جلستُ على الكرسي خلف المنضدة ، وأسندتُ جبهتي إلى يدي المستندة إلى المنضدة ،وأغمضتُ عينيَّ محاولاً استجلاب النوم
شعورٌ بالاحباط كان ينتابني ، بسط تأثيره على كلِّ فعالياتي ، وخلَّف إحساساً بالوهن امتدَّ إلى كلِّ أجزاء جسمي
لم يكن النوم مطلباً بل مهرباً من صحوٍ لا قيمة له ولا جدوى منه
ما بين النائم والمستيقظ كانت ذا كرتي تلتقط صوراً من الماضي البعيد تقفز إلى حيِّزها من أماكن مختلفة ومن تواريخ متعددة
أشياءُ قديمةٌ لم تكن تمرُّ علي ذاكرتي منذ عقود وقد عادت اليوم لتطلَّ فارضةً نفسها على ساحة الذاكرة
مالذي استحضر تلك الذكريات المنسيةَ وأتى بها من تحت ركام السنوات البعيدة لتستعرض نفسها في معرض المنسيَّات
نعم إنه معرض المنسيَّات فكلُّ ما صارت تجول به ذاكرتي أشياءَ كنت أظنني نسيتها فذاكرتي صارت كصيَّادٍ ماهرٍ يصوِّبُ على لحظاتٍ خاطفةٍ من عمرٍ واسع الفعاليات
كأنما اللحظات الخاطفة تحمل في طياتها تعبيراتٍ ذات معانٍ كبيرةٍ ودقيقةٍ وموحيةٍ وتحمل في إيماءاتها عناصر شخصيتي المتشعِّبة
توقفت ذاكرتي فجأةً عن الغوص في الماضي وبدت على الشاشة صورةٌ سوداءُ قاتمة أتت من ظلامٍ دامسٍ لا يحمل في طياته ذرة نور
رفعتْ رأسي إلى الأعلى ووضعتُ يدي اليمنى على خدِّي وجال نظري في غرفةٍ مهملةٍ يكسو أثاثها غبار السنوات القاسية
كانت المنضدة الحديدية المهترئة التي أجلس خلفها تحكي حكايةَ نهايةٍ مؤلمةٍ لبدايةٍ كانت تحمل الألق
قمت من الكرسي وخرجت من خلف المنضدة المهترئة ومشيتُ إلى خارج الغرفة كمن يمشي إلى قبر
المهندس : سامر الشيخ طه
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة