من رابع المستحيلات عبارة تتردد على مسامعنا كثيرا أو نقولها عندما نعجز عن تحقيق شيء ما من قول أو فعل أو عندما نتحدث عن استحالة تحقيق أمر ما أو حدوثه أو إمكانية وجوده فبهذه العبارة نقطع الأمل نهائيا من احتمال حدوثه أو وجوده ، وهنا يتبادر إلى الأذهان تساؤلا بسيطا ألا وهو لماذا نقول هذه العبارة ومن أين أتت وما هي المستحيلات الثلاث ولماذا نقول من رابع المستحيلات ولا نقول من خامسها أو من سادسها أو غير ذلك ، الجواب ببساطة إن العرب قديما قالت إن هناك ثلاث حالات من الاستحالة وجودها ألا وهي الغول والعنقاء والخل الوفي فالغول هو كائن خرافي من نسج خيال الإنسان لا وجود له وقد تخيلوه كمخلوق نصفه إنسان ونصفه حيوان عدواني شرير يدمر كل شيء يصادفه قبيح الشكل ضخم الجثة مخيف يكسو جسده شعرا اسودا قبيحا كريه الرائحة يأكل البشر والحيوانات ومنهم من تخيل أنه من الجن الذين يستطيع البشر رؤيتهم ، أما العنقاء فهي طائر جميل الشكل كبيرا ذات عنق طويل وجناحان كبيران يكسوها ريشا أبيضا جميلا تتغذى على الطيور وصغار الأطفال وغالبا تظهر قبل غروب الشمس وتخطف الأطفال وتغادر بعد الغروب إلى مكان مجهول وطريقة موتها غريبة جدا فهي عندا حصول موتها تتحول إلى نار ثم إلى رماد ثم يتجمع ذلك الرماد ويتولد منه طائر عنقاء جديدة ، أما الخل الوفي فهو الصديق الصدوق الوفي المخلص والذي يحمل أجمل المشاعر الخاصة والصادقة لصديقه يكون معه وحوله عند الشدائد يلازمه بشكل دائم لا يفارقه ولا يبرح مكان وجوده مطلقا يقيم معه حيث أقام يفتديه بكل شيء حتى بروحه ، بهذا الوصف وصف العرب المستحيلات الثلاث وأنكروا وجودها رغم تخيلهم لها ولكن هنا نقف قليلا عند الخل الوفي فهو على ندرة وجوده التي تكون شبه معدومة جدا قد نجد أحيانا نادرة جدا مثل هذا الصديق فقد رويت بعض القصص عن إخلاص بعض الأصدقاء لأصدقائهم إلى حد فاق الوصف وهي حقيقة واقعة نستطيع استجلاء بعضها من كتب التاريخ أو الواقع الحالي ، ولكن في الواقع أيضا حقيقة أخرى هي وجود مستحيلات أخرى نضيفها إلى هذه المستحيلات الثلاث الغول والعنقاء والخل الوفي وهي أيضا مستحيلات من الصعب وجودها أو تحقيقها وقد شغل بها الإنسان عربا وغيرهم منذ قديم الأزل ومنذ أن وجد على سطح الأرض وفكر فيها بجدية أكثر وبحث فيها باحثا عنها وحائر فيها عله يجد لها حلا أو بصيص نور يستطيع الولوج إلى فهمها أو تحقيق ما يصبو إليه فكانت ولا زالت شغله الشاغل وتشغل بال العلماء كثيرا ويسعى جاهدا لحل لغزها ويحار في سبيل معرفة كنهها كثير التساؤلعنها وقد أجرى الأبحاث والاختبارات واخترق آفاق الفضاء محاولا الوصول إلى حل لغزها وهي أيضا ثلاث مستحيلات ألا وهي سر الوجود وما مصير الإنسان بعد الموت وأخيرا هل هناك إكسيرا للحياة أما لأولى لماذا وجد الإنسان وما هو سر الوجود فالعلماء والفلاسفة وعلماء الميثولوجيا والأحياء أضناهم البحث والتمحيص وهم يخترقون الأجواء والفضاء في البحث عن سر الوجود وكيف تم ومن أين وإلى أين ولا تزال حلقات البحث جارية فاستنبط النظريات الكثيرة ونقضها ووضع الفرضيات وما زال البحث جاريا ولم ولن يكل أبدا ، أما الاستحالة الثانية ألا وهي ماذا بعد الموت أي ما هو مصير الإنسان بعد الموت , أما هذه فقد كانت شغل الإنسان الشاغل ماذا سيحل به بعد الموت فاستحوذت على تفكيره ففكر وفسر وابتدع التأويلات المختلفة وأجرى التجارب على الموتى للوصول إلى كنه الموت وحقيقته ومعرفة حقيقة ما بعد الموت ولكن ليس من حقيقة وصل إليها ولا زال العلماء ينتظرون من يقوم ممن الموت أو من يعود إلى الحياة بعد الموت ليحدثهم عما جرى معه خلال المدة التي قضى فيها بالموت هذا علما أنه روي وسمعنا الكثير الكثير عن قصص وحكايات عن أناس ماتوا وعادوا إلى الحياة بعد أن ماتوا بعد فترة منها الطويلة والقصيرة وحدثوا عما جرى معهم فكذبها البعض وصدقها البعض ولكنها كانت مجرد سحب صيف تلاشت بعد مدة قصيرة من الزمن على روايتها ، أما الأمر الثالث أو المستحيلة الثالثة فهو إكسير الحياة العقار الذي سيتحدى به الموت ويقهره ويبقي الإنسان خالدا لا يفنى وقد أخذ فعلا حيزا كبيرا من البحث وأجريت الدراسات والتجارب للحصول عليه دونما جدوى فمنذ القدم والإنسان يبحث ويبحث دون كلل ليجد وسيلة أو عقارا وعلاجا ناجعا يهرب فيه من الموت ويتغلب عليه وعلى الرغم من كل التقدم العلمي والتكنولوجي والتجارب العلمية التي أجراها لم يتوصل ولن يتوصل إليه على الرغم من أنه استطاع إيجاد أدوية وعقاقير قد تحسن من صحته وتبقيه شابا وقد تطيل عمره ولكن يبقى الموت هو الحقيقة الثابتة التي لا مفر منه وهو نهاية كل كائن حي فسبحان من قهر العباد بالموت ، وسيبقى يبحث ويفكر وسيقضي دونها دون أن يجد حلا للغز هذه المستحيلات الثلاث .
محمد توفيق ممدوح الرفاعي
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة