لما كانت الشمس تميل إلى الغروب ،وتروق من عشق قسمات المحبوب ، كانت من شرفتها المرصعة بالذهب والحلي تطل " الأميرة حسناء القصر"، آن داعبت "الرحلة" أضواء النصر، فتلك" هي التي تجلى طرفها والبدر يغاره، وقد كحل إياه ليل أسدلت أستاره ،يداعب حريرها نسيم الأمل ،و يؤنس وحدتها عفيف الغزل، حيث "الفارس النبيل"، يعتلي ظهر "الجواد "في روض الخميل ،و عيناه لها خير دليل...
و كانت" آلة الزمن" لا تزال في سعيها ،يستقي الجمع الجمال من حسنها ، وقد بدى "الرحالة" في اعجاب و ذهول ، حين طرق المسامع دق طبول،وقد أضحت "الرحلة" قصرا يطير ، تداعب أغصانه العصافير ،حيث الشجر يلتف حوله في سحر ،فيفوح من طلعه شذى العطر.
كان ما تقدم ،وصف "سلمى" لما رأت ، أحداث الرحلة عن نقعها انجلت ،... و "الرحالة" يطرب لوصفها و رقيق كلامها و نغمها وسناء بوحها ،تلك الفتاة فاكهة "الرحلة" ،شقيقته، والتي تؤنسه لو ما اعترته خطوب الحياة،وألمت به نوازلها....وهاجمته كواسرها ....
وكان "الكوخ المحصن" بباطن عمق" نهر الموت" قد ضوى ،وحيث الكثيب هنالك تبين "الهوة" ،و "الجواد الأبجر" في عرين يصهل ،و "سندباد" من شهد المنى "يثمل".... ،...وقتما تجلت من مقلتي" الرحالة" نظرة ،وظهر و كأنه تراوده فكرة ...فابتسم والأمل طريقه ...لعله من عذبه ، الأمل يذيقه،وبدأ يهمس و الكائنات تسمعه، وقلوب العذارى و الجميع معه:
_ في وادي نيل و الروضات أغصان
وبنهر أمل تطل الآن أفنان
وترى القيثارة في شدو لها رقصت
من فرط حب والالهام ألحان
يا "هوة الموت" لا يدنو الجمال إذا
ملأت نفوسنا من الأوهام أحزان
طير الرياض ما بال الحياة إذا
ناداني طيفها تلقي الطرح أفنان ؟!
منها تساقط كالعمر الذي يمضي
و زال حسنها لما ولى انسان
يا "عقلة الاصبع" الفرحان ليت أنا
أكون أنت فحقل الطرح فرحان
لو كنت فيه فأنت الزهر و الحب
طير يودك والأجام تزدان
في الغيد درب يتجلى الجواد به
يا أبجر الخصر أنت الطلع و البان.
صهل" الجواد الأبجر" في فرحة و ثورة حب ،وعدى على الكثيب في سعي مكب ،ثم داعب" الرحالة" بحريري شعره ،و الرحالة يزيد من شعره...و...حتى قدم الليل ،و مضى السيل ،يشق فجاج الأرض من غيث ،ويبين في الغاب عظيم ليث ...و---' وباطن" الهوة" يتقد و يشتعل ، وتهدأ من روع" الرحالة" الظلل ،...تنهمر الدموع من عينيه ،و"سلمى" تبكي حزن حاله ، وهي التي تعشق خصاله،لأن شقيقته لها قلب هو الأقرب إليه ، ولما رقت له ،قدمت بين يديه ،وقالت في عاطفة أخوية نبيلة وحنان و شفقة:
_ ستجد بمشيئة الله ضالتك يا أخي ، أشعر بأن" ذات البساط فاطمة" على مقربة منا.
فأطال النظر في عينيها ،وقرأ بهما صدقهما ،ولم ينبس ببنت شفة ،بل أطرق وسبح في أوهامه ،ثم رفع عينيه و تأمل دموع "سلمى" و خوفها عليه ،فنظر إليها نظرة تقدير دون أن ينطق بحرف ،فهمت هي بالتخفيف عنه رغم بكائها ،لأنها تعلم أنه حزين عليها ،ولا يفضل أن يزيدها نصبا و هما فوق نصبها و همها ...
فتابعت هي لتحسم الموقف و استطردت مغمغمة في خفوت و همس:
_ أخي أمن هم تشقى و تحزن ؟!
والروض من حولك يتزين
أنا أختك أحمل عنك الهم
هل ترى ذلك و تتبين ؟!
ما كنت لأحيا فأراك حزينا
إن تخفى دموعك أو تعلن
إن مسك ضر يبصره قلبي
و إن نلت السعد فأتحين
الفرصة تأتي لأهنأ قلبك
و رياض العمر ستتلون
يروق القلب هناء البال
وعن قلبك ولى من يضغن
الحقد تجاهك و سيبعد عنك
ربي الآهات وما يسكن
بفؤادك دوما فيعكر صفوك
و لخير السبل أنت ستركن.
مست كلماتها شغافه ،فيالها من حبيبة شقيقة ،ومن جميلة روح رقيقة،فقبل جبينها وأثنى عليها و دعا لها ،و"الرحلة" في حلها و ترحالها ، "آلة زمان و مكان" تقودها،حتى قدمت" آلية عملاقة" ،عيون من على متنها براقة ، تحجب الرؤية عن الجهة المواجهة للقصر ، ومن يعاديها يقع في الأسر ،مجهزة بأحدث الأسلحة والمعدات،تحمل الروع والمفاجآت ،هي سفينة و طائرة و محلقة و غواصة ، تعمل بالقوى الطبيعية و السحرية ،وبالطاقة الكهربائية و الشمسية و قوى الرياح و الظلام و الدفع الذاتي....و...والكثير ،يقودها الساحر الشرير،بجناحين يطير ، ومعه زوجته "العجوز الساحرة" ، داهية حرب وبها ماهرة ،إن ننعتها فقل الماكرة ،ويرى كذا على متن" الآلية الشريرة ، ....هياكل عظمية مرعبة ،وكائنات فضائية متحولة ، وعماليق وجان وانس ،...و...فما كان من "القائد المحنك" في" آلة الزمن والمكان" سوى ضغطه أحد الأزرة ،لتتحول" آلة الرحلة " إلى هيئية مكافئة معادلة لهيئة وإمكانيات الآلية الشريرة المضادة،بل و تفوقها كما و كيفا ،وتسبقها في التطوير والإعداد...لتكون لها ندا ،فيما تحدث بعض التفاعلات و التحولات ،لتضحى الآلة في زمن انسان الغاب ،حيث التدثر بأوراق الشجر و جلود الحيوانات، ثم يستمر التحول لتزور حقبا زمنية مستقبلية ،ثم تعود لأزمنة بعينها ،و تحيا حياة القبور والأجداث،حيث الجميع سراعا ،وتزور الجنة كذا ،و ترى الصراط ،....و البساط يتسع ويطير ،والعدو على الكائنات يغير،فيما تهمس" أماني" شقيقة "عقلة الإصبع"... ....و تقول ،وقد أصابها الذهول:
_ تروح و تجيء في سفر طويل
وتومض في أمل بضياء قنديل
إنها "رحلة" في كل زمان
في ماض و حاضر و بكاء و عويل
تستقبل زمنا كى تحيا فيه
تستمد علمها من التأويل
سبحانه ربي من خلق و سوى
بها نبت الروض و طلوع ظليل
من ظل يدنو ليريح النفس
والظل أحب ،فالظل خليلي
وبها "الرحالة"، اقبل و تعال
والعذب يهل من صفح النيل
نهر نعشقه ، خير يغدقه
لي فيك يا نهري أطياب جميل.
كانت كأنها تعزف ،هذه الرقيقةمتناهية الصغر ،وكان شدوها وهي تتعلق بريشة الحمامه ،حيث السقوط بعد التعب ،في نهر المنية و الغضب ،وقد هم "قبطان" لينقذها ،فحلق بجناحيه وطار نحوها يصفهما على أريكة هوائية ونسائم ربيعية ، حتى دنا منها ،فحملها و الحمامة ،و أقراهما السلاما ،وهبط في انسيابية و مرونة ، و"الهوة المتقدة" لا تزال تشتعل،وتتسع حينا وتضيق السبل، و"الفارس الملثم" يصارع تماسيح "بحيرة الهلاك " لم يزل،و"ملكة النحل" لا تزال تحلق على عجل ،و"سلمى" لا يعلم دربها ،و" آلة الزمان" تشتاقها ،و عن المفاجآت فمستمره ،في "رحلة" هي الدره ،"كامل حسانين" يرسم حسنها ،ما هرب من ساح ولا كر ،"مصر العربية "يعشقونها مرة ،ويعشقها هو ألف مرة ،"فقير إلى الله" و إنه،كم حزن يوما و كم سر...و..."رحلة بلا حدود"...و.......
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة