وهو أن يناقض الشاعر كلامه، أو يعارض بعضه بعضاً، كما قال خفاف ابن ندبة:
إذا انتكث الخيلُ ألفيتهُ ... صبورَ الجنان رزيناً خفيفا
وقيل: إنه أراد رزينا من جهة العقل، وخفيفا من جهة السرعة.
● وقال آخر:
فدقت، وجلتْ، واسبكرت، وأكملت
فلو جنَّ إنسانٌ من الحسنِ جنتِ
● وكذلك الأبيات وهي:
إنَّ التي زعمتْ فؤادك ملها
خلقت هواك كما خلقت هوىً لها
بيضاء، باكرها النعيم فصاغها
بلباقةٍ؛ فأدقها وأجلها
منعتْ تحيتها؛ فقلت لصاحبي:
ما كان أكثرها لنا وأقلها
● وكذلك قول أبي نواس:
كأنَّ بقايا ما بقي من حبابها
تفاريقُ شيبٍ في سوادِ عذارِ
فشبه الحباب بالشيب والحمرة بالعذار، ثم قال:
تردتْ به ثم انفرى عن أديمها
تفريَ ليلٍ عن بياضِ نهارِ
فناقض الذي جعله أبيض كالنهار، ثم رجع فصيره أسود كالليل، وناقض الذي جعله أسود كالليل وجعله أبيض كالنهار.
● ومن ذلك قول عبد الرحمن بن القيس:
وددتُ إذا ما الموت حلَّ بنفسها
يزال بنفسي قبل ذاك فأقبر
وهذا تناقض؛ لأن القبل لبعد والبعد لقبل، فكان من قولهم: إذا مات زيد مات عمرو قبله. وهذا لا يصح.
● ومنه قول المرار:
وخالٍ على خديكِ يبدو كأنه
سنا البرق في دعجاءَ بادٍ دجونها
ومعلوم أن الخال أسود، وأما الخد فلا يكون أسود.
● ومن فاسد الاستعارة ما رواه أبو العنبس:
إذا ما الحبُّ عشعش في فؤادي
وحضن بيضه طيرَ البعادِ
وقد نبذ الهوى في دنّ قلبي
فعربدت الهمومُ على فؤادي
● ومن فاسد النظم لابن سهل:
رخو العجان شديدٌ في تتايههِ
ما كان يدري أأعطى الله أم حرما
لكنها خطراتٌ من وساوسه
يعطي وويمنع، لا بخلاً ولا كرما
لأنه مقلوب.
● وروي للجاحظ:
مرّ غراب البين من حالقٍ ... له نعيبٌ فرشقناهُ
عن قوس وصلٍ بسهامِ الهوى ... فلمْ نزلْ حتى صرعناهُ
وباشق الحبّ نصبنا له ... بلبلِ الشوق فصدناهُ
واضطربَ الباشقُ مستوحشاً ... فخيطتْ بالوصل عيناهُ
فقرَّ واستأنسَ حتى إذا ... أجابنا حينَ دعوناهُ
وثقتُ بالصيدِ، فأرسلته ... فصادَ لي منْ كنتُ أهواهُ
● ولأبي نواس:
لما بدا ثعلبُ الصدودِ لنا ... أرسلت كلبَ الوصلِ في طلبهْ
فجاءَ يسعى بهِ معلقه ... وقد لوى رأسه إلى ذنبهْ
يتبـــــع...
┄┉❈❖❀✺❀❖❈┉┄
من مختارات:
سلطان نعمان البركاني
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة