بسم الله الرحمن الرحيم
سلسة المقاومة المعرفية على طريق التحرير.
قسم القدس ولجنة القدس(في الهيئة والاتحاد)
الاحد ٣٠/ ١/ ٢٠٢٢م
المقاومة رقم (١٧٦)
د.مروح نصار باحث واعلامي ومدرب مقدسي .
========÷
(حارة المغاربة وقف اسلامي دراسة تحليلية(١--٦)
١-مقدمة:
دأب أهل المغرب على زيارة بيت المقدس منذ ما قبل الاحتلال الفرنجي لمدينة بيت المقدس وما حولها سنة 492هـ/1099م، فقد اعتادت جماعات من أهل المغرب العربي السفر لبيت المقدس لزيارة مسجدها والصلاة فيه، وطلب العلم، والمشاركة في جهاد الفرنجة الصليبيين، وتزايدت أعداد المغاربة والأندلسيين الذين فضّلوا الاستقرار في هذه الديار المقدسة خصوصاً بعد استرجاع القدس من الفرنجة سنة 583هـ/1187م، ومرةً أخرى بعد ضياع الأندلس سنة 898هـ/1492م.
وقد ساهم المغاربة في حركة الجهاد الإسلامي ضد الفرنجة وكان للمغاربة دورٌ بارزٌ في فتح بيت المقدس وكسر شوكة الفرنجة في فلسطين، فقد تطوعوا في جيوش نور الدين زنكي، وكان نور الدين يخصص لهم أوقافاً خاصة لاستنقاذ أسراهم من الصليبيين، كما طلب الناصر صلاح الدين الأيوبي من سلطان المغرب يعقوب المنصور مد يد العون وتزويده بأساطيل بحرية كي تُنازل أساطيل الفرنجة، فجهّز سلطان المغرب أسطولا كبيراً لمساندة الجيش الإسلامي في المشرق العربي.ومنذ ذلك التاريخ أخذ هذا المكان منالهم.
٢-موقع حارة المغاربة
1-تقع الحارة غرب المسجد الأقصى والتي تعود للعصر الأيوبي والمملوكي والعثماني، من جملة هذه الآثار المدرسة الأفضلية، مزار الشيخ عبد، زاوية المغاربة، وقد تحولت الحارة إلى ساحة للصلاة قرب حائط البراق (حائط المبكى الغربي) الذي تم الاستيلاء عليه كأثر إسلامي الذي هو مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد هدمتها سلطات الاحتلال في (11و12و13حزيران من العام 1967م )، وبلغ مجموع الأبنية الأثرية نحو 135 أثراً كان يسكنها حوالي 650شخصا طردتهم وشردت من لم يقتل إلى خارج مدينة القدس إلى الضواحي في مخيمات (مخيم عناتا ومخيم قلنديا وغيرها من الضواحي) واستخدمت حجارتها وحتى ارصفتها في بناء عشرين معبدا وكنيسا يهوديا مزورا .
2-حارة المغاربة من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس الشريف وترجع شهرتها في عصرنا الحالي إلى الفعل الشنيع الذي أقدمت عليه قوات الاحتلال حين دمرت الحارة بكاملها وسَوَّتها بالأرض بعيد احتلال القدس عام 1967م، وحولتها كاملة إلى ساحة سمتها (ساحة المبكى) لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق وذلك على حساب التاريخ والحق الثابت الراسخ في هذه المنطقة.
3-وكانت هذه الحارة بالكامل وقفاً من الملك الأفضل بن السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير المدينة من الصليبيين، حيث أوقفها على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح وبقيت باسمهم، وعلى مر الزمان انتشرت فيها الأوقاف المتعددة من مدارس وأبنية ومصليات وزوايا وغيرها..
4-تعد حارة المغاربة من المعالم الإسلامية التاريخية الواضحة في مدينة القدس والدالة على الهيمنة الإسرائيلية التهويدية منذ احتلاله المدينة القدس، وكانت تقع في الجانب الجنوبي الغربي لمدينة القدس الى الغرب من المسجد الأقصى المبارك منخفضة عن مستوى ارض ساحات المسجد الأقصى المبارك، ويحد حارة المغاربة من جهة الجنوب سور القدس وباب المغاربة، ومن الشرق الزاوية الفخرية ويليها المسجد الأقصى المبارك، ومن جهة الشمال المدرسة التنكزية وقنطرة أم البنات، ومن جهة الغرب حارة الشرف، وكان يمكن الوصول اليها عبر زقاق يفصل بين زاوية المغاربة وتربة الأمير بركة خان المعروف كذلك بالمكتبة الخالدية ويعد كتاب وقف المالك الأفضل لحارة المغاربة أن حدها الجنوبي هو سور القدس ويليه الطريق السالك إلى عين سلوان وحدهم الشرقي هو حائط المسجد الأقصى المبارك المعروف بحائط البراق، ومن الشمال القنطرة المعروفة بقنطرة أم البنات، ومن الغرب دار الإمام شمس الدين قاضي القدس ودار الأمير عماد الدين بن موسكي ودار الأمير حسام الدين قائما .
5-وقد اختلفت أسماء المنشآت لمحيطة بالحارة قبل هدمها فحدها من الجنوب سور القدس وفيه باب المغاربة وآثار باقية من القصور الاموية ( دار الإمارة ) المكتشفة عام 1974م، ومن الشمال قوس ولون المعروف بأقواس (تنكز)الحاملة للمدرسة التنكزية، وعلى صفها اوقاف خاصة بعائلة الخالدي في القدس وتربة الأمير حسام الدين بركة خان، ومن الغرب حارة الشرف التي استملكتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وشوهت معالمها الإسلامية التاريخية بعد ذلك .
٣-مساحة حارة المغاربة:
شغلت حارة المغاربة مساحة تقدر بخمس وأربعين ألف متر مربع والتي تمثل 5% من مساحة القدس القديمة. وقد تباينت مساحة الحارة تبعاً لاختلاف حدودها بين الحين والآخر، فقد امتدت مساحات من حارة المغاربة قبل العهد العثماني إلى خارج السور فعرفت بحارة المغاربة البرانية.
ولقد ضمت الحارة عشرات المباني التي يعود تاريخ بعضها الى العصر الأيوبي ومن أشهرها المدرسة الافضلية، وقد بلغ عدد المباني الأثرية التي هدمتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي (135 بناءً اثرياً) كان يسكنها حوالي (650) امتدت فوق الساحة التي اخذ اليهود يطلقون عليها فيما بعد بساحة المبكى.
وتؤكد خارطة أفقية للقدس تعود الى النصف الأول من القرن العشرين يظهر فيها تقسيمات مباني وطرق حارة المغاربة على الأرقام التي نشر تبعد العام 1967م حول عدد المنشآت التي هدمتها جرافات الاحتلال في حارة المغاربة.
وقد اكتسبت الحارة مكانتها كذلك بعد الاسراء والمعراج فمن الاقوال والروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل من باب المغاربة وهو مدخلها وبابها الرئيس للمسجد الاقصى.
فدخول النبي محمد عليه الصلاة والسلام مدينة القدس من بابها اليماني كما ورد في بعض الرواياتٍ التاريخية (أصبح موضعه يعرف بباب المغاربة) تأكيداً منه على المكانة التي تميّز بها هذا الموضع القريب جداً من الحائط الذي ربط فيه براقه الشريف، وسيكون النبي عليه السلام العربي الكريم قد سلك في هذه الحالة طريقه تجاه المسجد الأقصى عبر الموضع الذي أخذ يُعرف بعد تحرير القدس سنة583ه/ /1187م باسم حارة المغاربة التي بارك الله عز وجل موضعها الكائن حول المسجد الأقصى المبارك
وهي من أقرب الحارات للمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق الشريف، وترجع أهميتها في التراث العربي الإسلامي إلى كونها الموقع الذي نزل فيه البراق الشريف الذي أسرى بالنبي العربي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج، وينقل العليمي رواية الإسراء بقوله: " ثم انطلق بي جبريل حتى دخلت المدينة من بابها اليماني (الجنوبي) فأتى قبلة المسجد، فربط بها البراق ودخلت المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر "، ويضيف قائلاً:" قال مؤقتو بيت المقدس لا نعلم بابا بهذه الصفة إلا باب المغاربة "
٥-تاريخ الحارة:
ترجع الأهمية التاريخية للموضع الذي أُقيمت عليه حارة المغاربة إلى العصر الأموي حين أنشأ الأمويون عدداً من القصور الملاصقة لسور المسجد الأقصى من الناحيتين الجنوبية والجنوبية الغربية، ويرجع تاريخ تأسيس حارة المغاربة إلى العصر الأيوبي، وقد عُرفت حارة المغاربة باسمها بعد أن أوقفها الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي بن السلطان صلاح الدين الأيوبي، وحافظت على عروبتها وإسلامها منذ أن تأسست بعيد الفتح الصلاحي لمدينة القدس، وسكن المغاربة في حارتهم ولم يغادروها حتى داهمت جراّفات الاحتلال الإسرائيلي بيوتهم لتدمرها بتاريخ 11-12-13 حزيران سنة 1967م، وكان مما ميّز موقع الحارة وجود الزاوية الختنية القريبة منها، تلك الزاوية التي أوقفها صلاح الدين الأيوبي على الشيخ جلال الدين محمد بن أحمد ابن محمد الشاشي (نسبةً إلى شاش التي عُرفت لاحقاً بطشقند) في 18 ربيع الأول سنة 587هـ/1191م (1) .
لقد احتضنت الحارة عدداً من المؤسسات الدينية والوقفية التي لعبت دوراً بارزاً في الحركة العلمية والفكرية والدينية في القدس إبانّ العصر الأيوبي ثم العصرين المملوكي والعثماني؛ ذكرها مجير الدين(2) حارة المغاربة وهي بجوار المسجد من جهة الغرب ونسبتها إلى المغاربة لكونها موقوفة عليهم وسكنهم بها.
====
(1،2) -انظر: مجير الدين الحنبلي، "الأنس الجلي ل بتاريخ القدس والخليل" (عمّان: مكتبة المحتسب، 1973.(
يتبع بالمقاومة (١٧٧)
انشارها تؤجر باذن الله
د.مروح نصار
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة