دعْني أُرمِّمُ في العراءِ ملامحي
فقد تشفَّى القيْظُ منها
ما عُدْتُ أعرفُني
أضعْتُ نفسي
بعْثرْتُها حُبًّا و كُرْهَا
نقتاتْ من طبقِ الخيالِ ما نشتهيهِ
نبضاتِ قلبِك
حشرجاتِ النَّفَسْ
لذّةَ حُلمِك الطّفوليِّ فيكَ
و أنتِ تفرُّ كالعصفورِ من أسْرِ القفصْ
فآقْدَحْ وميضَ البرقِ
في كفِّ القَبَسْ
تتفتَّحِ الأحداقُ في غبَشِ الغَلَسْ
أراكَ على عَجَلٍ
يُشيِّعُكَ الحنينُ إلى ما تُحِبْ
يُبعْثِرُكَ السّرابُ
و يطمسُ فيك الوسامَةَ أرْوقةً للتَّعَبْ
أراكَ كالطّفلِ تمضي
تتلذّذُ بَرْدَ الصّباحاتِ
و من أنفاسِك تبني العَجَبْ
كالطّفلِ تنفُخُ في الفراغِ
ترى ما لا يُرى
تُحلّقُ العصافيرُ حولكَ
و تقفزُ الفراشاتُ نَشْوَى
و تخمدُ الرّيحُ و تنكشفُ الحُجُبْ
أراك كالطيفِ أنتَ
تهربُ عن ناظرَيْكَ و تقتربْ
أراك حين أراكَ
غُصْنًا يميدُ في زيتونةٍ
تدْعُو لغارِسِها
يمتدُّ ظلُّك حولها
فيُريح حارسَها
يُحاصرُ الوَقْتُ أطرافَكَ
فلن تطولَ أكثرَ مما يُسْمَحُ لكْ
و عند المساء ينهشُك الظّلامُ
حولك حام الحمامُ
يُرْديه طيْشُ الرّصاصِ
و يُحْييه السّلامُ
و أنتَ الفراغُ في كلِّ نصٍّ
معناكَ ما يقتضيه المَقامُ
للقيمةِ لِحافُها الفلسفيُّ
إذا حَفِيَ الكلامُ
إنّي أراك تكبُرُ كالنّشيدِ مُدوِّيًا
تتناسلُ من ضِلْعك الأفكارُ
هِيَ فِكرةٌ قد يعتريكَ حسيسُها
و تضُخُّها في روحِك الأوْتارُ
لم يختِمِ الحلاَّجُ قصّةَ عشقِهِ
فَضحَتْ خبايا وَجْدِهِ الأخْبَارُ
تجترُّهُ الأنّاتُ حين شُرودِهِ
و تردُّهُ في صحْوِهِ الأسمارُ
فيذوب مثل الشّمْعِ من وهْجِ الرّؤى
و تشُعُّ من نَفَحاتِه الأنوارُ
ها أنتَ ماضٍ نحو حتْفِكَ يا الذي
في مُقلتَيْكَ تجمَّعَتْ أنهارُ
إنّي أراكَ مُمَزَّقًا كالنَّايِ
ينفُثُ همَّ عازِفِهِ
هِيَ الأصابعُ تَصْرِفُ الأنفاسَ في جَوْفِهِ
و تفتح في القلوبِ منافذَ الوَجَعِ
تُمطِّطُ الأنَّاتِ
تُقلّصُها
فتغرورق بالأنينِ المآقي
يا عازف النّايِ
اذْرفْ خَوالجَكَ
تَفِضْ أعماقُكَ في لُجِّ أعماقي
منك تَعُبُّ الشّوادي عَزْفَ زقزقةٍ
و يهمس الدّمعُ حَرَّاقًا في أحداقي
أراك حين أراك
تَحْدُو هواجسَنَا في التّيهِ أَخْيِلَةٌ
و تُبْرِقُ من أنينِ النّايِ أسئلةٌ
إنْ نحن أنهيْنَا مرحلةً صادتْنَا مرحلةٌ
زَيْغُ الفُضُولِ حينما تُغْري التّفاصيلُ ساكنَها
فآخْتَرْ لنفسِكَ ما يليقُ بها .....
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة