مزقوا ثوبها .. مزقوا بشرتها الحمراء ..
حاولت الطيران بعيدا لكن كاحلها كان أعرجا .. انتهكوا قداستها ببراعم العنب المسحوقة .. ودحرجوها على شظايا الفحم لتختنق تحت الغبار الأسود المتلألئ وهي تلوح بذراعيها تحت قوس الأشجار القديمة.
رأيتها تترنح وهم حولها يرددون صلاة كافر .. يرددون أصواتا بحفيف أجنحة الجفون .. أصوات تتدفق من ماء البحيرات الآدمية الآسنة .. كانت دموعها الهزيلة تنهمر على تلال خديها .. ذهبوا بها الى الداخل .. جرجروها .. وهي تغطي عينيها بألياف شفافة من حرير لا تسمح للوقت بالسفر بعيدا عبر بوابات الحقد أو ربما إلى العوالم التي تلهث فيها الأنفاس الشريرة حيث لا تستريح .. كانت عيناها ترفرفان حينا وتستقران للحظات أخرى لتنعيم جوارحها وجروحها التي تتخثر أكثر فأكثر ..
بدأت الريح تهز الليل في الخارج عندما تخدرت الوسادة تحت شعرها الطويل وعينيها مغمضتين .. أتذكر أنهم كانوا يبتسمون لها على رقبتها لتزدهر القبلات على فمها .. كانت نجوم سمائهم تسقط أمامها تباعا لتختلط بكل ورودها الحمراء والبيضاء والوردية .. وفي الصباح الباكر ، كانت كل مساحيقها تتغطى برمل الحب والسلام .. باتت تزرع ريشها بين احجارهم الباردة .. وأصبحت سعيدة تكفكف عن دموعها .. وهي تقول لي : إني لست أنا العذراء الوحيدة من كل فتيات العالم المعلقة .. ولكن أنا الوحيدة التي تم هتك عرضها في رطوبة الزمن .
ولما فقست كل بيوضهم ، كانت زنابيرها الربيعية ترتجف في سماء غرفتها وطيورها جاثمة على كتفها ولغطاتها الحزينة تلطف حفيف صفصافتها الباكية لأنها أصبحت أما للقطاء المدينة .
شكرا لمروركم لا تنسوا متابعة المدونة ومشاركة نصوصكم على صفحاتكم ومواقع التواصل كافة