الوردة الجميلة التى اهداها الله لنا ،النعمة العظيمة التي تبهج حياتنا ،البسمة الصادقة التي لايخالطها زيف ولافتور ،ولا يشوبها اصطناع ،الحيوية التي لايعكرها لغوب ،بدائع الله في خلقه للانسان فسحة الروح ،والبراءة التي نخسرها مع مرور الزمن من أنفسنا جراء الصدمات والاحزان ومخالطة الوان البشر ، جولة الخاطر ،اذ نسبح في روض براءتهم وعربدتهم ، ونحن بين هذا وذاك نبحث عن ذاك الطفل الذي ينام بأعماق الروح يبحث عن الحقيقة في زمن المهلكات وعن الشرف في زمن الخذلان وعن النقاء في زمن التلون ،وعن البراءة بين قهر الاجرام .
الأطفا ل وما أدراك ما الأطفال ؟،سكر قهوتنا وعبير زهورنا وتطريزة أرواحنا الضائعة في هذا الزمن الموحش الذي نحس فيه بالغرابة .قلب الحياة النابض عماد النفوس ، النسمة العليلة التي تنعش الروح .
كم هو سهل أن نتركهم يعيشون الطفولة دون أن نلوثها بصراخنا وعنجهيتنا وتسلطنا ،فنوجه بقسوة ونربي بعنف ونعلم بتوتر .
كم هو سهل ادراجهم في مضمار الحياة بكل سهولة ،لكننا نختار الطريق الخطأ ونظن أن الأمر يتطلب منا توجيههم بحزم فيصيروا كالجنود يرسمون خطة لمجابهة معارك الحياة ،ولا نعلم اننا حطمنا وما بنينا وبعثرنا وما لملمنا شتات أطفالنا.
كم هو سهل إسعاد طفل من الأطفال ،فكلهم على قلب واحد ،يتطلب منا ذلك قليلا من الصبر و بصيصا من الأمل .
تتلاحق الأفكار وتمر جملة ابنتي كنجمة بارقة في ذاكرتي ،لقد تجولنا وفرحنا ،بسيطة هي أحلام الأطفال ،حبة حلوى ، جولة تغسل خواطرهم المؤنبة ، حفلة يخرجون فيها مكبوتات باتت تؤرق مضاجعهم فلا ينامون ،ولا نحس بهم ،عناق مملوء بالحب والمودة ، بسمة ،قصة ،لمسة حانية واحيانا شربة ماء هنية تروي ظمأهم ، لعبة يكتشفون اسرار تركيبها ، اكلة مفضلة تضعها امامهم تجعلهم يشعرون أن العالم كلهم بين أيديهم.
بسطاء هم الأطفال .عقلاء رغم التمرد، متمرسون في صنع الفرح .
فلاتحرموهم منه ولاتتسببوا في نزول عبراتهم الغالية واسعوا لجعلها دموع فرح نازلة على وجنتين تستحقان ان تسعدا بالبسمات .
اسهروا على راحتهم لأنكم تسعون خلف راحتكم ،واثبتوا على الحق وأورثوهم العلم واشملوهم بالرعاية والحنان .
وكونوا وسطا تَسْعدُون وتُسْعِدُون .
الطفل يؤخذ لبه بكلمة حانية فاختاروا الفاظكم ،وكونوا كزرابي مبثوثة أمام دروب الأطفال تصححون وتُقوّمون وتحضرونهم لمجابهة الحياة .
الطفولة المرحلة العمرية البهيجة حيث لاقيود ولا تعثرات مميتة بل كلها انتفاضات واستعداد للمستقبل ، ليتنا نعود أطفالا فيكون كلامنا حكمة وصمتنا تأملا ونظرتنا ثاقبة تعيد تكامل الأحياء .
كل واحد منا يملك طفلا نائما في نفسه ، فعندما نسامح ونغفر ونتجاوز ونلهف كل هذه الاحاسيس الصادقة هي أحاسيس الطفولة الجميلة التي لايفسدها خبث ولا حسد مُتوَّجة بالصدق والعفوية .
كم هو جميل عالم الاحلام عالم تتطاير فيه الانفس وتعلو مع السحاب الأبيض الجميل .كم هو ممتع عالم ننسى فيه كل المكدرات فإذا صاحبنا غم أو حزن ما علينا سوى ارتياد عالمهم لبضعة ثوان ،لنجد أنفسنا مجنحة تهيم في فضاء البسمات فنحظى بالراحة التي طالما بحثنا عنها.
وأخيرا بعد بحث طويل وتمرس وجدت ضالتي في ثلاث مواضع ، مع شيخ حكيم أو طفل مشاغب يملك الكون ببساطته او خلوة بكتاب الله والتدبر في معانيه .
فالطفل جميل منطقه وحلمه وتصوره ومشاغبته وحتى في مواجهته للأشياء خاصة ان كان منبته في بيئة مناسبة سوية .
من منا لايحبهم ؟ومن يقول غير ذلك معاند ومكابر .
أحبهم أحب غيرتهم البريئة ، احب امنياتهم البسيطة ، احب لهفتهم ،احب جموحهم عن الشر ومسارعتهم نحو الخير بمجرد ان عرفوا أن لهذا الكون خالقا يرضيه فعل الخير ،احب ثقتهم في الله ، احب تفاؤلهم ، وتجاوزهم ،احب رجاءهم وطول بالهم ،احب فيهم التضامن والصمود والاصرار ،احب كفاحهم من أجل نيل الاماني .
احيانا يغلبني الشوق والحنين الى الطفلة التي مازالت في أعماقي ولا أجد منها سوى اسمها ،فلقد تغير كل شيء ،صارت كلماتنا موزونة ،واحلامنا مقيدة وتصرفاتنا مضبوطة ،فهنيئا لكم أيها الأطفال ماملكتم ،وماحزتم ولتعيشوا الحياة وهي مليئة بالفرح والسرور ،لأن الحياة لن تبقيكم بنفس العفوية
ولن تستطيعوا البقاء في توازن مطلق ،ستتأرجحون على كفتي الميزان بين العثرات ، فعيشوا كل ثانية كما سطرها الله لكم بحلاوتها وجمالها .
وليبحث كل انسان عن الطفل الذي ينام بين خبايا روحه ليتمكن من الاستمرار وسط ضباب الحياة .
يسعدني ان أبقي على تلك الطفلة بداخلي لأنها تشعرني بأني مازلت اتمتع بالانسانية التي تنبض معها الحياة .
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة