دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة

الحكمة والحكماء بقلم محمد توفيق ممدوح الرفاعي


هناك الكثير في حياتنا من المسميات لمفردات فكرية معرفية وعلمية أطلقناها على مكتشفات وأبحاث فكرية في كافة العلوم المنطقية الكلامية والعلمية الحسية وحالات وظواهر وظروف حياتية عامة وخاصة طبيعية وإنسانية ولكن أحيانا نبقى عاجزين عن تفسيرها وتعريفها التعريف الدقيق الكافي الوافي وكلها خرجت من البوتقة الفلسفية وكما قيل عن الفلسفة إنها أم العلوم فمنها خرجت وتفرعت كافة العلوم الإنسانية الفكرية والعملية وكذلك الحكمة التي هي ضالة الإنسان يبحث عنها ويتلقفها أينما وجدها فهل هي الأخت التوأم للفلسفة التي تخرجت منها هذه العلوم التي بدأت بمراقبة الظواهر الطبيعية وانتهت في المختبرات أو التي بدأت بفهم علم الكلام والمنطق وتبلورت في نظريات أخلاقية حكمية أو وقد وجدتا في آن واحد في دائرة البحث الفكري الإنساني أو هي وليدتها أم العكس أيان الحكمة هي وليدة الفلسفة أو الفلسفة هي وليدة الحكمة حيث كلتاهما تبدآن بالاستقراء وفي كلا الحالات سارت الحكمة والفلسفة جنبا إلى جنب معا في طريق البحث عن المعرفة ووضع أسس الفضيلة والعلوم والقيم الأخلاقية والمنطقية ولكن هناك فارق وحيد هو أن الحكمة غير محتكرة لنوع واحد للعلوم بل هي شاملة لكل العلوم حيث أن العلوم الحسية والعملية وحتى النظرية لها اختصاصيها كل في مجاله العلمي والبحثي أما الحكمة وإن اقتصرت على الحكماء عامة شاملة لا يمتلكها إلا القلة النادرة كالنخبة الذين اتصفوا بالحكمة قولا وفعلا ولذلك من الصعب بمكان أن نضع تعريفا شاملا كافيا وافيا للحكمة بكلمات قليلة بسيطة بكل ما للكلمة من معنى فكلها تبقى قاصرة عن ذلك رغم بساطة لفظها فبماذا نستطيع أن نعرف ببساطة الحكمة ومن هو الحكيم الذي أعطاه الله الرجاحة بالعقل وينطق بالحكمة وأين نجد الحكمة والحكماء، لقد ميز الله البشر عن بقية المخلوقات بان وهب كل الإنسان العقل والذكاء حتى وإن وجدنا أو لاحظنا أن الحيوانات تتصرف أحيانا بذكاء لافت للنظر ولكنها تبقى في بوتقة غريزة البقاء , ومن اللافت للنظر في الإنسان التفاوت في تسخير العقول والذكاء ولذلك من الصعب أن يتساوى كل الناس في العقل والذكاء فلكل واحد عقل وذكاء يتميز به عن الآخر ولهذا كل إنسان يفكر ويبحث ويدقق ويمحص ويستنتج الأدلة والبراهين حسب ما يراه من وجهة نظره العقلية وأيضا في طريقة استخدام ذكاؤه الخاص من خلال معرفته وخبرته المكتسبة والفطرية في الاحتيال على الظروف الصعبة أو إيجاد الحلول الناجعة لها ولكن ليس كل البشر يستغلوا عقولهم وذكاؤهم بكامل طاقاتهما أو بشكل متساو فالبعض يستغل ساحة كبيرة من عقله وبقدر كبير من الذكاء والبعض اكتفى بالقليل منه أما العلماء فقد استغلوا مساحات أكبر فتوصلوا إلى الاكتشافات والاختراعات وأعطوا البشرية حضارتها العلمية والعملية والفكرية ورغم أن البعض استعمل هذا العقل والذكاء في سبيل الشر لكن تبقى الحضارات نتيجة عملية للعقل المفكر والمدبر وتبقى الحكمة هي التي تقود كل المكتشفات العلمية والظواهر الطبيعة وتسخر العلوم للمصلحة العامة الخيرة النيرة ويبقى الإنسان الحكيم هو سيد الموقف الذي نبحث عن حكمته لتنير لنا الدرب لتلافي كافة العقبات والصعاب وهي التي تجد الحلقة المفقودة في أية سلسلة انقطعت سلاسلها فبذلك نتوصل إلى أن الحكمة هي حصيلة معرفة الأصول الصحيحة لحقائق الأشياء الحسية المنظورة والملموسة والفكرية وشموليتها الفطرية والمكتسبة من خلال الخبرات والتجارب الشخصية أو السلوكية المكتسبة والتمييز بين المفيد منها علميا وفكريا وغير المفيد منها وما هي عليه في الواقع وما نستطيع القبول به كلا أو جزءا أو رفضه كلا أو جزءا ومن ثم ردها إلى أسبابها ومسبباتها وموجباتها والمتناقضة والغوص في جوهرها وتحليلها حسب التجارب الحياتية ووقائعها وحوادثها المتشابهة والمتضادة ومحاكاتها بتصويب الأخطاء وفق قواعد عقلية تعتمد على المحاكاة العقلية والعلمية والتحليل في عمق أحداثها المنظورة والمتوقعة ونتائجها للوصول إلى جوهر العلم المتصف بالأحكام الشاملة بالمعرفة وبالإحاطة بها ووضع الأمور في نصابها المنطقي العقلاني والتي تؤدي إلى زيادة الخبرة العامة وموسوعة العلوم والمعرفة المنطقية والأخلاقية للحصول على المنفعة العامة والخاصة بما يخدم الصالح الخاص والعام أو الخروج من الأزمات والظروف الطارئة التي قد نتعرض لها بلا خسائر أو تضحيات كبيرة أو جزئية أو بأقلها نوعا ما وذلك بفطنة وذكاء ورجاحة عقل وسعة الأفق وشجاعة فائقة في الإقدام على تقديم المفيد المقنع بصوابية كاملة وهذا ما يتم الوصول به إلى الغاية المرجوة , فالذكاء ورجاحة العقل وصفاء الذهن من صفات الرجل الحكيم وإن كان بعض العلماء الماديون والمفكرون يتصفون بهذه الصفات إلا أنها محدودية ضمن اختصاصاتهم فليس بالضرورة أن يكون العالم حكيما وأيضا ليس بالضرورة أن يكون الحكيم عالما أو باحثا في علم من العلوم الإنسانية العملية كالطب والهندسة وعلم الفضاء ولكن عليه أن يكون قد خبر الحياة وعلومها متفاعلا بها وليس منفعلا ولديه القدرة على قراءة الأحداث وتوقع ما ينتج عنها وقراءة ما بين السطور قراءة مستفيضة ويحللها منطقيا وعقلانيا وقراءة نظرات العيون والولوج منها إلى أعماق صاحبها ليستشف ما تخفيه لاستنباط الحلول والقدرة على الإقناع بقوة شخصيته وإدراكه للأمور والولوج في بواطنها بجرأة وشجاعة فوق العادة وأناة ببصر وبصيرة شديدين وإلا فليس له من الحكمة من شيء ولا مجلس له في مجالس العلماء. وتبقى للحكمة زهوها ومكانتها وهي الدواء الناجع الذي نبحث عنه في صيدلية الحكماء ويبقى للحكماء الصدارة في قلوب من يقدر الحكمة ويبتغيها ..

عن الكاتب

قادح زناد الحروف

التعليقات

طباعة ونشر وتوزيع ، ظهور إعلامي ، ورش أدبية
اشترك بالعدد الجديد من مجلة القلم الورقية للتواصل والاستعلام / 0020102376153 واتساب

اتصل بنا 00201023576153 واتساب

شاركونا الإبداع

جميع الحقوق محفوظة

دار نشر القلم للطباعة والنشر والتوزيع