🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تعالوا نعيد عقارب ساعة الأيام للوراء، إلى إثنان وستون عامًا بالكمال والتمام.
نحن إذن في 20/3/1959.
كان الكاتب الغنائي المصري الوسيم حسين السيد، يغادر مقر عمله في صحيفة أخبار اليوم، متوجهًا باتجاه بيته، وعند الباب ، توقف فجأة تذكر أن والدته حضرت قبل ايام في15/3.
لتحتفل بعيد ميلاده، وأحضرت معها من بيتها، ما لذ وطاب من البسبوسة والمشلتت، عملته بيدها.
عاد ادراجه، لبيت والدته، التي أصرت أن تبقى في بيتها، لأن لها ذكريات جميلة مع المرحوم زوجها، حيث إختارها هذا الزوج من تركيا، فتركت اهلها، وعوضها من حبه قساوة بعدها عن بلدها واهلها ومجتمعها، وكان حصيلة هذا الحب هو حسين السيد.
وصل إلى العمارةالتي تسكنها والدته، وكانت تسكن بالطابق السادس، في الحي الشعبي شوبرا. والعمارة كانت بدون مصعد.
صعد كاتبنا الدرج، حتى وصل إلى باب شقة أمه، الشقة التي ولد وترعرع فيها.
قبل أن يهم بطرق الباب، يا إلهي، تذكر أنه لم يحضر هدية لأمه،بمناسبة عيد الأم، حيث تعود كل سنة أن يخصها بهدية.
لم يستطع النزول وشراء هدية والصعود للدرج اللعين ثانية
لأنه كان مرهقا ومتعبا.
جلس على الدرج، وسحب من جيبه ورقة من دفتر مذكرات صغير معه، وكتب ما جادت به نفسه.
طرق الباب ودخل، عانق الست الوالدة، وقال:_
كل عام وانت بخير يا ست الحبايب.
لقد أحضرت لك هدية بمناسبة عيد الأم، هي ليست مادية، بل كلام خرج من قلبي، هذا القلب، الذي كل دقة فيه تذكر إسمك.
أخذ يقرأ لها القصيدة، فرحت كثيرًا بكلمات الأغنية، لكنها فاجأته بسؤال:_
هل ستذاع هذه القصيدة بالراديو؟
من غير أي تفكير، قال:_نعم.. غدا ستذاع الأغنية بالإذاعة فرحت أمه كثيرًا، وحضنته وقبلته، أما هو فشعر بانقباض كيف وعد امه بهذا، وقد كتب القصيدة توا.
مباشرة رفع سماعة الهاتف الأرضي، واتصل فورًا مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، وقال له:_
لي عندك طلب، أرجوك لا تكسفني، ولا تردني خائبًا!
إنني وعدت امي أن تذاع قصيدة أهديتها لها في عيد الام.
أما عبد الوهاب، فقد طلب منه ان يملي عليه كلمات الأغنية..
ست الحبايب ياحبيبة.
يا أغلى من روحي ودمي... الخ.
ودع امه وعاد لبيته، تذكر انه ومنذ طفولته، وهو يعشق اللغة العربية، وتفوق على أقرانه في التوجيهي، لكن موت والده جعله لا يكمل تعليمه، وحمل على عاتقه توريد المواد التموينية للجيش، كما فعل والده.
تذكر كيف عشق التمثيل، ولما ذهب لمقابلة المخرج محمد كريم، ليعمل ممثلا، بعد البحث منه عن وجوه جديدة، حيث لما وصل، بهت لما رأى عبد الوهاب وهو يقوم بتمثيل دوره في فيلم(يوم سعيد) حيث كان عبد الوهاب يحتج على كلمات الأغنية التي اعطاها له احد الكتاب،ليغنيها بالفيلم وقال أن كلمات الأغنية سيئة.
هنا قال هذا الشاب :_أنا أقدر أن أكتب قصيدة تتناسب مع أحداث الفيلم.
ثاني يوم جاء بقصيدة( إجري إجري(، التي إنبهر بها عبد الوهاب، وقال على أثرها:_اترك التمثيل، وتفرغ لكتابة الأغاني.
إذن هو تأمل من صديقه عبد الوهاب ان يلحن الأغنية.
أنتقلُ أنا الآن إلى بيت عبد الوهاب، حيث قام بتلحين الأغنية في زمن قياسي، في خمس دقائق فقط، كان قد سجلها على العود بصوته، ثم إتصل مع فايزة أحمد لتحضر لمقر الإذاعة وفي صبيحة اليوم التالي21/3، كانت أغنية ست الحبايب بصوت فايزة احمد تسجل بالاذاعة مع فرقة موسيقية كاملة في المساء كانت هذه الأغنية الخالدة تغنى في كل المحطات المصرية، وانتشرت الأغنية مثل إنتشار النار بالهشيم، وما زالت الأغنية ومنذ أكثر من ستين عاما أيقونة لعيد الأم.
وكأن روح شاعرنا، ظلت تحوم حول هذا التاريخ.
كانت ولادته قبل ست ايام من عيد الأم، ووفاته بعد ست أيام من عيد الأم، في27/3/1983.
----
نظير راجي الحاج
الى كل أم.. كل عام وانت بخير.
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة