منذ عامين والبشرية جمعاء تحارب جائحة كورونا 19 بكل ما أوتيت من قوة وعلم وحنكة وتجارب وغيرها دون أن تتغلب عليها إلى حد اليوم رغم التقدم الملحوظ في هذا الإطار والتوصل إلى التطعيم بتلقيح مضاد لهذه الجائحة يحد من انتشارها واستفحالها في البشرية وحصد مزيد من الأرواح وتكبيد الناس خسائر فادحة لا تحصى ولا تعد على جميع الأصعدة.
ورغم هذه الظروف الصحية الصعبة التي اطاحت بجميع القطاعات الأخرى كالاقتصاد والتعليم والثقافة والرياضة والدين والاخلاق وغيرها، فقد تماسك البشر وتعلقوا بالحياة حفاظا على وجودهم وبقائهم ومارسوا شتي الطرق والاساليب من أجل ذلك حتى رأينا فعلا كيفية تطبيق "قانون الغاب" خاصة في الدول العربية أين تهاوت القيم والأخلاق والمبادئ وكل ما هو حسن - أكثر من ذي قبل بكل تأكيد بالنظر إلى قدم هذا التراجع والتهاوي منذ عقود وعقود، لكن بأقل حدة من هذا التوقيت - وتفككت وحدة الشعوب وتضامنها،وتلاشى مفهوم العمل والوطنية والمواطنة، وتراجع منسوب الحب والود والصدق والإخلاص وكل القيم النبيلة والجميلة وغيرها، حتى تغلغل الفقر والحاجة والفاقة في اوساط البشرية التي غرقت في أعماق الازمة الاقتصادية العالمية الخانقة التي كبلت الجميع وجعلت معظم الدول تعلن استسلامها وانهيارها تجاه هذه الاوضاع الخطرة.
ومنها، انهار التوازن في كل القطاعات والميادين وسقطت البشرية في أتون التخلف والرجعية وتجهيل الناشئة ومزيد تفقير الطبقات الهشة والحكم عليها بالعدم في الدول العربية عامة والمتوسطة والفقيرة خاصة، ونزل سعر العملات وفرغت المخازن والمخزونات حتى تهدم مفهوم الدولة ولم يعد للساسة من مخرج غير التداين والاقتراض وبالتالي الارتماء من جديد تحت سيطرة القوى العالمية الظالمة من جديد والرصوخ إلى شروطها واملاءاتها ومنها الخنوع إلى استعمارها وبيع الاوطان بابخس الأثمان بعد هذا الإفلاس المعلن على جميع الواجهات بما فيه حرفية القيادة وثقب النطر وسعة المعرفة واستشراف الغد وغيرها من الأمور الضرورية الواجب التسلح بها قبل القيادة، وهو للاسف ما لا نلحظه عند الساسة العرب الذين اوصلوا اوطانهم وشعوبهم إلى ما هم عليه اليوم.
ومع هذا، فإننا نلحظ سباتا عميقا لدى الجميع والبطون خاوية وكذلك العقول والحلول التي لم ترتق إلى مرتبة الحلول من طرف أصحابها مادامت لم تتجاوز مرحلة الترميم والترقيع بدل ايجاد الحلول الجذرية الممكنة لانقاذ هذه الاوطان وهذه الشعوب من براثن هذه القوى الغاشمة التي لا تبحث الا عن مثل هذه الفرص للفتك باعدائها وحتى حلفائها من أجل نومها وازدهارها واتساع دائرة حكمها وجبروتها...
لذا،فانه من الضروري حسب رأيى المتواضع مزيد التضامن والتازر ووضع اليد في اليد بعيدا عن الجنس واللون والتصنيف الطبقي والاكاديمي والسياسي والحزبي وغيره في كل مجتمع والعمل جاهدا من أجل الخروج من هذه الوضعية عبر تطعيم اكبر عدد ممكن من البشر بتلقيح الكوفيد 19 ومضاعفة العمل كل حسب موقعه ومهنته دون قيد او شرط، مع التنازل عن بعض الحقوق ولو ظرفيا وتماشيا والوضعية الحالية كالتخفيض من قيمة الرواتب والتقليص في استهلاك الطاقة وبعض المواد، ومضاعفة ساعات العمل لأجل يتفق عليه الجميع، ومعاقبة كل مخالف ومتخاذل لهذه الاجراءات وترشيد استهلاك الماء والكهرباء والمحافظة على البيئة وترك جميع الخلافات مهما كان نوعها وجنسها ونسبة خطورتها جانبا للانشغال كليا في ملحمة إنقاذ الوطن حتى يطيب فيه العيش غدا.
----------------------------------------------------------------------—----
كوفيد-19 والاستعمار الجديد
بقلم : ماهر اللطيف
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة