دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

الرفعة في زمن الكبر . بقلم الاستاذة / مسعودي رفيقة



رب صدفة خير من الف ميعاد ، دخلت الى ذلك الفضاء حيث قابلتني تلك الطاولات الفارغة بدون قرّاء  أشعرني المكان في البداية بالوحشة لكنني ساررت نفسي قائلة : هل يمكن أن أجد ضالتي هنا ، وانا في هذا البحث اللامتناهي عن بصيص أمل يجعلني أستمر في متاهات هذه الحياة .

تتابعت الخطى عندي حتى انتهيت الى مكتب خشبي قديم  ، القيت السلام على المرأة الجالسة خلفه ترى الوقار والحشمة يكللان وجهها تحس وكأنك تعرفها من سنين ، خاصة وهي ترد السلام بكل تواضع ، لم أقابل شخصا في حياتي ينساب في أعماق الروح كهذه السيدة الفاضلة ،تشعرك بالطمأنينة والأمان حتى تهيم في ارتياح كبير يجعلك تبقى في عفويتك وبساطتك فتشعر بأنك في المنبت المناسب لمبادئك التي نشأت عليها وتحس بسعادة آنية تبعث الحياة في حلمك البريء .

ترافق محياها بسمة تشعرك بالطمأنينة التي طالما بحثت عنها   

وكأن الحياة تتجدد مع كل كلمة تخرج من فيها ، هي الحياة التي تهدينا أرواحا معبقة بأريج الصدق والحب و الخير كما تهدى الورود فتملأ المكان بعبيرها .

كم أحب هذه النفوس البريئة التي تنعكس براءتها على المحيا فتجذبك جذبا اليها دون أن تشعر .

والأمر بسيط جدا لايتطلب مالا ولا جاها ولا جهدا ،يكفي أن تكون نقي السريرة وحسب فيألفك القاصي والداني .

أتساءل كلما التقيت بشخص متعال مترفع عن الناس لم يحس بكل هذا الفرق بينه وبين غيره ؟فيتصاعد في السماء كدخان النار الموقدة ، لِمَ يشعر بالأفضلية عليهم ،ابمال كسبه أم بعلم وصله أم بجاه ورثه ؟ 

ويصدني الجواب مخيبا هي النفس الأمارة بالسوء تزين المناصب والمراتب وتعلي المكانة بين الخلق حتى يستصغرهم ويحس بالدونية لو أنه تنازل الى مستواهم فيلفه الغرور والعنجهية ، ولايجد راحة ولا طمأنينة الا وهو بعيد عن عالمهم وكأنهم شر مستطير .

التواضع خلق رفيع يجعلك تسمو ،فتجالس كل القلوب ، وتتعلم من عفويتها وتلامسك براءتها ،ويلفّك حنانها ،يميزك بالتحرر من الأنانية ويبعدك عن الكبر ،فما أسعد تلك اللحظات  وانت تجالس المتواضعين وتتعالى معهم كرامة وقربا من الله .

رب مجلس اجتمعت فيه الهمم بكل تواضع للبحث وطلب العلم والاستزادة في الخبرات ، فتجوب فضاء الحب والارتياح بكل سلاسة .

ولا يتأتى هذا الا بالتواضع الكامل مع الله ،هذا الشعور يكسبك التواضع مع الخلائق ويجعلك تحس بصغر حجمك أمام عظمة الخالق ، فتستصغر النفس وتذيبها كسبائك الذهب 

وتصيرها عقدا  يزين جيد حياتك.

هو السؤال الذي أطرحه دائما ، من أنا ؟ 

أنا العبد الفقير ،انا التائه الصغير ،أنا المخلف في هذه الحياة لأتقدم  ،انا الطامع في النجاة ، أنا المتشبث برفعة الحياة والعلم ، انا الخائف من ذل يوم القيامة ، انا المتهاوي في الندامة عن كل لحظة ربما لم أتواضع فيها مع غيري ،

خائف مخير بين الثرى والثريا ،بين تصاريف الحياة ، ابحث ولايزال البحث يجري عن نفس تحبها جميع الأنفس وتشتاق اليها كل الخلائق وتتمناها العقول ،ولا نبلغ ذاك الا بعلم درسناه وفهمناه وطبقناه ، ودين تديّنا به فكنا أخلاقا تزين مسارنا ،وارواحا خفيفة تحبها القلوب .

ما أحوجنا الى هذا النقاء ، الذي يبعدنا عن سلوك الشيطان وحزبه، علينا أن نكتب حروف التواضع على سجل القلب ، فيترجمه بكل لغات العالم ليحلق ويعانق كل القلوب.

جميل أن تكون كنسيم الصباح العليل يلامس كل الأرواح فينعشها وتبقى تلك اللمسة في ذاكرة النقاء  كلما لامس قلبك قلبا متواضعا .

فهنيئا للمتواضعين مانالوا وما كسبوا وماحازوا من شرف وما أهدوا من همسات صادقات تريح الافئدة .طوبى لهم بما حباهم الله من فضل .


عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع