الاصدقاء بقلم / ا.د/ محمد موسى


هم أصدقاء وعددهم أريعة ، إثنان مسلمين ( محمد وأحمد ) وإثنان مسيحين ( عادل ومنير ) ، تعرفوا على بعضهم البعض منذ كانوا في الروضة (Kg) ، حتى حصلوا على الثانوية العامه ، وكانوا مجتهدين فى دراستهم وأسوياء فى أخلاقهم ، مما دعى أهلهم إلى تشجيعهم على إستمرار صدقاتهم الجميلة ، ودخلوا ذات الكلية ولكن في أقسام مختلفة ، ومع الأيام كانت تتوثق الصدافة بينهم ، كان محمد الأكثر ثراء منهم ويمتلك سيارة كان يأخذهم إلى الكلية كل صباح ويعود بهم ،
وكانوا مرتبطين ببعضهم البعض حتى عندما لم يكن لأحدهم محاضرات في الكلية كان يذهب معهم ، وهكذا إستمرت الصداقة بينهم ، وفى السنه الثالثه كان محمد يرتبط بصداقة بأجمل فتاة في الجامعة ، حيث إشتركا معاً في حب الموسيقى والأدب ، وظلت العلاقة بينهما بكل إحترام ، وكان في الكلية مدرس مساعد (حاصل على الماجستير) يريد أن يتزوج هذه الفتاه الجميلة ، فأرسل إلى أصدقائه الثلاثة كلٌ على حدى ، يسألهم عن العلاقة بين محمد وهذه الفتاة ، والغريب أن إجابتهم كانت واحدة ، إسأل محمد وصدقه فهو لا يكذب ، وفعلاً أحضر محمد إلى مكتبه وسأله على العلاقة بينه وبين هذه الفتاه ، فأخبره محمد بصدقه كعادته ، أننا نشترك في حب الموسيقى والأدب لا غير ، فشكره وأخبره أنه يريد أن يتقدم للزواج منها ، فقال له محمد هذا أحسن إختيار فهي إنسانه مثقفه وعلى خلق ، فتقدم لها وتزوجها ويعيشان الأن فى دبي حيث عمل الزوج ورزقهم الله بإبنتان على قدر كبير من الجمال مثل أمهما ، ويزورهم محمد كلما ذهب إلى دبي ، والرائع أن الأربعة أصدقاء حصلوا على البكالوريوس بدرجة إمتياز فعين كل منهم معيداً في قسمهِ ، وتاتي لهم منحة للحصول على الماجستير في أوربا وأمريكا ، وبرجعوا إلى مصر بعد حصولهم على الماجستير ، ثم بعد قليل تأتي لهم منحة للحصول على الدكتوراه فيذهبوا إلى أوربا وأمريكا ، ولكن بعد الحصول على الدكتوراه يعمل ثلاثة منهم في جامعتهم الأجنبية ، ويرجع إلى مصر منهم فقط محمد ، الذي رفض كل الإغراءات من الجامعة في أمريكا ليظل ليعمل بها ، وقرر العودة إلى مصر ، ولا تنقطع العلاقة بينهم فكل شهر يجتمعون على الإسكايب أو الماسنجر ، ليتحدثوا معاً لمدة ساعة ، وفي كل أجازة يجتمعون في أحد الفنادق المطل على نيل القاهرة الرائع ، ويجمعهم محمد في دعوة عشاء في بيته في مصر الجديدة ، وكان محمد دائم الإتصال بأهل أصدقائه للإطمئنان عليهم ، ويعلمهم أنه معهم كمثل أبناءهم الذين يعيشون في الخارج ، والرائع أن أحد الأباء لو سأل إبنه المسافر أن يحضر له شىء ، كان يقول سوف أُخبر محمد لكي يحضر ما تريده ، وكان محمد سعيد جداً بأن يلبي للأباء ما يريدون ، فهو قد فقد أبويه وهو صغير والأمر لا يكلفه شيء بل يطلب من أحد الموظفين عنده إحضار ما يريدوا وإرساله به إليهم ، وأخر من تزوج منهم هو الدكتور منير تزوج من زوجة مثقفة ومن عائلة طيبة ، وأرتبط محمد بعلاقة مع أبو العروس ماتيلدا ، فهو رجل كبير السن ولكنه شديد الذكاء ، وأكثر ما أسعد محمد في هذا الرجل أنه يحتفظ بالمصحف الشريف في علبه أنيقة في منزله ، وكذلك في سيارته ، وإذا ذكر محمد رسول الله ﷺ أعقب إسمه ب ﷺ ، وكان يقول للدكتور محمد أن الله خلق الخلق وأختار أفاضل خلقه وجعلهم للناس رسلاً وأنبياء ، ولم ينقطع التواصل بينهما تليفونياً ، وقد تم عقد الزواج في كنيسة قصر الدبارة في جاردن سيتي حيث تسكن العروس ، وحضر جميع الأصدقاء من أوربا وأمريكا ليكونوا بجوار صديقهم ويشاركوه فرحته ، وسافر بالزوجة إلى لندن حيث عمله في الجامعة هناك ، وفى مرة وهم يلتقون كعادتهم على الإسكايب ، لاحظ محمد أن وجه منير يبدو عليه الحزن فسأله فعرف منه أن خلافاً قد حدث بينه وبين زوجته من ثلاثة أيام وسافرت إلى أهلها في القاهرة ، وعرف محمد أن أسباب الخلاف بينهما أسباباً لا تدعو إلى ما حدث ، فلما إنتهى التواصل بينهم على الإسكايب إتصل محمد بوالد ماتيلدا وإستئذن في زيارته غداً وطلب منه أن تكون ماتيلدا موجوده ، وذهب في الميعاد وجلس في غرفه مع الوالد ، وسأله ماذا قالت إبنته له عن سبب الخلاف ، قال الوالد لم تقل إلا كلاماً فارغاً لا يدعو إلى مثل ذلك الخلاف ، فطلب محمد منه إحضارها فأتت ومعها والدتها وبعد السلام عليهما ، قال لها أن الفرق بيني وبينك أنني أعرف زوجك منذ كنا في الروضة ، حتى حصلنا على الدكتوراه وحتى الأن ، أما أنتِ فمعرفتك به شهور قليلة ، وقال محمد لها كلاماً كثير وهي ترى في وجه الأبوين إقتناعاً بما يقوله محمد ، وأنصرف بدون أن يحدد لها شيء مما يجب أن تفعله ، وبعد ثلاثة أيام ومحمد عائد من الجامعة رن التليفون في سيارته ، فإذا على الجانب الأخر منير من لندن ، قال له محمد أنه على بعد خمسة دقائق من منزله في روكسي ، وسوف يتواصل معه على الإسكايب عندما يصل البيت ، وحدث فعلاً ، فلاحظ محمد أن وجه منير عليه سعادة ، وقال له منير بالأمس إتصلت ماتيلدا بي من مطار هيثرو في لندن ، وطلبت أن أأتي لأخذها وعندما وصلت أخذتني بالأحضان ، وكأنها أول مرة أشعر بحنانها الفياض ، وقالت لي لقد أعطاني دكتور محمد دراساً لن أنساه في حياتي ، وعرفت من كلامه كم هو قدرك وكم كنت مقصره في فهمك ، وفعلاً لقد أحسنت في إختيارك لأصدقائك ، ثم بعد أن إنصرف دكتور محمد من بيتنا ، سمعت من أبي ومن أمي كلاماً ، لم أسمع مثله منهما من قبل ، فأرجو أن تسامحني وأبداً لن أكون لك إلا كما أنت تريد ، وسأل منير صديقه محمد ماذا قلت لها ضحك محمد وقال له قلت لها ما كنت أنت ستقوله لزوجتي لو فعلت فعلتها ، فشكره منير وقال له غداً الأحد سنذهب إلى الكنيسة وسأشعل لك شمه ، وأطلب من الله القادر أن يزيدك حباً للأخرين ، وأن يمتعك بقلبك الكبير.
هل أعجبك الموضوع ؟
طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية
للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة