على مر الزمان نمر بمراحل و محطات، تؤثر فينا ونتأثر بها ؛ تأتي لنا بأشياء وحكايات ،كانت في اعتقادنا بعيدة المنال ؛ لكننا كنا نتمناها و نحلم بها ،ذلك لأنها ستمدنا بأسباب الاستمرار في حياة كنا نحياها بلا معني، وكأننا تروس للحركة في آلة تلاشت وخبت فيها المشاعر والعاطفة والحب،حياة رتيبة بلا أحلام و بلا رفيق يملأ فراغ روحنا و يدفعها نحو طموح تلو الآخر وأملا بعد أمل.!!
و لما كان عالم اليوم يختلف عن عالم الأمس؛ فقد تغيرت الوسائل حتى في عالم العلاقات الإنسانية ,و لم تعد المسافات عائقا أمام تآلف الأرواح و المشاعر والعواطف و ربطها بأقوى رابطة في الحياة و هي رابطة الحب.!!!
كان "أحمد عز الدين" من الأدباء والشعراء العرب الذي ذاع صيته في أروقة الأدب و منتدياته و أصبح اسمه يتردد على نطاق واسع في العالم العربي و الخارجي أيضا!!
فقد سطع نجمه من خلال أعماله الأدبية من شعر و أدب جذب جمهورا كبيرا من القراء و حتى الأدباء والشعراء لقراءة ومتابعة قصائده و قصصه و رواياته.
كان "أحمد عز الدين "في عقده الخامس أنيقا هاديء الطبع بسيطا، كان يعيش وحيدا في إحدى محافظات مصر، بعد أن توفيت زوجته منذ عدة سنوات.!!
و كان رغم شهرته يعيش بين جدران منزله ؛معزولا عن كل من حوله ؛حيث أن أبنائه وبناته كانوا قد تزوجوا , و كل يحيا حياة مستقلة مع زوجه وصغاره!!.
لم يكن يربط "أحمد عز الدين" بعالم اليوم سوى وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك وخلافه.!!
و كان ينشر كل أعماله الأدبية على صفحات ومنتديات و مجلات إلكترونية و المنتشرة في كل بقاع الأرض و التي أصبحت من أروج الوسائل؛ لنشر الفكر والأدب؛ و أسرعها انتشارا و يتابعها الملايين حول العالم !!
كان "أحمد عز الدين " يقضي وقته بين الكتابة و متابعة جمهوره عبر صفحات السوشيال ميديا.
كان يشعر بالوحدة لكنه كان رابط الجأش ، لا يظهر معاناته لأحد ممن حوله، حتى لأبنائه.!!
و في صباح أحد الأيام و بينما كان "أحمد عز الدين " يتصفح صفحته الشخصية يجد طلب صداقة من "ثريا", سيدة وقور في عقدها الرابع من العمر ، عربية ومثقفة و حاصلة على درجة جامعية ، كانت قد هاجرت إلى دولة أوروبية غنية ، و حصلت على جنسيتها و على وظيفة محترمة بعد أن تخرجت من الجامعة ولم تتوفر لها فرصة عمل في بلدها العربي !!
و من الصدف الغريبة أنها أيضا كانت أرملة بعد أن توفي زوجها منذ خمس سنوات و ترك لها ولدا " ميسرة" ذو الثمانية عشر عاما ،وإبنة "مرنا" ذات السادسة عشر!!
كانت "ثريا" تكتب و لها جمهورها على وسائل التواصل الاجتماعي وتنشر مقالاتها الأدبية و التي كانت معظمها مقالات دينيه و تربوية مع اهتمامها بفروع الأدب الأخرى!!.
تعرفت على " أحمد عز الدين " من خلال ما
ينشره من شعر وأدب، و كلاهما كان محط أنظار الآخر بالتعقيب و الإطراء و التشجيع !!!
و من ثم تتطور العلاقة بين الإثنين إلى حد أن تكون" ثريا "مصدر و رافد إبداعات "أحمد عز الدين " حتى أن " ثريا "أصبحت الطيف الدائم و الملازم ل "أحمد عز الدين" في قصائده و أشعاره!!!
و لم يكن يخفى عليها أنه من خلال ما يكتبه أنها قد أصبحت تستحوز على تفكيره و اهتمامه!!!
و في صباح أحد الأيام و بعد أن فرغا الاثنان من صلاة الفجر و بالتحديد ساعة شروق الشمس بدأت "ثريا" حديثها مع "أحمد عز الدين " بعد السلام و السؤال عن الأحوال. سألته كيف قضى ليلته و كيف نام ؟
سألته عن الحالة الإجتماعية و لدهشتها وجدت فيه الشخص الذي يليق بها صديقا و أليفا !!...... بل وليس هناك مانع حتى ليكون حبيبا و زوجا!!!
بادرها "أحمد عز الدين" بأنه يشعر بفراغ كبير و أنه كان يحلم أن يقابل سيدة محترمة و متدينة مثلها ؛ بل وإنه على استعداد للسفر إليها ،و كذا الزواج منها حالما تسنح له الفرصة ،و التي يأمل أن تكون في أقرب وقت!!
يتفق الإثنان على تقوية رابطة الود بينهما الي أن يحين موعد اللقاء، قرب أم بعد فيكفيهما أن يعيشا على أمل!!
لم يكن يمر يوما دون الإتصال مع " أحمد عز الدين" والحديث عن الكتابة والأدب و ماينشره ؛ بل ويتطرق الحديث عن الصلاة والأنشطة اليومية ،و الأكل و العادات الشخصية و الأشياء المفضلة لديهم والغير مفضلة ،حتى حدث ارتباطا وجدانيا بينهما لم يعد يقبل الانفصال.!!
لقد كان الرجل رزينا لا يتفوه إلا بكل احترام وأدب حتى أنه عندما سألته" ثريا "كيف أنه أحبها دون أن يرى صورة شخصية لها فقد خلت صفحتها من أية صور ؟!!
يرد عليها ردا يحوي الكثير من المعاني السامقة ؛ حين فاجأها أنه أحبها من كتاباتها ورسم صورتها من ثنايا كلماتها التي تزخر بالروعة و الجمال و درر الكلام.!!
يجيبها ؛ أنه تخيل ملامحها الجميلة كسيدة على قدر كبير من الجمال ؛ وحفر صورتها في قلبه و سكنت في وتينه!!!
يقول " يا سيدتي أنا لست مراهقا لأبحث عن صورة لك ، بل يكفيني كلمة منك و سؤال عني فكلماتك تملأ قلبي فرحا و سعادة!!
و تبعث في الأمل و تغذي روحي بفيض من العاطفة التي كادت أن تجف و تبهت لولا وجودك في حياتي!!
ثم يردف قائلا:
الحمد لله ان ملأ حياتي بسيدة مثلك و أدعو الله أن يجمعنا في أقرب وقت على خير!!
تودعه " ثريا" بأعطر الكلمات و توصيه على أن يهتم بنفسه ؛ و هو كذلك يودعها بأرق وأنقى الكلام و يستودعها لله " في أمان الله ورعايته,خل بالك من نفسك" "لا تنسي أن تطمئنيني عليك و على الأولاد "!!
ترد عليه"إن شاء الله "
لقد وجد "أحمد عز الدين" نصفه الآخر ، وجد الإنسانة التي تسأل عنه و تؤنسه في وحشة الوحدة القاسية ، وجد من تهتم به و من تحيل حياته إلى شيء جميل بطعم و نكهة و رائحة مختلفة عن حياة العزلة المميته!!!
انتظروا الجزء الثاني قريباً إن شاء الله
الكاتب والأديب د/زين العابدين فتح الله
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة