بسم الله الرحمن الرحيم
إبحارا بالنقد التحليلي لقصيدة(علي زمن الشباب )للشاعرة المتألقة(نجاة سالم )وتحليل نقدي بعمق النص والغوص بأعماقه٠
على زمن الشباب
على زمنِ الشباب ذرفت دمعي
سَلَوتُ النّفْسَ ما نفع الطبيب
على وجعِ المفارقَ كلَّ حُسْنٍ
عرين البأس يُضْعفه المشيبُ
فكم فيها مشيت من الدّروبِ
بكيتُ الشَّيْب والعيْش النّجيبَ
غزا الرّأس المشيب وكنتُ نِدا
كأوراقٍ على الشجرِ الخصيبُ
فيا أسفا ضعفْتُ فمال حظي
كما حشَفٍ بِجانبه الرّطيبُ
وغرّتْني حياتِي في شبابِي
فلم يبْق على حالٍ عجيبُ
وإنْ ولَّى شبابي قلتُ ربِّي
طلبْتُ لِحُسْنَ خاتمةٍ يجيبُ
نجاة سالم
أولا:المقدمة ٠وهي مقدمة لحظية إمتزج بها الذاتي بالموضوعي فأخذت الذات فيها رموزا لوصف الموضوع فأخذ الموضوع صفة الذات لتتلاقي عظمة الأفكار مع إظهار الأحاسيس فكان ذلك الصانع والمحرك لها في اللغة والنظم وصياغة مفردات العبارات ٠
**البناء الفني المخبؤ للعنوان **العنوان هو البداية الرئيسية لكل عمل أدبي وهو اللغز الساحر في أعين القراء وأول مايدخل العقل ويسكن الوجدان ولا ينسي أبدا ويكون ملخصا لمجمل القصيدة ومفتاح معانيها وعنواننا علي زمن الشباب عنوان مبهم بدأت الشاعرة فيه بحرف الجر علي لسرد التتابع الزمني ولتجعل المتلقي يتشوق لمعرفة أي زمن شباب تقصد وعن اي زمن تتحدث عنه وهو عنوان جاذب يثير إنتباه السامع ويجعله يتابع النص لمعرفة خبايا هذا الزمن وما تريد الشاعرة الإبلاغ عنه وما الهدف المنشود من خلاله ٠
**المصطلحات **سياق تفعيلة من بحر الوافر التام مرسل ومستقبل به محاكاة مع النفس بتجسيد روحي يستدعي الطلب والتمني بدعوة ورجاء ولوعة نفس وتجن فكر في شغاف اللوعة بسياق وجداني فريد مترابط المعني ٠
**تركيب البناء الوظيفي للنص ورؤية الناقد **نحن أمام نص تفعيلة موزون متماسك السرد به محاكاة مع النفس والواقع والخيال ذا هدف ومضمون عميق البلاغة مطابق الوصف يحمل صدق التعبير منتشي الروح والوجدان طابق فيه السرد مقصد معاني الشاعرة ومايعتصر في خلجاتها من توصيل الرسالة ٠ بدأت الشاعرة القصيدة بلوعة وتحسر تستعرض التأسي علي زمن الشباب معبرة عنه بغزارة الدموع وإنهمارها من ماقيها بعبرات سالت علي خديها متحسرة علي هذا الزمن وما كان فيه من عنفوان وقوة والتعبير عن المراحل العمرية وإنتقالها بالإنسان من طفولة الي شباب ثم الي كهولة واجادت التعبير بعدها قائلة سلوت النفس مانفع الطبيب ولنا هنا وقفة مع كلمة سلوت ومعناها هجرته ونسيته ومن معانيها أيضا ذبل ويبس من مرض وغيره أو أضمر وإضطرب من غير مرض وهذا ما لا يجيد فيه الطبيب وكيف يفعل الطبيب علي وجع المفارق كل حسن اي الهاجر موطن جماله بأعراض المشيب ثم عبرت بنا الي بيت اجمل شبهت فيه اليأس بأن له بيت كبيت الأسد يضعفه المشيب اي يوهنه الشيب والضعف وهي تتذكر اللحظات التي صالت وجالت تتمشي فيها بكل الدروب السبل والطرق وفي هذه اللحظة تذكرت وبكت راثية الشيب والعيش النجيب ومعني نجيب هنا إسم والجمع منها انجاب ونجب ونجباء والمؤنث منها نجيبة ونجائب وهي صفة مشبهة تدل علي الثبوت من نجب رجل نجيب نبيل فاضل كريم من صمد في نظرة أو قوله أو فعله وايضا نجائب الأشياء اي لبابها وخالصها وكذلك الخيل الكريم العتيق وخيارها وعندما غزا الرّأس المشيب اي بدت علامات الشيب بارزة تظهر الشعر الأبيض والتي كانت قبلها ندا اي خصما قويا يتسم بالعنفوان كأوراق خضراء وارفة النضرة علي الشجر الخصيب ذا التربة المعطاءة كاملة العناصر والمساعدة علي النمو الأمثل لتلك الأشجار وهنا وقفت تهمس في لوعة وأسي بقولها فياأسفا جاءت بفاء التعقيب الجزائية سابقة حرف النداء لتدل علي الإشمام وشدة الأسي ومن هنا ضعفت وصارت تنعي ميولة الحظ وإنه لم يعد كما كان في الصبا واصبحت كما حشف بجانبه الرطيب وكلمة حشف هنا عبرت بها الشاعرة تعبيرا بليغا لغويا بديعا ومعناها خشف التمر اي يبس وتقبض وحشف الضرع اي ارتفع لبنه وحشف عينه اي ضم جفونه ونظر من خلال اهدابه وتطلق أيضا علي الخبز الجاف كل هذا صار موجودا بجانب الرطب اطيب التمر وهكذا كم غرتني حياتي في صبايا وشبابي وهذا حال الدنيا فلم تبقي علي حال يالا هذا الزمن العجيب والأن الأن لا املك إلا أن اقول وأنا علي قابل ذهاب شبابي سوي أن أدعوا الله ربي أن يحسن خاتمتي وهو سبحانه وتعالى المجيب القادر القاهر فوق عباده مستخدمة لوعة الوجع والألم الثائر الحائر بين الشباب والمشيب وهي تجمع بين شتات النفس وحيرة القلب في تسابق مع الخطي في قالب سردي متماسك متناسق الربط شديد البنيان ٠
**المعالجة الدرامية للنص **قيمة وفي قمة الرقي ذات حبكة فنية سلسة المعني متفندة السرد ذات قالب لفظي ومعنوي يخاطب الواقع بالمضمون ٠
**المحسوسات **موظفة وشاملة ومستخدمة بإمتياز ودقة متناهية سليمة الحبكة مؤدية المعني شيقة التعبير طيبة الرسالة مما اضاف الجمال للنص ٠
**توظيف التراث **استخدمت الشاعرة الواقع بمحاكاة عبرت من خلالها بعزة وشموخ وإباء في جمال لفظي ومعنوي معالج بالنصح والإرشاد والدليل المرئي للجميع ٠
**التلازمات **حفل النص بها واستخدمت استخدام هادف شمل مضمون النص ببلاغة الوصف وقوة وجزالة المعني واوصلت الرسالة بوضوح شامل ومن هنا وجدت قوة النص ٠
**الأفعال **جاءت مستخدمة في محلها وبشكل فيه شمولية ودقة دلت علي المعنى كلا في موضعه وحسب موقعه الإعرابي ٠
**المحسنات **موجودة وكافية مستخدمة بإمتياز من استعارات وكنايات بلاغية تصريحية ومكنية مع وجود تضاد طابق المحسوس والملموس مما دل علي أن النص من الشعر الفصيح المخالط للوجدان من باب النصح والإرشاد والعظة ٠
**المفردات **موجودة قوية جزيلة منها(ذرفت ٠ سلوت ٠ عرين٠ الدروب٠ غزا٠ ندا٠ الخصيب٠ حشف٠ )الخ الخ الخ وقد زادت المعني وضوح تعبيري وأضافت إلي رونق النص جزالة وقوة شديدة الوضوح وكان كل معني في مضمونه وحسب سياقه ٠
**الأداء الفنى **جاء النص علي الأسس المتعارف عليها فى مدارس الشعراء وخاصة الشعر الموزون من البحر البسيط مؤدي التفعيلات خالطهالطابع الوجداني متمثلا في الماضي والحداثة بثقة وثبات وسرد متلاحم مترابط المعني والمضمون ٠
**السياق التركيبي للنص )شعر تفعيلة موزون وضعي مترامي البعد واسع الخيال صائب القصد فيه رسالة هادفة بناءة تخرج مكنون النفس مؤدي للمرسل والمستقبل في تعبير سياقي بين الإنشائي والخبري في جمل موصوفة بعناية لصدق المعني وإيصال المضمون ٠ عروضيا موزونة علي بحر الوافر التام فيها وقع سمعى موسيقي خالية من الأخطاء القصيدة ذات معني قوي فيها ثراء حسي تحمل المشاعر والأحاسيس الجياشة حيدة جدا وتستحق ومن هنا اتقدم بالشكر الجزيل للشاعرة على جميل كلماتها وفيض مشاعرها متمنيا لها التوفيق والسداد والكمال لله وحده مع خالص تحياتي وتقديري الناقد الأدبى د/مسعد الغنام
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة