دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

الإختيار الصعب . بقلم /زين العابدين فتح الله



لكل جيل أفكاره وتقاليده التي تروق له.وأحيانا كثيرة  لا تروق ، بل تفرض عليه دون أن يؤخذ رأيه.و في أحيانا كثيرة قد يعاني الصغار بسبب أخطاء الكبار.
كان" محمد السقا" ابن فلاح بسيط فقير من إحدى قرى شمال مصر في محافظات الدلتا.
نشأ "محمد" في بيت ريفي بسيط يذهب إلى مدرسة القرية، هادئا مطيعا لوالديه.كان والده يزرع في قطعة كبيرة من الأرض لإحدى الأسر الثرية التي تقيم في القاهرة وكانت تتوسط هذه المساحة الشاسعة فيلا كبيرة تحيط بها الحدائق والبساتين و يتوسطها ممشى و رواق إلى خارج البساتين وحتى طريق القرية المؤدي إلى المدينة.
كانت الأسرة المالكة للأرض تقيم في الفيلا أثناء الأجازات والمناسبات و الأعياد.
كان "السقا" يرعى الحدائق والبساتين والأرض ويذهب بالعائد السنوي إلى المالك السيد" أحمد البكري",.
أحيانا كان" أحمد" يذهب الى المزرعة يحمل لوالده الطعام و يظل يذاكر دروسه في حجرة والده بالمزرعة وعندما يفرغ يتروض بين الأشجار ويطارد الفراشات على الزهور المتعددة الخلابة في أحواض وخمائل.
وأثناء ما كانت أسرة "أحمد البكري "تقضي أجازاتها في القرية كان "أحمد السقا "يذهب يوميا ليلعب مع أبناء وبنات السيد "احمد البكري".وكان يصطحبهم إلى جداول الورد والزهر وقنوات المياه ,يتسلق الأشجار ويقطف لهم الثمار ويطارد معهم الفراشات.
كانت "سارة أحمد البكري" تصغر" محمد "بثلاثة أعوام وكانت تعجب بمهاراته و تفوقه في المدرسة حين كان يعود فرحا بشهاداته في آخر العام الدراسي!! ،  وفي أحيان كثيرة كان السيد "أحمد البكري" يسمح" لسارة" بأن تذاكر دروسها معه و تقرأ معه الكتب والقصص وبعض الأناشيد أثناء إقامتهم في القرية.
تمر الأيام ويتخرج" محمد السقا" من كلية الهندسة ويتقدم بأوراقه لإحدى شركات الإنشاءات والمباني الحديثة.
وفي صباح أحد الأيام استقل "محمد" القطار المتجه إلى القاهرة.
وبعد إجراء المقابلة الشخصية بنجاح عاد ليستقل قطار العودة و قد بدت على وجهه علامات الغبطة والفرح والرضا.
كان أنيقا مهندما في لباسه وحديثه،وسيما، دمث الخلق ،كان يحمل حقيبة حيث يضع فيها أوراقه.
وقبل أن يصعد القطار،وجدها!! إنها" سارة"  
وقد بدت كالقمر المنير تتهادى في خطاها بتؤدة وحياء.
إنها "سارة"!!   كانت ستستقل القطار لتلحق بالأسرة إلى القرية حيث كانت تؤدي امتحان الفرقة الرابعة بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، حيث كانت الأسرة قد سبقتها إلى القرية لقضاء الأجازة الصيفية.
تلاقا "محمد" و "سارة" مصادفة في محطة السكة الحديد. تبادلا الحديث بعد أن استقلا القطار.علمت منه انه على وشك الإلتحاق بوظيفة مرموقة في إحدى شركات الإنشاءات والمباني الحديثة بالقاهرة.تبادلا الحديث الذي لم يخل من ذكريات وقصص ومغامرات وبطولات "محمد"، وهي ذكريات لاتنسى! بادرها محمد مذكرا لها...
أ تذكرين حين كنا نذهب مع أخواتك و إخوتك نمشي بين الحدائق والأشجار؟
حين كنت أتسلق وأقطف لكم ثمار التوت اللذيذة وثمار الرمان والعنب واليوسفي والمانجو والجوافة.؟
يذكرها حين كانوا يلعبون تحت الأشجار بجوار الجداول وقنوات المياه بالقرب من ماكينة المياه!!
يذكرها حين انزلقت قدماها وسقطت في ترعة المياه وكادت تغرق لولا أنه اسرع وأنقذها حيث كان سباحا ماهرا وكانت تضحك وتنظر إليه بإعجاب !!
يذكرها حين كان يعلمها كيف تركب الدراجة حتى أصبحت هواية لديها.
يذكرها حين كان يصطحبها لشراء حلوى ومقرمشات من دكاكين القرية وكان يحرسها من تنمر بعض الصبية الذين كانوا يريدون خطف مابيدها،وهي تضحك مستمتعة بحديث الذكريات.
يذكرها بيوم عرس أختها  لابن عمها الذي لايحمل سوى شهادة متوسطة لكنه يملك مساحة من الأرض يزرعها بساتين ولديه أموال طائلة ، رغم عدم رضا أختها لأنها تحمل مؤهلا أعلى وليس هناك تكافؤ ثقافي أو علمي بينهما.
وكيف كان نتاج هذه الزيجة من تعاسة.فقد أنجبت أبناء يعانون من عيوب خلقية وصعوبات في النطق والتعلم.وكيف تحولت حياة ٱختها إلى جحيم.
وأن والديها جنوا عليها حين أرادا اتباع أسلوب العائلات التقليدي أن بنات العائلة لايتزوجن إلا من أبناء عمومتهن للحفاظ على ممتلكات وميراث العائلة.وان والديها خشيا من تندر وخصومات العائلة إذا لم يقبلا زواجها من ابن عمها!!!
و"سارة" تؤيده الرأي أن جميع اولاد أختها مشوهين ومصابين بأمراض مزمنة وعاهات وعيوب خلقية.وأن حياة أختها لاتتعدى سوى ممرضة تمرض ثلاثة أطفال!!!
لم تر أي لذة لحياة زوجية وان الأموال التي لدى زوجها لن تشتري لهم السعادة الزوجية أو أبناء أصحاء !!!
ترد سارة تبا لتقاليد العائلات البالية.
يصل القطار إلى محطة الوصول.تنزل" سارة" ويتبعها "محمد" ويدور في عقله أمل ورجاء.
هو أنه سيتسلم وظيفته الأسبوع المقبل كمهندس معماري بالقاهرة وأنه يخشى أن يكون مصيرها كمصير أختها،بأن يتزوجها ابن عمها الثاني،وأنه يرغب في التقدم لطلب يدها من والديها.
لكنه يخشى أن يقابل طلبه بالرفض..!!
وأن والدها يخشى أن يقال انه زوج ابنته ذات الحسب والنسب والجاه لابن فلاح يعمل لديهم في الأطيان والأملاك والأرض!!!
ويخشى أيضا خلافات الأهل وخصومات قد تؤدي إلى فرقة وشقاق العائلة!
ويخشى أن يقال ان" محمد السقا "غير مؤهل اجتماعيا للزواح من ابنة السيد" احمد البكري" فهو مجرد ابن فلاح فقير!!
حتى ولو تقلد أعلى الوظائف!!!
فسيظل لديه شعور بالدونية وإحساس بالنقص والفجوة الكبيرة بينه وبين" سارة".
وقبل السفر لاستلام عمله بيوم ألقى "محمد" بقنبلته الموقوتة!!
فقد ذهب مع والديه إلى بيت السيد" أحمد البكري" ليطلب يد محبوبته "سارة" صاحبة الجمال والحسب والجاه.وصاحبة الخلق القويم والعلم الواسع والثقافة الغزيرة.
وفوق ذلك رفيقة ذكرياته الجميلة.
وعندما شربوا مشروب الضيافة.
فاتح السيد "السقا "الفلاح الفقير أبو أحمد؛ المهندس ذو المستقبل الباهر المشرق,والذي سيتسلم عمله باكرا في كبرى شركات الإنشاءات والمباني الحديثة بالقاهرة.فاتح السيد" أحمد البكري" برغبة ابنه "أحمد"في خطبة ابنته "سارة."
فلم يرفض. السيد "أحمد البكري" ولم يوافق !!! بل قال, أنه سيرد عليهم بعد أن يستشير ألأسرة، و قد يستغرق ذلك فترة من الوقت.
فعاد "أحمد "ووالديه على أمل موافاتهم بالرد والقبول.
لقد أصبح السيد "أحمد البكري" بين نارين إما أن يقبل بخطبة ابنته" لأحمد السقا" المهندس بن الفلاح ذو المستقبل المشرق والدرجة العلمية السامقة،والذي استشف من ابنته" سارة" القبول به. وبالتالي قد يدخل في دوامة العتاب والتندر من العائلة بل والصراع والخصومة مع باقي الأهل وأبناء عمومته الذين يرغبون في زواج أحد أبنائهم من" سارة "حتى ولو كانت النتائج مأساوية كما حدث مع أختها الكبرى.حين تزوجت من ابن عمها ولم تهنأ بحياة زوجية سعيدة و لا أولاد أصحاء أسوياء.
إن السيد "احمد البكري" قد وقع في صراع مرير   ليتخذ قرارا خطير!!
سيترتب علي هذا القرار مصير ابنته.وأنه يشعر بعقدة الذنب بسبب زواج ابنته الكبرى وماحدث لها.
فقد استوعب "أن من أكبر الآثام أن يضيع المرء من يعول. "
كما أن "سارة" تقع في اختيار صعب أيضا، إذ أنها تخشى  أن تغضب والديها وتتخذ قرارا أحاديا!!.هي تريد "محمد السقا" لكن لابد أن تتم الخطبة بموافقة والديها. وأيضا هي لاتريد أن تكون ضحية اختيار العائلات الخاطئ مهما كانت النتائج.
فماذا ستفعل "سارة" ؟ و ما القرار الذي ستتخذه؟
وما القرار الذي سيتخذه والدها السيد" أحمد البكري".
إن" سارة" لن تقع في خطأ سبق وأن اكتوت به أختها وكذا باقي العائلة.
إنها كما تعلم أنه لو ظلت العائلة متمسكة بأعرافها وتقاليدها في الزواج ستمحى العائلة..!!
 إذ أن الأبناء المشوهين بعيوب خلقية و أمراض وراثية نتيجة زواج الأقارب  كأبناء أختها لن يكونوا مؤهلين للزواج و الإنجاب مستقبلا.!!
لذالك فستتخذ "سارة" القرار الصحيح الذي سيترتب عليه مستقبلها.
إنها تنتظر قرار والدها وهي في غاية التوتر والقلق.
ووالدها في غاية الحرج!!

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع