كانت تجلس في أعلى المدرج في الصف الأخير بعيدةً عن الجمهور الذي ملأ الصفوف الأولى في الأسفل
بينما الشاعر كان يلقي قصيدته الأخيرة في الأمسية بإحساسٍ عميق تفاعل معه الحضور بقوة
كان من على المنصَّة يتابع نظرتها المعلَّقة به وقد جلست أمامه في مستوى نظره
كانت تبكي بحرقةٍ وألم بينما الحضور يصفقون بحرارةٍ وكلما ازدادت حرارة التفاعل ازداد بكاؤها
هو لم يعرفها وقد أثاره بكاؤها غير أن نظرتها التي تعلقت به جذبته إليها بقوةٍ أعادته إلى ربع قرنٍ مضى من الزمن
ارتجف قلبه حين عرفها بينما كان يقرأ الأبيات الأخيرة والحاسمة من القصيدة
هي تعرفه وجاءت لأجله وكانت تظنُّ أنها ستحلُّ اشكالاً عمره ربع قرن لكن قصيدته الأخيرة أعاقت ذلك الحل
(اعتذار غير مقبول) هذا هو عنوان القصيدة التي لخَّصت العلاقة المبتورة بينهما
عندما أنهى قصيدته وانتهت معها الفعالية الأدبية، خرجت من الباب الخلفي
وبينما كان مقدم الفعالية يشكر الشاعر على ما قدَّمه ، خرج مسرعاً خلفها
كانت تجري بسرعةٍ وصوت نحيبها يصل إلى سمعه على بعده عنها
أسرع خلفها وصرخ باسمها فتسمَّرت في مكانها والتفتت دفعةً واحدة
وقف أمامها صامتاً ولم يسعفه لسانه بالكلام
كفكفتْ دموعها وتماسكتْ قليلاً وقالت:
لقد وصلتْ الفكرة وانتهى كلُّ شيء ثم عاد وخيَّم صمتٌ قاتل
كان لديه فضولٌ ليعرف أحوالها وما انتهت إليه
وكانت لديها نفس الرغبة ولكن جرح الكبرياء الذي خلَّفته في قلبه وعاد لينكأه في قلبها حال دون ذلك
هي لا تريد أن تعتذر بعد أن عرفت أن اعتذارها غير مقبول سلفاً
وهو لن يستطيع قبول اعتذارها بعد أن قرَّر وعلى الملأ أنه غير مقبول
عادت دموعها تنهمر بغزارةٍ وبدون كلام استدارت ومضت بينما وقف يرقب خطواتها المتسارعة حتى اختفت عن نظره
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة