كانت خطواتها ثابتة، تمشي على شاطئ الورود البنفسجية... نبيذ يتسلل من زجاجة خضراء يُغرق الشِّفة المطلية باللون الماروني.. مُثقلة الرأس تترنح كساق بيدرٍ يتراقص..
لا يثبت مع معزوفة التيار، نتقاسم الطريق لنلتقي ـــــــــــــــ
لا نلتقي.. يُملي عليّ الصّمت، أن أعانق وحدتها هي متوشحة شال الشّفق، أراها
على حواف الخيال، صورة مكبلة بشريط الأيام الخالية.
هل كان علينا لنلتقي؟
لنتوارث الأحزان...
نحن جميعنا نُجدف، على قارب الإنفصام
فهل تسوقنا لحظة النسيان؟
إلى كان المُنشق عن كينونته..
أنا هنا، ومع ذلك أنا غير موجود.
طيفُ التّوحد، كأي مشكلة تصدر من ذواتنا
تحاصرنا جوانبٌ، إجتماعية كثيرة، لا ندرك
ماهيتها. نكترث، أو لا نكترث لهذا الطّيف،
فنحن في زنزانة التّوحد، واحدٌ.
على رِماح هذا المساء، وسقوط الشّال الأحمر
من على كتفيها، هناك خطوة بين الخطوتين حينما تُطيل التأمل، إلى زنبقة انشرخت لها صلابة الزّجاج الشّفاف، تدرك أنّ المكان، والزّمان يكذبان علينا، وأن كلّ ما رأيناه كان مجرد وقتٍ، ثابت غير متحرك كالفجر الكاذب. هو فراغٌ شاسعٌ أن تدرك، ما لا يُدرك كنجمة ترجلت عن مكانها لتدخل دوامة لاستقرار، عبثا أن نجد من يحدثنا حديثا
قد لا تكون له خاتمة. تشبه البداية..
فأما الرّبيع ما كُنت لأكتب لولاه..
في الماضي كنت أنحني لكلّ زهرة تحمل على بتلاتها رسم الفخامة، سرير يَغرَق في الشّتاء بعطرها، هو ربما فن اللقاء، خارج سطر المجاز صورتان في وجهٍ قمحيٍّ، وأسمرٍ كيف يلتقيان في آنٍ ... بين فواهة الحيرة،
ولا حيرة قد يكون من الشّعر ما يَصنع داخلنا رجفةً إرتدادية، كأي زلزال اختار موقعهُ على أرضٍ هشة، الصّامتون يدلون بأصواتهم مجازا
ليس هناك ما يتحرك، بين العبارات غير التأمل. نحدق في الفكرة، فلا نجد غير رؤوسنا الخاوية تُمزق، سلاسل الكتمان
لتبوح بما لا يُباح.. أجراسٌ من جمال الشّمس بلون الليمون، تعانق تصورنا لجمالِ ومضة الحلم.... لليلة واحدة، لم أكن على مسرح
الجمر لكن كنت على دكة البدلاء.
يدٌ كقُطنِ الثّلج مشتبهٌ فيها.. تزور خصرِ كلّما أغمضت عيني بين النّوم واللا نوم أنام كالعنقاء متعب، وجهٌ يأتيني مع المطر، لتوقظني زخاته
مع بزوغ الفجر، وبرنوس الغيم
على رأس الجبل، يتشظى
كقطعِ صوفٍ، في وادٍ سحيق
قد تكون، خضرة الوهاد بديهية،
وأصوات المياه الرّقراقة بديهية،
وقد يكون اللا شيء.. يخرج من اللا شيء
بديهيا، في موسم الحصاد.
أرى غمامة تمشي، تحت معطف الليل كمهزومة، تحت هذه العتمة، كانت خطواتها ثابتة، وهي تترنح كغصن ارتوى من زجاجة الغربة.. هاربة من برودة الفجر.. مشتتة
من ضياعها إلى ضياعها
جُرِحَتْ باكرا فما السّبيل، إلى لملمت هذا الجرح الشّاسع على مرايا صدرها، مبعثرةٌ كأوراق لعبة البوكر قالت: لي أين أنا
من خطوتي المفقودة؟ هل أنا أمشي أمام نفسي؟ هل أنا أمشي خلف نفسي؟ أين أنا من خطوةٍ مفقودة تلاشت.. كسرابٍ بين أغصان اليأس، سافرت تبحث عن بقاياها لم تجد شيئا.
تُسامرها الجراح لتسكن لهيب الحقد
في نفسها، يغريها أمل الغد، تذوب الأجسام المتسابقة في خيالها، تشعر بانكسارٍ ما داخلها تنصرف، من دون أن تقول شيئا.
تلك أثارها، بين أزقة الرّمال، يترجاها المرمر البارد أن تدوس عليه بقدميها، أن تدفئه
ولو لحظة.. شفيفةُ الجسد... كأنها الهواء
هي بلباسها المقدس كسحر القمر،
وهو يرتدي ثوب الحرير الأصفر الذّهبي.
هناك على باب، هوية العاشقين، ما هو حري
أن يذكر... أطياف تزورنا تحملها قناديل البحر
ترتل أغاني العشق، الدّفين داخلها
هناك على باب، هوية العاشقين، ما هو حري
أن يُذكر... قد نستمتع بوماضات الشّعر وموسيقى حرف الضاد، وبلاغة عربي أشعث
يرنو حرفه، على حرف السموأل
هناك على باب، مدينة الزهور، هوية للعاشقين، وقصيدة تتغزل بقصيدة، ودماء تغسل عار، من خرج عن ميثاق العشق الأزلي.
كانت خطواتها ثابتة، وهي تبكي، وتضحك، وتقفز كفراشة، من مزهرية إلى مزهرية
تبحث كأي طفلة.. عن وطنها الأزرق
تبتعد لتقترب.. تصوب عينيها، إلى فوهة البحر.
مشنقة القرموط
على يد حورية النهرين،
وهذا الموج العابر، كطيفٍ حيّ تحت مئزرٍ مرقشٍ بالزمرد، يتنهد الليل، فتتناثر النجوم
على حجرها، كشعاعِ ماس، يتوهج ضعيفا
يتغلغل، صوتها السّاحر
كريشة مملوءة بزيت الڨواش.. تخط أزهار الياسمين على قماشةٍ قشيبةٍ.. ناصعة البياض. أبصرت بغير قصد ذكراها، وهي تذوب كشهدٍ يعصر عسله، داخل شريان قلبي
أقرأ هذا الخط الرملي.. فتقول القصيدة
ما لا أَعنيه.. فليس كلّ حرف تستسيغه أرواحنا حرفا.. فبعض الكلمات مثل الخنجر إن سلمنا لها تذبحنا.. تُضايقني همهمة المجهول، فعلى أي باخرة، يكون رحيلنا؟ نستيقظ على أرض
هي منفانا، فعلى أي غمامة، تزحلقنا
إلى مثوانا، تمشي، وتبكي، وتقول...
وما زالت خطواتها ثابتة، على شواطئ الورد كماءٍ ينزف من جراحها.. ليسقي البنفسج
فتتجلى الرّوح الطاهرة، الخفية فيها، كعذقٍ تتسلل فروعهُ، إلى نفسها لتحاور الكأبة المدفونة داخلها، أحيانا تزاوج الإحساس. بإحساسها المرهف، يصنع منها بحيرةَ عشق
لا حدود لها، ربما نسيت الأولون مكانها، لكن أريج رائحتها الزكية، يجلب لها حتى الأموات
حفلة تأبين.. السّمك يصفق للبحر.. أن أعاد لنا أمواتنا، وهي مازالت، خطواتها ثابته تمشي. على شاطئ الورود البنفسجية
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة