كالعادة وعلى خيوط ضوء القمر المتسربة من خلال ستائر النافذة بعد أن انهيا أعمالهما اليومية المعتادة جلسا يتسامران ويثرثران ويتبادلان عبارات الغزل وكأنهما لا يزالان في بداية أيام شهر العسل الذي يبدو انه سيطول ويطول ويتبادلان شتى الاحاديث وكان احد جوانبه عن السعادة الزوجية والأسرية والأطفال والعلاقة بينهم وفجأة برق في ذهنها سؤالا فتوجهت اليه تسأله هل ترى انه من الضرورة أن يكون الزواج ناجحا بعد قصة حب أو علاقة صداقة خاصة وان اغلب طرق الزواج التقليدي تنتهي بالفشل أو الفتور العاطفي ويصبح نوعا من العلاقة الروتينية الوظيفية ؟
فرد عليها قائلا : إعلمي يا عزيزتي أولا الحب هو أساس كل العلاقات الاجتماعية والعائلية وان أية علاقة مهما كانت صفتها لا تسود فيها روح المحبة والمودة تكون صماء جامدة يتعامل فيها الأفراد كالات منتجة للمادة فقط ولذلك يعتبر الحب قبل الزواج أو التعارف الإيجابي احد أسباب نجاح الزواج ولكنه ليس شرطا أساسيا لاستمراره وانا لا انفيه أيضا , أولا يجب أن نعرف ماهو الزواج , الزواج هوعقد مدني بالتراضي ذو طبيعة شرعية بين طرفي العقد شرطه القبول والإيجاب ينتج عنه أسرة صغيرة من زوج وزوجة قابلة للاتساع بأنجاب الأولاد فهو اذاعلاقة اجتماعية تربط بين اثنين والمقصود هنا الذكر والأنثى وقد أقرته كافة الشرائع السماوية والوضعية حفاظا على سلامة المجتمع وصحته والترابط الاجتماعي وحرمت كل ما خالف ذلك فهو ارتباط واقتران رجل بإمراه واستمتاع كل منهما بالأخر تحت سقف واحد بإرادتهما المطلقة بهدف تكوين أسرة وانجاب الأطفال ضمن قيود وشروط اجتماعية وشرعية و قانونية تضمن حقوق وواجبات كلا من الزوجين , وطرق الزواج معروفة ومتشابهة غالبا بين كافة المجتمعات والأديان من بداية الخطوبة انتهاء بمراسم الزفاف وهو لا يشمل الزنى أو المساكنة المخالفان للطبيعة البشرية السامية التي تحافظ على الروابط الاجتماعية والأخلاقية الأسرية واللذان اصبحا شائعان كثيرا فالزواج من اسمى العلاقات الاجتماعية لحفاظه على الترابط الأسري والاجتماعي ويعتبر اللبنة الأولى التي تبنى عليها المؤسسات المجتمعية ويسمو به عن المجتمع الحيواني الغريزي فهو بالإضافة إلى مهمته إشباع الرغبة الإنسانية الشهوانية الملحة ولكن له وظيفة اسمى من ذلك وهي تكوين الأسرة والحفاظ على النوع الإنساني وقد يكون الزواج ناتجا عن الحب فغالبا ما يكون نتيجة حتمية لهذا الحب ولكنه لا يعتبر سببا أساسيا للزواج وان كان مطلبا هاما ولكن السائد حاليا الزواج التقليدي والذي يتم عن طريق العلاقات الإجتماعية والأسرية والزمالة المهنية و بتعارف العائلات فيما بينها بالقرابة أو المجاورة في السكن أو المصادفة نادرا ما يكون مصير هذا الزواج الفشل بسبب عدم الانسجام وحصول المحبة بين الزوجين فغالبا ما يحصل الانسجام بين الزوجين ويربط الحب بينهما وإن تأخر لما بعد انجاب الطفل الأول الذي يدخل الفرحة والبهجة إلى قلبهما ففي مراحل الخطوبة الأولى يتم التعارف بين الخاطبين ويسبر كل منهما أغوار الأخر ويتعارفان عن قرب فيكون كل منهما فكرة عن الأخر وهنا من الواجب على الأهل خلق الجو المناسب وإسداء النصح لهما وإعطاؤهما النصائح والإرشادات الضرورية ومساعدتهما في تذليل العقبات التي تقابلهما وإعطائهما الفرص بإفساح المجال لهما ليتقاربا من بعض ليبنى الزواج على أسس سليمة فإن انسجما وتقاربت أفكارهما وتلاقت عواطفهما وافصح كل منهما عن مشاعره تجاه الأخر بعيدا عن المجاملة والرياء والوعود البراقة وكثيرا ما نجد هذا في مجتمعنا الشرقي الذي يصف فترة الخطوبة بفترة التستر عن العيوب والمجاملة وان كل شيء سيصحح بعد الزواج وأيضا نلاحظ كثيرا أن اغلب الأسر لا تعطي المخطوبان ادنى فرصة للتعارف لأسباب اجتماعية ودينية واهية وهذا لا يقره الدين والحقيقة العلمية فنحن نستطيع أن نعطيهما الثقة وإفساح المجال لهما تحت مراقبة بسيطة منعا لأي لبس وخاصة في أيامنا هذه التي أصبحت الفتاة اكثر وعيا وثقافة وتحصيلا علميا وفي حال ضيقنا الخناق عليهما وغالبا ما يتم في المجتمعات المنغلقة والجاهلة حتى لأبسط الأمور الاجتماعية وحتى الدينية بعدم إفساح المجال للتعارف بينهما بحجة أن بعد الزواج يتعرف كل منهما على طباع الأخر نسهم في فشل هذا الزواج ويكون الطلاق وتفكك الأسرة هو النتيجة الحتمية له لاستحالة الانسجام والتفاهم و الحب .
وهنا بادرته مستغربة ! الطلاق ؟
فرد عليها : نعم الطلاق ! ونعم هناك طرقا نستطيع التعامل معها لمنع حدوثه , ولكن قبل أجيبك عن تساؤلك أود أن اهمس في أذن ابني وابنتي و لكل شبابنا وفتياتنا المقبلين على الزواج ببضع كلمات ,
قالت تفضل اهمس
فتبسم وقال اطمئني لن انصحهما بالعزوف عن الزواج سأقول يا بني قبل ان تبحث عن امرأة تأتي بها إلى منزلك لتتخذها جارية تقوم على خدمتك في النهار وتلبي لك متطلباتك اليومية ودمية لمخدعك ليلا تشاركك الفراش لقضاء متعتك وتشبع رغباتك وشهواتك ، بل ابحث عن شريكة لحياتك مكملة لك تكن لك عونا على الحياة تشاركك المسؤولية لبناء أسرة سعيدة تبادلك العطف والحب والحنان ، وأنت يا ابنتي عندما يتقدم شابل خطبتك اختاري الرجل المناسب الذي تجدين فيه طموحك ونصفك الأخر الذي يملأ حياتك حبا ورضى ومسرة ويشعرك بالأمان والسعادة والحنان وبكيانك الخاص ويصون كرامتك ويحترمك ويستحق أن يكون شريكا لحياتك و أبا لأطفالك ، ولذلك أيها الشباب إن ضاقت بكم الصدور يوما يكن الحب افضل دواء فافتحوا صيدلية القلوب واصرفوا عقار الحب فمفعوله سحري مضمون النتائج تقضون حياتكم سعداء وتسعدون ممن حولكم ويحرص شريك حياة كل منكم على إسعاده ، فالزواج مؤسسة تشاركية تضامنية مؤلفة من شريكين رأسمالها الحب والأمل يبحث كل منهما عن سعادة الأخر لينتجا ثمارا طيبة .فقال بعد أن اخذ نفسا عميقا الطلاق ... الطلاق ...اسمعي يا حبيبتي نحن في مجتمعنا نعاني من أزمات كثيرة اقتصادية وثقافية واجتماعية واننا لنجد المتناقضات بشتى أشكالها رغم التقدم العلمي ولكن لازال هناك الكثير من الجهلة الذين لازالوا يعيشون في عصور الجهل وأيضا الجهل بالأمور الدينية ومنهم قد حاز شهادات علمية ولكن فكرة المجتمع الذكوري تسيطر عليه وأيضا هناك الغرور العلمي الذي يسيطر على عقول البعض فيتعالون عن غيرهم وهذا سبب رئيسي في الطلاق. كما في الترف الاقتصادي أو المادي فإذا ما دب خلاف مابين زوجين فإن كانا جاهلين وكل منهما في واد فهنا تكمن المصيبة الكبرى فكثير ما يلجأ كل منهما إلى الشكوى لدى ذوي الأخر أو تخرج الزوجة ملتحقة ببيت أهلها بإرادتها أو بطرد زوجها لها أو لأي سبب أخر فإن كان الأهل من ذوي الحكمة كان تدخلهما إيجابيا ويصلحان ما بينهما والا استعانوا بأهل الصلاح لإنقاذ هذه الأسرة من الضياع والتفكك أو اللجوء إلى بعض المؤسسات أو الجمعيات التي تهتم بشؤن الأسرة لمعالجة الوضع أن تأزم اكثر وتعنت كل من الزوجين برأيه فإن توصلوا إلى حلول يرضي الطرفين نجت الأسرة وعادت الحياة إلى مجاريها وأما أن لم يفلحا أو كان كلا من الزوجين وذويهما من الجهلاء زادا الأمر تأزما فيلجان إلى الطلاق الذي استطيع أن اعرفه على الشكل التالي بأنه حل رابطة الزواج الصحيح قانونا وشرعا وإنهاء العلاقة بين الزوجين في الحال . وهذا يعتبر يا عزيزتي مأساة وأفة اجتماعية خطيرة وهو يعني انحلال عقد الزواج وتفكك الأسرة وانقطاع أواصر العلاقة الزوجية بسبب استحالة استمرار متابعة الحياة الزوجية بينهما تحت سقف واحد وهذا ما يعني انفصال الزوجين عن بعضهما وذهاب كل منهما في حال سبيله ليتابع حياته منفردا بعيدا عن الأخر كالغرباء وأيضا يا عزيزتي نجد أن اذا ما دب خلاف بين زوجين هما على قدر من المسؤولية وثقافة جيدة حاولا محاورة بعضهما البعض لمناقشة أسباب هذه الخلافات للوصول إلى حل مناسب لها تحاوز مسبباتها واتباع طرق اكثر تفاهما ليبقى كيان الأسرة متماسكا وان لم يستطيعا لجأ إلى الأهل يلتمسان النصح والخبرة فيكون تدخلهما إيجابيا ويتم اصلحا الأمور لتعود إلى ساحة السلامة . ولكن لا ننسى انه قد تحدث في بداية كل زواج بعض الخلافات الصغيرة يعود أكثرها نقص الوعي الأسري وعدم الانسجام المؤقت لعدم الاعتياد على الحياة الزوجية الجديدة ويكون حلها سهلا من قبل الأهل والأقارب .
وتساءلت إن لم يتم الإصلاح فهل تتفكك الأسرة وينفصل الزوجان بالطلاق اليس من إجراءات تؤخر الطلاق ولو قليلا ؟
وهنا مازحها قائلا اخشى انك تسالين عنه لتطلبي الطلاق وتملي علي شروطك , فابتسمت وغمزت له بطرف عينها وتابع قائلا هناك إجراءات شتى تختلف تشريعاته من مجتمع إلى أخر ومن دين إلى دين , واحيانا يلجأ بعض الأزواج إلى الطلاق ويبقيان معا في منزل الزوجية دون أن يذهبا الى المراجع المختصة.
فبادرته سائلة وكيف يسمح العرف والدين والقانون بذلك ؟
فقال : فقال نعم يا عزيزتي يسمح بذلك وهذا ما يسمى بالطلاق النفسي .
فقالت له : عجبا لم اسمع به من قبل أرجوك حدثني عنه فقد أثرت فضولي لأتعرف عليه ولكن حدثني أولا عن الطلاق الذي يفصل بين الزوجين و أوجه الاختلاف بين المجتمعات والأديان في الطلاق ؟
فقال لها : لابأس عزيزتي أن تلمي بكل هذه المعلومات كي تكوني أما مثقفة ناضجة ولا بأس بان نتطرق ونتعرف على الطلاق الشرعي والمدني قبل أن أحدثك عن الطلاق النفسي بشكل مبسط ودون الخوض في تفاصيل الطلاق المدني أو الشرعي فهذا يعود لذوي الاختصاص .
ففي حال الزواج المدني وهذا شائع في الغرب وهذا نادر في بلادنا حيث يذهب الزوجان إلى دوائر النفوس أو السجلات المدنية ويعلنان انفصالهما عن بعضهما كما تم الزواج في هذه الدوائر ويتم حل المشاكل العالقة بينهما عن طريق القضاء .
ونعود إلى الطلاق الشرعي فقد سنت الشريعة اليهودية الطلاق و أباحته واعتبرته من حق الزوجين وأوجبت على الرجل إعطاء الزوجة كتاب طلاقها أمام الكاهن فلا تصبح حرة بدون كتاب طلاقها كما ورد في الكتاب المقدس إن لم يستطيعا الاستمرار في متابعة الحياة الزوجية فيذهبان إلى الكاهن ويطلبان منه فسخ عقد زواجهما وأيضا من حق المرأة منفردة إن تطلب الطلاق إن كان الزواج أو الزوج سببا في إيذائها جسديا او نفسيا.
أما فيما يتعلق الأمر في التشريع المسيحي فالأمور معقدة اكثر بسبب عدم شرعنه الطلاق وجاء في الكتاب المقدس ما عقده الله في السماء لا يحله الإنسان على الأرض إلا في حالات خاصة ضيقة كما ورد في الكتاب المقدس ولاتبيحه الكنيسة إلا بعد التأكد من الأسباب المؤدية للطلاق, يذهب الزوجان معا أو منفردين إلى الكاهن المختص يطلبان منه فسخ العلاقة الزوجية وإقرار الطلاق فيستعرض معهما الأسباب المؤدية لاستحالة العيش بينهما وبقاء الزواج مستمرا فينصح لهما ومحاولة العيش من جديد ومعالجة أمورهما تحت إشرافه ويمهلهما بعض الوقت للمراجعة وقد يطلب منهما هجران بعضهما كي يحاولان مراجعة حياتهما السابقة ويجربان الحياة مفترقان عن بعض على امل العودة عن قرارهما بالطلاق وان لم يتوصلا إلى الصلاح أعطاهما صك الطلاق بعد مدة طويلة من الزمن قد تستغرق أعواما وبعد فشل كل محاولاته في التوفيق وإعادة الألفة بينهما.
أما الشريعة الإسلامية التي اعتبرت الطلاق ابغض الحلال إلى الله إلا انها أباحته لكلا الزوجين بشروط خاصة فللزوجين عرض طلبهما على القاضي يطلبان فيها الطلاق فيملهما القاضي للمراجعة ويطلب تشكيل مجلس تحكيم الأسرة في محاولة لردء الصدع بينهما فإن أبيا إلا الطلاق تم الطلاق بلفظة طالق يلقيها الرجل على زوجته وفي هذه الحالة تلتزم المرأة بما يسمى عدة الطلاق ، ويتم بلفظة كلمة أنت طالق الذي يلقيها الرجل على زوجته إن كان بإرادته أو بإرادتها فإلقاء كلمة طالق لا مزاح فيها ولا مسامرة بين الزوج وزوجته إن عقد النية ولذلك حذر حتى من التفكير به فالرجل يستطيع تطليق زوجته لفظا أو كتابة أو توكيلا أو إشارة ويقع الطلاق حتى ولو قالها سرا في نفسه إن زوجته طالق وقع الطلاق وللطلاق ثلاثة وجوه رجعي وهو لمن طلق زوجته مرتان منفردتان , وبينونة صغرى لطلاق الخلع والخلع هو إن يتفق الزوجان على المخالعة رضائيا بشروط يتفقان عليها ,أو الرجعي ان لم يرجعها خلال عدتها من الطلاق , وبينونة كبرى لمن طلق زوجته ثلاث مرات منفردات اصبح طلاقا بائنا بينونة كبرى فلا يحق للمطلق استعادة مطلقته مدى الحياة إلا بعد الزواج من زوج أخر والطلاق منه الغير مشروط .
وهنا استعادة سؤالها الأول عن الطلاق النفسي فقالت لقد استوعبت ذلك ولكن لنعد إلى ما سميته الطلاق النفسي فأنا في شوق لمعرفته ؟
فقال لها هذا النوع من الطلاق أشبه ما يعرف بالهجر ولا فرق بينهما سوى التسمية ويسمى أيضا الطلاق العاطفي والطلاق الصامت هو انفصال الزوجين عن بعضهما دون ان يطلقان بعضهما شرعيا ويتفقان أن يبقيا معا في منزل الزوجية تحت سقف واحد ولا يجمع بينهما أي رابط سوى تربية الأولاد ويعيش كل منهما حياته الخاصة دون تدخل من الأخر وهذا يحصل لعدة أسباب وغالبا ما تكون أسبابا اجتماعية حفاظا على الروابط العائلية أو حفاظا على بقاء الأولاد في محيط ورعاية الأبوين ضمن الأسرة حيث يتفق الزوجان على البقاء معا ويقومان على رعاية الأولاد ويحتفظان بسر انفصالهما أو هجران بعضهما طي الكتمان دون إن يطلعا عليه أحدا ، والهجر لا يختلف عنه كثيرا فهو هجر الزوج فراش الزوجية أو العكس دون حدوث طلاق شرعي وغالبا ما يعمد الزوج في هذه الحالة إلى الزواج من امرأة أخرى , وفي كلا الحالتين قد لا يلاحظ الأخرين انفصال الزوجين عن بعضهما حفاظا على السمات الاجتماعية فيتوجب عليهما إيهام الأخرين بانهما زوجان مثاليان على نقيض ما هما عليه فقلما ما يظهر الزوجان معا إلا في حالات ومناسبات اجتماعية خاصة كتبادل الزيارات بينهما وبين أقاربهما الأقربين ’, واذا ما حاولنا البحث عن أسباب هذا الطلاق نجد الكثير من الأسباب منفردة أو مجتمعة وقد تكون اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية أو مرضية أو ثقافية ولا تختلف هذه الآساب غالبا عن أسباب الطلاق الشرعي فالأسباب الاجتماعية : نجد بعض الأسر التي تربط بينهما علاقات قرابة كزواج ابن العم من ابنة عمه أو اجتماعية خاصة أو مصلحة مادية تجارية أو إرثيه كانت أو أسرية تحاول تمتين العلاقة بينهما فيعمدان إلى تزويج أبناؤهم من محيطهم بغرض عدم خروج الثروة خارج العائلة أو طمع عائلة ما بمال عائلة أخرى أو الزواج من أوساط اجتماعية مختلفة ماديا أو طبقية وبعد الزواج يشعر احدهما بخطأ ما ارتكباه أو ارتكبه ذويهما بحقهما فيبدأ الخلاف يدب بينهما وتظهر الفوارق بينهما وتفتر العلاقة العاطفية حتى تصل إلى مرحلة البرود وعدم استطاعة كل منهما تقبل الأخر فإن كانا قادرين على اتخاذ القرار درسا الموضوع وحاولا الوصول إلى حل مناسب قد يكون الانفصال عن بعضهما ليعيش كل منهما حياته الخاصة دون الالتزام بالأخر ويبقيا ضمن العقد الشرعي ، أو قد يكونا غير قادرين على مجابهة أهليهما وأعلامهم بما ينشب بينهما من خلافات يصعب حلها أو يترتب عليها خسائر فادحة و قد يعلم الأهل بموضوعهما فيقران بالأمر الواقع لاستحالة الإصلاح بينهما ليبقيا ضمن نطاق العائلة ولكن لكل منهما حياته الخاصة .
وهناك الأسباب المرضية الجسدية والنفسية : في هذه الحالة إن كان احد الزوجين مصاب بحالة مرضية جسدية غير قادر على مشاركة الشريك في متطلبات الحياة الزوجية واداء واجباته كل أمام الأخر والأمراض النفسية أيضا العصابية كالغرور أو التعالي أو الإصابة بنوع من أمراض الهلوسة أو أو القرف من الممارسة مع الشريك أو انفصام الشخصية فيعمد الشريك السليم إلى التضحية و البقاء في محيط الأسرة محافظا على أسرته وان تم الانفصال النفسي لعدم الرغبة في إبقاء العلاقة الزوجية الكاملة .
وأيضا منها أسباب ثقافية ووظيفية كزواج طرفان متفاوتان في الثقافة والتحصيل العلمي أو الوضع الوظيفي وبعد الزواج يكتشفان انهما غير قادران على التفاهم بسبب البعد الثقافي الشاسع بينهما فيتعالى كل منهما على الأخر . وهناك أيضا الاقتصادية وهذه من الظواهر الجديدة في المجتمعات بسبب الغلاء المستشري وعدم استطاعة الزوج تلبية متطلبات الزوجة أو الإنفاق على الأسرة او معارضة الزوج عمل الزوجة لتامين الاكتفاء أو تقاعس الزوج عن العمل . ومن هذه الأسباب الزواج المبكر : وهي عادة مألوفة في مجتمعاتنا فعندما يزوج الأهل من هم دون الأهلية العمرية أو النمو وان كان أحيانا بعض الصغار واكثر البنات تظهر عليهن علامات البلوغ أو الحلم وهذا لا يعني الرشد فبعد أن يشب الزوجان ويكبران يشعر كل منهما بانهما كانا ضحية عائلاتهما فيأنف احدهما الأخر ويلقي باللائمة كل منهما على الأخر واحيانا يكون الزوجان قد وصلا لمرحلة متقدمة نوعا ما من تفهم الواقع فيبقيان ضمن محيط الأسرة . ولا ننسى أيضا الأسباب العاطفية :منها الحب من أول نظرة وغالبا ما يكون في سن المراهقة أو بداية الشباب أو الحب من طرف واحد كأن يعجب شاب بفتاة وبالأخص الذكور الأوحدين لأبويهما فيطلب من أبويه الزواج ممن احب دون أن يفكر ما سيترتب عليه بعد الزواج وعلى الغالب تتراكم المشاكل حتى يكتشف كل منهما حقيقة مشاعرهما ويعلمان مدى تسرعهما ويكون قد مضى ما مضى وغالبا ما نرى هذه الحالة من الزواج زواج الخطف شابا وفتاة يحبان بعضهما ويرفض الأهل تزويجهما فيتفقان على الفرار من منزل ذويهما ليتزوجا . وبعدها تقع الطامة الكبرى , وفي كل الحالات قد ينتبه أهل الزوجين إلى وضع الزوجين فيتدخلوا بينهما ليمنعا وقوع الطلاق الفعلي ويحاولان منع وقوع الطلاق بالبقاء ضمن محيط الأسرة ويستقل كل منهما عن الأخر ومن الممكن أن يعودا لسابق عهدهما ويستلطفا بعضهما ويريا الإيجابيات التي غفلا عنها ليربط الحب بينهما وتعود الألفة وتنجوا الأسرة من الانحلال والضياع .
فقالت ألا من حل لكل هذه الآفات ؟
فقال الحل طبعا فالحل يكمن فينا نحن في ثقافتنا وثقافة المجتمع والوعي العلمي والتخلي عن العادات القديمة البالية وفهم الواقع ومواكبة تطور العصر دون التخلي عن قيمنا الأخلاقية السامية وتنشئة الأجيال تنشئة علمية واقعية فالبداية تكون في محيط الأسرة التي تكون سليمة معافاة تعطي كلا حقه تنشئ جيلا معافى ومن ثم المدرسة بإدراج مناهج دراسية توعوية اجتماعية ضمن مناهج التعليم تنمي فيهم روح الحياة السليمة تقضي على الجهل العاطفي والجنسي والتعرف عن كسب عن الفرق بين الجنسين تجعلهم ينظرون إلى الحياة الأسرية على أنها شراكة متكاملة لكل منهم وظيفته وتنمي فيهم روح المشاركة وان الذكر مكملا للأنثى والعكس صحيح وكيف يختار كل منهم في المستقبل شريك حياته ليحترم الشريكان بعضهما البعض ويقدران الحياة الزوجية والاختيار السليم المناسب وتقدير مدى أهمية الأسرة وماذا يعني أننا سنبني أسرة جيدة تكون لبنة جديدة في المجتمع وهذه الأسرة سينتج عنها نشئ جديد وبراعم ستكون امل المستقبل
محمد توفيق ممدوح الرفاعي

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة