القُرّاءُ والأصدقاءُ الأعزّاءُ...
دُمْتمْ بخيرٍ
اِخْترْتُ لَكُم هٰذهِ المُفارَقَةَ بَينَ:-
{الأطبّاءِ وَ حَقائقِهِم} مِنْ جِهَةٍ، وَ بَينَ {الشُّعراءِ وَ وَقائعِهِم } مِنْ جِهَةٍ أُخرَىٰ.
أَرجُو أنْ تنْحازُوا لِجهَةٍ منهما وَتسجّلُوا إعجابَكُم، أَو تُقاطِعُوا ما ذَهَبَا إليهِ، ثُمَّ تَتركُوا بَصمَةَ اِعتِراضٍ عَلىٰ حَقائقِهِم
وَ وَقائعِهِم بِرَأيٍّ ثالثٍ.
المَوضُوعُ:-
إنْ كُنتُم تَسمَعُونَ بآذانِكم فَأهلُ هٰذا العالَم يَسمعُونَ بأَفواهِهِم! فإنْ ْناجَىٰ
حَبيبٌ صاحِبَتَهُ لَمْ يَضَعْ فَمَهُ عَلىٰ أُُذنِها.. بَلْْ فَاهُ عَلىٰ فِيِها:- {عِندِي رَسائلُ شوقٍ لَستُ أذكُرُها لَولا الرَّقِيبُ لَقَدْ بَلَّغتُهـــــا فَاكِ}! وَ إذا أبْصرْتُم أَنتُم بالعيُونِ.. أَبْصرُوا
هُمْ بالآذانِ! {فاتَني أنْ أَرَىٰ الدِّيارَ بِِطَرفي فَلَعَلِّي أرَىٰ الدِّيــارَ بِسَـــمعِ}! وَ إذا النَّاسُ عِندَكم وَحدُهُم يَرْوُونَ الأَحاديثَ بِالكَلماتِ وَ الحُرُوفِ.. فَإنّ كُلَّ شَئٍ في عالَمِ الشَّاعِرِ يَحدِثُ بِلا حُرُوفٍ وَ لا كلماتٍ.. النَفَسُ يَتَحدَّثُ! ُفَهَلْ تَفهمُونَ لُغَةَ الأَنْفاسِِ؟ {خُذِي حَديثَكِ عَنْ نَفْسِي مِنَ النَفَسِ وَجْدُ المُشــوَّقِ المُعـنَّىٰ غُيرُ مُلْتَبَسِ}! فَماذا قالَ النَّفَسُ؟:- {المَـــاءُ في ناظرِي، وَ النَّــارُ في كَبَدِي إنْ شِئْتِ فَاغْتَرِفي أو شِئْتِ فَاقْتبسي}! العَيْنُ.. يَقُولُ الأطبَّاءُ إنّها فوتوغرافُ كَعُضوٍ في الجِسمِ، وَ القَلبُ عُضوٌ في الجِّسمِ أيضًا، شَبَّهُوهُ الأطباءُ بِالمِضَخَّةِ. فَاذا كانَتِ القُلُوبُ ما فيها إلَّا دَمٌ أحمَرُ كَدَمِ الخرُوفِِ، بَيْدَ أنَّ فيها المَاضي وَ الحاضرُ، وَ الزَّمانُ وَ المَكانُ، وَ فيها الذِّكرَىٰ وَ الآمالُ، وَ فيها مِنَ العَجائبِ وَ الأَسرارِ ما لا يَستطيعُ الأطباءُ أَنْ ْيَصلُوا إلىٰ عِلمِهِ وَهي أَحياءٌ، مستقلةٌ لا أَعضاءُ! العَيْنُ لَها وَحدُها حَياةٌ، وَ القَلبُ لَهُ وَحدُهُ حَياةٌ.. فَقَدْ تَفرَحُ العَينُ وَ القَلبُ مُتأَلِّمٌ :-
{تَلِذُّ عَيني وَ قَلبي مِنْكِ في أَلَمِ فَالقَلبُ في مَأْتَمٍ وَ العَينُ في عُرسِ} وَ لِلعَينِ دائِرَةُ اِستِعلاماتٍ تَتَجسَّسُ بها عَلىٰ القَلبِ فَتَهْتُكُ سِتْرَهُ وَ تَذيعُ سِرَّهُ. وَ الشَّاعِرُحائِرٌ بَينَهما، مُتعجِّبٌ مِنهُما:- {هامَتْ بِكِ العَينُ لَمْ تَتَّبعْ سِواكِ هَوًىٰ مَنْ عَلَّمَ العَينَ إنَّ القَلبَ يَهواكِ؟} صَحيحٌ وَ اللّٰهِ.. مَنْ عَلَّمَ العَينَ؟ وَ العَينُ تُبْصِرُ مِنَ الحِجازِ مَنْ في العُراقِ، وَ تَرمي بِسِهامِ فِتُونِها مِنْ(ذي سَلَمِ) فَتَصيبُ مَنْ في بغدادَ، فَتَسْبِي وَ تصْبِي لا تَمنعُها شَوامخُ الجِّبالِ وَ لا شَواسِعُ البِيدِ:- {سَهْمٌ أَصابَ وَ راميهُ بـ "ذي سَلمِ" مَنْ في العُراقِ لَقَدْ أَبعَدتِي مَرْماكِ }
أَخيرًا...
أعتَذِرُ إذا لَمْ أُحسِنْ هٰذا الإختيارَ وَ أَرجُو مِنَ الأَطبّاءِ أَنْ يَتوقَّفُوا عِنْدَ هٰذا الكَلامِ.. وَ عَلىٰ الشُّعراءِ أَنْ يَفْخَرُوا بِهٰذا النَظمِ البَديعِ، وَ عَلينا جَميعًا أَنْ نَحمدَ اللّٰهَ تعالَىٰ َعلىٰ نعمائِهِ في السَّمعِ وَ الأبصارِ!
(صاحب ساجت/العراق)
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة