلم. .... د.عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمر سلين سيدنا محمد (صلى الله عليه و سلم) أما بعد : عباد الله : إن الإسلام يدعونا إلي يقظة الضمير والفطنة إلي عواقب الأمور في الدنيا والأخرة ، فهذان رجلان يأتيان إلي النبي (صلى الله عليه و سلم ) ويقول أحدهما وهو من حضرموت باليمن : يا رسول الله ، هذا الرجل اعتدي علي أرضي وأخذها ، ولم يكن عنده بينة أن الأرض ملك له . وقال الآخر وهو من كندة باليمن : الأرض ملك لي وتحت يدي . فقضي الحبيب (صلى الله عليه و سلم ) بأن يحلف الثاني بأن الأرض التي تحت يده ملك له ولم يعتدي علي الأول ، فحلف الرجل .

 فإذا بالرجل الأول يقول : إن المعتدي فاجر ولا يتورع عن الكذب .

 وهنا يدعو الحبيب (صلى الله عليه و سلم ) الطرفان المتنازعان إلي النظر في عواقب الأمور في الدنيا والآخرة ، وإن كانت الآخرة هي الأشد أثراً علي العبد ففيها غضب الله علي المعتدي ، ومن يتحمل غضب الله سبحانه وتعالي ؟. 

روي الإمام مسلم بسنده  من حديث ْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ . فَقَالَ أَحَدُهُمَا : إِنَّ هَذَا انْتَزَى عَلَى أَرْضِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ ، وَخَصْمُهُ : رَبِيعَةُ بْنُ عِبْدَانَ . قَالَ : بَيِّنَتُكَ . قَالَ : لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ . قَالَ : يَمِينُهُ . قَالَ : إِذَنْ يَذْهَبُ بِهَا . قَالَ : لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَاكَ . قَالَ : فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : ( مَنْ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ) .

والحديث عند الإمام الترمذي بلفظ : عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عَنْ أَبِيهِ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ ، وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي . فَقَالَ الْكِنْدِيُّ : هِيَ أَرْضِي ، وَفِي يَدِي ، لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ . 

فَقَالَ النَّبِيُّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لِلْحَضْرَمِيِّ : أَلَكَ بَيِّنَةٌ ؟. ) قَالَ : لَا .

 قَالَ : ( فَلَكَ يَمِينُهُ ). قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ ، لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ . 

قَالَ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ ) .

 قَالَ : فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ لِيَحْلِفَ لَهُ . 

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لَمَّا أَدْبَرَ:( لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِكَ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا ، لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ ) .

كما يدعونا الإسلام إلي رد الحقوق لأصحابها أو طلب العفو من المظلوم إن طابت نفسه للعفو ، لأن بانتهاء الدنيا لابد من القصاص ، وفي الآخرة ذهبت الدنيا بما فيها ، فليس هناك أموال أو شيء من جنس ما في الدنيا ، ولكن القصاص بأن يأخذ المظلوم من حسنات الظالم بقدر مظلمته أو يتحمل الظالم من سيئات المظلوم بقدر ظُلمه له ، إنها مسألة عسيرة خطيرة ، فقد يفقد الإنسان كل حسناته لكثرة ظلمه ، ويُطرح في النار ، وقد يفقد الإنسان درجة عالية في الجنة بسبب ظلمه ، روي البخاري بسنده من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) .

 قص الحبيب (صلى الله عليه و سلم ) قصة رجلين تميزا بيقظة الضمير والنظر في عواقب الأمور. الرجل الأول : اشتري داراً من الرجل الثاني ، فوجد في باطن أرض الدار جَرة أي قُلة كبيرة من الفخار مملوءة بالذهب ، فإذا به يتورع عن أخذ الذهب ، ويذهب به ليُعطيه للرجل الثاني المالك الأول للدار ، بحجة أنه اشتري الدار ولم يشتري الذهب . فإذا بالرجل الثاني المالك الأول للدار يمتنع عن أخذ قلة كبيرة مملوءة بالذهب بحجة أنه باع الدار بالأرض وليس له حق في الذهب .

 إنه الورع ويقظة الضمير والخوف من الله ، إنه الإيمان بلفظه ومعناه ، إنه اليقين بيوم يقف فيه الناس أمام رب الناس ليحاسبهم عما فعلوا في دنياهم . روي الإمام البخاري بسنده من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ ،  فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي ، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ . وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْأَرْضُ : إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا . فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ : أَلَكُمَا وَلَدٌ ؟. قَالَ أَحَدُهُمَا : لِي غُلَامٌ . وَقَالَ الْآخَرُ : لِي جَارِيَةٌ . قَالَ : أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ ، وَتَصَدَّقَا ) . 

اللهم اجعلنا من أصحاب يقظة الضمير والنظر في عواقب الأمور . اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .


عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع