وَدَّعتُ حَرفَ السُّوءِ لم أكتبْ سِوَى
حَرفاً به..... تُستَمْطَرُ الرَّحَمَاتُ
أنا لي هُنالكَ في الصَّحِيفةِ مَغنَمٌ حَيَاةُ المَرْءِ في العُمْر اليَبَابِ
حياةٌ ....كالفناءِ ....وكالخرابِ . يا لبؤسِ الشِّعرِ إنْ كُتّابُهُ
أصبحوا عن كلِّ حُسْنٍ في انحرافِ
ومضوا في تِيهِهم ما ميّزوا
بينَ خِصبٍ ليس يفنى وجفافِ
يتبرّا الشِّعرُ ممّنْ راحَ عنْ
بحرِهِ العذبِ لنهرٍ غيرِ صافي
وسينفيهِ بعيدًا موجُهُ
رافضًا مِنْ كرْمِهِ كلَّ قِطافِ
أتحياها وتَدْخُلُ في لظاها
وتغشى نارَها وبلا حِسَابِ ؟!
أعاذكَ رَبُّكَ الرَّحْمانُ منها
وهلْ يقوى الضعيفُ على العذابِ ؟!
ألمْ تكُ في شبابِك ذا جلالٍ
مَهِيبٍ ..... أينَ أيَّامُ الشبابِ ؟!
أمَّأ ولَّتْ سراعاً في انقشاعٍ
كما مَرَّتْ خيالاتُ السَّحابِ !!
رأيتُكَ كنتَ فيها الحُرَّ عزْماً
فأينَ اليومَ عَزْمُكَ والتصابي ؟!
أما لَطَمَ المَشِيبُ لنا خدوداً
لنصحوَ من متاهاتِ السَّرابِ ؟!
تغازلني الحياةُ بسِحْرٍ رِمْشٍ
وقد لَبِستْ قشيباً مِن ثيابِ
فكنتُ أصدُّ عنها عينَ قلبي
أغضُّ الطَرْفَ لمْ أفقدْ صوابي
وعدُّتُ اليومَ ذا قلبٍ غفولٍ
ولمْ يكُ ذاكَ يوماً في حسابي
وخلفي ومِن أمامي الموتُ دانٍ
وقَرباً منه عَوْداً للترابِ
وما كنتُ الذي في الناسِ يوماً
أكابدُ غيرَ وهمي واضطرابي
وأكتبُ للعُلا ... شِعراً جميلاً
وأفتحُ للهوى المرذولِ بابي
حياةٌ مَلَّها قلبي المُعنَّى
وكمْ نهشتْ به نابُ الذئابِ !!
أأرفُلُ في هجيرٍ باتٍ يُغري
فؤاداً يشتكي مُرَّ العذابِ !!
وأعتزلُ الحياةَ إذا أشرأبَّتْ
بها للمَجْدِ أعناقُ الكلابِ !!
أما سلبوا الحياةَ جمالَ مَعْنَى
وكم شاهتْ بنابٍ بعدَ نابِ؟!
وأغراهمُ كذا صَمْتي حزيناً
فهاموا إثْرَ ذلكَ باستلابي
ألوذ إلى الكلامِ بحرفِ شِعري
وأحياناً..... بصَمْتي ...
إذا كتَّمتُ في الوجدانِ حُزْني
وواريتُ الدموعَ عن الصِّحَابِ
فعَيْنُ اللِه مُبصرةٌ شُجُوني
ورَبُّ الكونِ .... أعلمُ بالمُصَابِ
وما أقسى الحياةَ بلا حياةٍ
وما أشقى الكفاحَ بلا غِلابِ !!
ولكنَّ الحياةَ تسيرُ حتَّى
يُوَسَّدَ أهْلُها تحتَ الترابِ
ستبقي واحةُ الإيمانِ بيتي
بها أحيا على رغمِ الصِّعابِ
وأمْسِكُ بالعُلا حتى أراني
صحيحَ العزْمِ وهّاجَ الخطابِ
سلاحي عِزَّتي ولهيبُ شوْقٍ
إلى العلياءِ موفورَ الشبابِ
فليس الشَّيْبُ يَمْنَعُني مَسيراً
خُطَايَ إلى العُلا تأبى غيابي
وتأبى إنْ رماني الخصْمُ سهماً
بكائي وانكساري وانتحابي
ولا أن أتركَ الميدانَ خوفاً
فأعلنَ عن ركوني وانسحابي
وتبقي مُهْجَتي للنورِ ترنو
ويبقى صاحبي الأوفى كتابي
لعلي أنْ أرى فيه المعالي
وبعضَ ملامحِ الهِمَمِ الصلابِ
وبعضَ عزيمةٍ كانت زمانا
أصيبتْ بانهزامٍ وانقلابِ
أقلِّبُ دِفْتَيْهِ ، وفيه عُمْري
خيالٌ مِن خيالٍ كالسَّرابِ
وأقرأُ والصحائفُ فيه دارتْ
مع الزلَّاتِ أو سُوءِ ارتكابي
وكمْ أرجو إذا طالعتُ فيهِ
مَفَازاً بالنجاةِ مِن العقابِ
وكم أرجو الثوابَ وكم أراني
قليلَ بضاعةٍ ... راجي الثوابِ
وكمْ طوَّقتُ بالعصيانِ نفسي
وكَمْ سَوَّفْتُ وَيْحِي في المَتَابِ
شكوتُ مَصارِعَ القلْبِ المُعَنَّى
ومِن طولِ الأسى ثمَّ اغترابي
وَكَمْ للعُمْرِ مِنْ رَمَلٍ رَهِيبٍ
وأسْرَعُ ما يكون إلى الذِّهابِ
كبرقٍ خاطفٍ ، أوْ قلْ كنارٍ
أراها أضرَمَتْ عُودَ الثقابِ
ولكنْ لا يَزالُ القلبُ يُبْدِي
سهاماً للعُلا مَلَأتْ جرابي
سأبذرُ في بُطُونِ الجَدْبِ قمْحاً
وأَسْقِي الوَرْدَ مِن سُقْيَا رِضَابي
وأحيا في الحياةِ أضُخُّ عِطْراً
وفَوْحَ العِشْقِ للأرضِ الْيَبَابِ
أرى فيها الحدائقَ يانعات
وزهْواً مِن جَنَاها المُسْتَطَابِ
ليرفُلَ في نعيمِ الخيرِ قلْبٌ
لَكَم عانى وعانى مِن عذابِ؟!
أنادي راغباً يا صَبْرُ إني
مَشُوُقٌ أنْ تقومَ إلى جوابي
مَشوقٌ أن أراكَ خليلَ نفسٍ
سناها قد يُرَى بَعْدَ احتجابِ
لعلِّي في خلودِ الأمْنِ أحيا
وأنعمُ حِينَها بهوى اقترابي
أو مَغرَمٌ ... إنْ ضلَّتِ الكلماتُ
مَن ذا يُعَربدُ بالبيانِ ...فيصطلي
بالنارِ ...يومَ تذيبُهُ الحَسَراتُ
أتظنُّ.....أن لكَ المدارجَ للعُلا
وإلى السُّفُولِ رَغائبٌ نَكِدَاتُ؟!
إنْ كنتُ تكتبُ للسَّفاسِفِ والخَنَا
بئس الذي مادتْ به الشَّهواتُ
بئس الذي عاشَ الحياةَ رخيصةً
في وَحلِها تَتَمَرَّغُ الغاياتُ
أمّا الذي.....قد نَدَّ عن أهوائهِ
فلهُ مع الخُلُقِ الجميلِ... حياةُ
يا مَن لحَرفِكَ مِن سُمُوِّكَ غايةٌ
في الطُّهرِ إنّكَ للوجودِ نجاةُ
لك ما تُحِبُّ مِن المَكَارمِ كلِّها
ومع العُلا يبقى لكَ...الميقاتُ
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة