.......................
يحكى أن رجلا طيب اسمه عمي محمود فلاح ، ماتت زوجته و تركت له ثلاثة أولاد، أكبرهم ياسر و أوسطهم حسان و أصغرهم ياسين الذي يصغر حسان بعام واحد ، و كان عمي محمود نعم الاب، لم يتزوج خوفا على أولاده ، رعاهم و احبهم حبا كبيرا و مع الأيام مرض و لم يعد قادرا على العمل ، فاضطر حسان التوقف عن الدراسة و مساعدة والده و القيام بالفلاحة و كان عمره خمسة عشرة سنة ، لكنه العائل الوحيد لهذه الأسرة ، بعد تدهور حالة والده ، و بعد خمسة سنوات مات عمي محمود حزن ابناؤه كثيرا و خاصة حسان ، حزن حزنا شديد استمر لسنوات ، و تكفل بإخوته حتى تخرجوا من الدراسة ، ياسر طبيب أسنان ، و ياسين مهندس معماري ، لما تحصل على الشهادة و بدأ العمل في المدينة ، قرر أن ينتقل إلى المدينة للعيش هناك لان حياة الريف صعبة و لا تروق لهما ، حزن حسان على ابتعادهما ، لكنه تمنى لهما حظا سعيدا و بقى هو في الريف ، يعتني بالارض و في نهاية السنة، يتقاسمون الأرباح و لا يأخذ حق أتعابه ، المهم الكل راض و مع الأيام ، طلب ياسر و ياسين قسمتهما في الميراث فقاموا بعملية القرعة ، فأخذ الاثنان الأرض الخصبة و البور ، و حظ حسان أرض حدباء لا تصلح للزراعة و لا للبناء ، مليئة بالأحجار و مأوى للأفاعي و الثعابين ، طلب حسان منهما أن يتقاسموا بالعدل و يلغوا عملية القرعة، لكنهما سخر منه و كان لهما ما يريدان ، و ما حز في نفس حسان أنهما قام ببيع الأرض و غادر إلى المدينة من غير رجعة ، و لم يهمهم مصيره ، لا يملك شهادة و ليس له مال ، و تناسا تضحيته و هجراه إلى الأبد ، بقى وحيدا و حزينا ، حاول أن يصلح تلك الأرض الحدباء و لما اقترب لنزع الحجارة لدغته أفعى و كاد أن يموت ، قرر أن يبيعها و يشتري بها أرض خصبة لكن دون فائدة ، الكل يسخر و يطلق عليها اسم أرض جحور الثعابين ، بقى على هذا الحال يتنقل من مكان إلى مكان للبحث عن العمل ، و كل ما يمر على الناس يسخرون من نصيبه في القسمة، يجيب أنا راض بكل ما كتب الله لي ، ذهب إلى ياسين إلى مكان عمله طلب أن يقرضه مبلغ من المال لشراء قطعة ارض ، قدمه إلى زملائه انه جار قديم ، خرج مغتاظا و ذهب إلى ياسر ، لكي يشكو إليه من أخيه لكن ياسر كان أكثر غلظة ، خرج مكسور الخاطر و عاد إلى الريف ، عامل يومي لكنه لم ييأس و كان سعيدا ، و بعد أربعة سنوات بينما هو عائد من العمل ، سمع الناس يقولون أن الخبراء يبحثون عن صاحب الأرض المهجورة ، تبين أن الأرض بها الكثير من المعادن و مصدر للطاقة و خاصة الذهب الاسود فهذه الأرض تساوي المليارات، استلمت الدولة هذه الارض و أعطته الملايير ، حمد الله على هذا الرزق الذي أتاه من غير احتساب، و استعاد أرض والده و اشتراها ، و بنى قصرا و عاش غنيا و لم ينسى الفقراء بل العكس ساهم في بناء المصانع لتوفير العمل لأبناء المنطقة، اما ياسر و ياسين ، طلب من حسان أن يعطيهما المال ، لأنها أرض الوالد ، تأثر حسان لكلامهما و قال لهما أنسيتما قبل خمسة سنوات، كم سخرتم منى و .......الخ كنت أنتظر منكما أن تطلبوا مني السماح ، اعماكما الجشع و خجلتما منى لاني فقير و لا أملك شهادة ، ركبتما على ظهري و نسيتما فضلي و عندما احتجت لكما تخليتما عنى، انا حسان قبل خمسة سنوات و بعد خمسة سنوات فالمال لا يزيد و لا ينقص منى شيئا ، ماذا قدمت لكما الشهادة ، استصغار الاخ لأخيه، اين المبادئ و الأخلاق التى زرعها ابي فيكما، أين حق الاخوة ، ما جزاء الإحسان، أقول لكما ما فائدة العلم إذ لم تكسوه الأخلاق، ما فائدة العلم المجرد من الإنسانية ، تبا لهذا الجحود و النكران، فطأطأ رأسيهما ، و ندم عن فعلتهما و طلب منه أن يعفو عنهما .
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة